رجح محللون ماليون ألا يتخذ الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) أي خطوات خلال اجتماعه الأول لعام 2021، يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، بعد أسبوع على تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، والذي اختار رئيسة الاحتياطي الفدرالي السابقة جانيت يلين لتولي وزارة الخزانة.
وولّى زمن التغريدات الهجومية لدونالد ترامب بحق "الأغبياء" في الاحتياطي الفدرالي "الذين يفتقرون إلى الكفاءة والمثيرين للشفقة". وكذلك ولّى زمن الاتهامات الموجهة إلى رئيسه بإبطاء النمو الاقتصادي. ويتوقع أن تعود علاقة الاحتياطي الفدرالي إلى سابق عهدها مع الإدارة الأميركية الجديدة ولن يضطر بعد اليوم إلى اتخاذ مواقف عدائية لحماية استقلاليته.
وأعلنت جين بساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض "يكنّ جو بايدن الكثير من الاحترام للاحتياطي الفدرالي والدور الذي يضطلع به".
والأهم أن المحاور الرئيسي لأعضاء الاحتياطي الفدرالي سيكون شخصية يعرفونها جيداً هي رئيسة البنك المركزي الأميركي السابقة جانيت يلين (2014 إلى 2018) التي عينت وزيرة للخزانة، ما يعادل منصب وزيرة المال والاقتصاد. ولا يزال يتعين على مجلس الشيوخ المصادقة على تعيينها، لكن نتيجة التصويت شبه محسومة لصالحها.
وصرح غريغوري داكو المحلل لدى "اكسفورد ايكونوميكس"، "هذا يساهم ضمنا في إيجاد تحالف متين بين الاحتياطي الفدرالي والخزانة".
وأضاف داكو أن من شأن ذلك "أن تكون هناك مجموعتان من الأشخاص برؤية واحدة لمستقبل الولايات المتحدة الاقتصادي، ما يساعد على تنسيق أكثر إيجابية وعمقاً".
حتى وإن أشاد وزير الخزانة السابق ستيفن منوشين ورئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بانتظام بعلاقة العمل الجيدة التي تربطهما، فقد توترت العلاقات بين الهيئتين في الأسابيع الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب عندما أرادت إدارته تقصير برامج المساعدة للاحتياطي الفدرالي.
وحالياً لا يتوقع أن يتخذ الاحتياطي أي قرار خلال أول اجتماع نقدي لعام 2021. ومعدلات الفائدة سلبية أصلاً، إذ أعلن جيروم باول مؤخراً أن المؤسسة "ستبلغ العالم مسبقاً" عندما سيحين وقت خفض شراء الأصول.
وصرحت ستيفاني ارونسون نائبة رئيس مؤسسة "بروكينغز انستيتوشن" خبيرة الاقتصاد السابقة في الاحتياطي الفدرالي لوكالة فرانس برس "أعتقد أنهم رسموا نهجهم بوضوح". وأضافت "سأفاجأ إذا تغير ذلك في الربيع".
ومنذ مارس/ آذار الماضي استخدم البنك المركزي الأميركي عدة أدوات نقدية غير مسبوقة وحتى إنه لجأ إلى إيجاد المزيد. وكان الاحتياطي الفدرالي قد بدأ بخفض معدلات الفائدة بصورة عاجلة قبل مدّ السوق بالسيولة تفادياً لأزمة مالية تضاف إلى الأزمتين الصحية والاقتصادية، ووضع بالتعاون مع الخزانة برامج قروض للمؤسسات.
واليوم يعيش أكثر من 16 مليون أميركي بفضل مخصصات البطالة ولا تزال آثار وباء كوفيد-19 تنعكس سلباً على الاقتصاد. وأعاد المسؤولون في الاحتياطي الفدرالي مراراً الكرة إلى معسكر إدارة ترامب والكونغرس، مشددين على أهمية المساعدات الجديدة للحكومة الفدرالية تفادياً لإغراق البلاد أكثر في الأزمة ولدعم النهوض.
وقدم جو بايدن برنامجاً طارئاً بقيمة 1900 مليار دولار تتبعه خطة نهوض لإيجاد "ملايين الوظائف عالية الأجر" في مجالي البنى التحتية والطاقة المراعية للبيئة.
وقال غريغوري داكو إن من شأن ذلك أن يمنح الفدرالي الأميركي "فرصة صغيرة لأخذ مسافة"، لأنه "لو أنه كان مفيداً جداً في المرحلة الأولى فهو لا يملك الأدوات ولا القدرة على تلبية حاجات الاقتصاد".
ورأى أن على الاحتياطي الفدرالي أن يصبح "داعماً للاقتصاد وليس الجهة المسؤولة الرئيسية" عنه، موضحاً أنه منذ الأزمة المالية في 2007-2008 "تتحمّل المؤسسة أكثر من طاقتها لناحية الدعم الاقتصادي".
(فرانس برس)