عاد مضيق هرمز، أهم شريان نفطي في العالم، إلى دائرة الضوء، بعد أن احتجزت إيران سفينة ترفع علم كوريا الجنوبية في مياه الخليج واعتقلت أفراد طاقمها، في وقت تشهد العلاقات بين طهران وسيول توتراً بخصوص أرصدة إيرانية مجمدة في بنوك كورية جنوبية بسبب العقوبات الأميركية على طهران.
ويتزايد القلق في أسواق النفط العالمية، بشأن نحو خمس الإمدادات التي تمر عبر مضيق هرمز، في ظل تصاعد نذر المواجهة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران في الأيام الأخيرة، فضلا عن حوادث احتجاز السفن المارة في مياه الخليج.
ونقلت وكالة فرانس برس، اليوم الثلاثاء، عن شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية، أن نحو 20% من إنتاج العالم من النفط يمر عبر المضيق أي نحو 17.4 مليون برميل يومياً في حين بلغ الاستهلاك نحو 100 مليون برميل يومياً عام 2018.
ويمر عبر المضيق معظم صادرات الخام من السعودية والإمارات والكويت والعراق وإيران، وجميعها دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، كما يمر عبره كل إنتاج قطر تقريباً من الغاز الطبيعي المسال، وهي أكبر مُصدر له في العالم. وسعت الإمارات والسعودية إلى العثور على طرق أخرى لتجنب المضيق وشمل ذلك مد المزيد من خطوط أنابيب النفط.
وكلما يتزايد التوتر في الخليج وتهديد الملاحة البحرية، وتحديداً تهديد وصول إمدادات النفط الخليجي إلى السوق العالمية عبر مضيق هرمز، يتم طرح بدائل لتصدير النفط عبر ممرات أخرى، بيد أن الحلول المطروحة تبدو أكثر كلفة في وقت تواجه الدول المصدرة ضغوطا مالية بسبب تراجع عائدات التصدير في ظل هبوط الأسعار العالمية، فضلا عن طول أمد تنفيذ أغلب الحلول.
ويربط مضيق هرمز الخليج بخليج عمان وبحر العرب، ويبلغ عرض المضيق 33 كيلومترا عند أضيق جزء منه، فيما لا يتجاوز عرض ممري الدخول والخروج فيه ثلاثة كيلومترات في كلا الاتجاهين.
وسبق أن شهدت الأعوام الأخيرة، حوادث احتجاز سفن النفط من قبل إيران، لاسيما بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات خانقة على طهران استهدفت تصفير صادراتها النفطية في أعقاب انسحاب الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي في الخامس من مايو/ أيار 2018.
فقد اعترض الحرس الثوري الإيراني في 14 يوليو/ تموز 2019، ناقلة أجنبية، اتهمها بنقل نفط مهرّب، جنوبي جزيرة لاراك الإيرانية، في مضيق هرمز.
وقال الحرس الثوري إن الناقلة التي تبلغ سعتها "مليوني لتر وعلى متنها 12 من أفراد الطاقم الأجانب كانت في طريقها لتوصيل النفط المهرب، الذي تسلمته من مراكب إيرانية إلى سفن أجنبية".
وفي 19 يوليو/ تموز من العام الماضي، حاصر الحرس الثوري الإيراني الناقلة "ستينا إمبيرو" التي ترفع العلم البريطاني بعد ساعات قليلة من إعلان محكمة جبل طارق تمديد احتجاز ناقلة نفط إيرانية، في حين أفرجت طهران عن "ستينا إمبيرو" بعد نحو شهرين من الاحتجاز .
كما احتجزت طهران ناقلة نفط ثالثة في 31 يوليو/ تموز الماضي، على متنها سبعة من أفراد الطاقم الأجانب، مؤكدة أنها كانت تحمل 700 ألف لتر من الوقود المهرب.
وقال الحرس الثوري إنه تم نقل السفينة إلى محافظة بوشهر (جنوب) وتسليمها للسلطات، مشيراً إلى أنها كانت في طريقها لتوصيل النفط الخام إلى دول في الخليج. ولم يُكشف عن هوية السفينة ولا جنسية أفراد الطاقم عند احتجازها.
وفي السابع من سبتمبر/ أيلول، أعلنت إيران أن خفر السواحل احتجز زورقًا يشتبه بأنه كان يحمل وقوداً مهرّبًا وتم توقيف 12 فيليبينيا كانوا على متنه.
وفي مقابل العقوبات الأميركية التي تستهدف وقف تصدير النفط الإيراني، هددت إيران بتعطيل شحنات النفط عبر مضيق هرمز إذا حاولت الولايات المتحدة خنق اقتصادها.
وسبق أن شهد المضيق مناوشات بين واشنطن وطهران، ففي مطلع 2008، قالت الولايات المتحدة إن الزوارق الإيرانية هددت ثلاث سفن تابعة للبحرية الأميركية في المضيق.
وفي يناير/ كانون الثاني 2012، هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز، رداً على عقوبات أميركية وأوروبية استهدفت إيراداتها النفطية في محاولة لوقف برنامج طهران النووي.
في يوليو/ تموز 2018، لمح الرئيس الإيراني حسن روحاني، إلى أن بلاده قد تعطل مرور النفط عبر مضيق هرمز، رداً على دعوات أميركية لخفض صادرات إيران من الخام إلى الصفر. وفي مايو/ أيار 2019، هوجمت أربع سفن بينها ناقلتا نفط سعوديتان قبالة ساحل الإمارات قرب الفجيرة خارج مضيق هرمز.
ولا تعد سياسة خنق النفط المار عبر مضيق هرمز حديثة العهد في ظل التوترات الأميركية الإيرانية، وإنما سعى كل من العراق وإيران خلال حربهما بين عامي 1980 و1988 إلى عرقلة صادرات نفط البلد الآخر في ما عرف في ذلك الوقت بحرب الناقلات.