بدأت الحكومة الأردنية باتخاذ خطوات لتعزيز الأمن الغذائي خلال الفترة المقبلة للحد من تأثر البلاد بالضغوط على حركة الإمدادات العالمية، وسط احتمالات تطورها بسبب الصراعات الدولية والتغير المناخي وارتفاع الطلب في مقابل تراجع الإنتاج الزراعي.
وأكدت مصادر معنية بالملف لـ "العربي الجديد" أن قرار مجلس الوزراء بإنشاء مجلس الأمن الغذائي يعد خطوة أساسية لتوحيد الجهود الهادفة للمحافظة على الأمن الغذائي، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتحوط بالسلع الأساسية بما يغطي الاحتياجات المحلية لأطول فترة ممكنة.
وشددوا على أهمية تحفيز الإنتاج الزراعي وزيادة المساحات المزروعة بعدما شهدت تراجعاً واضحاً خلال السنوات الماضية. وبحسب المصادر فإن معضلة الأمن الغذائي ستكون الأكبر التي ستواجه الأردن مستقبلاً كونه يستورد ما لا يقل عن 80 في المائة من احتياجاته الغذائية من الأسواق الخارجية لعدم كفاية الإنتاج المحلي من السلع.
وقال مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران لـ"العربي الجديد" إن تعزيز الأمن الغذائي يتطلب أيضا الاهتمام بالقطاع الزراعي ومعالجة المشكلات التي يعاني منها، خاصة ارتفاع كلف الإنتاج والأعباء المالية المتراكمة على المزارعين. وأشار إلى أن هنالك إمكانية لزيادة المساحات الزراعية في الأردن في ضوء خصوبة الأراضي، لكنها تحتاج إلى المياه والتسهيلات المالية والدعم والحوافز من قبل الحكومة.
وكانت نقابة تجار المواد الغذائية رحبت بمجموعة الإجراءات التي أقرّها مجلس الوزراء أخيرا لتعزيز مخزون المملكة الاستراتيجي من الغذاء. وأشارت نقابة التجار إلى أهمية المحافظة على مخزون استراتيجي آمن، خاصة في ضوء الاضطرابات الحاصلة عالميا في سلاسل الإنتاج وارتفاع الاسعار في بلدان المنشأ، إلى جانب ارتفاع أجور الشحن وقيام بعض الدول المنتجة بالحد من صادراتها أو فرض ضرائب ورسوم على صادراتها للاحتفاظ بمخزونها.
وبحسب نقابة التجار فإن القطاع الخاص يتولى تأمين كل المواد الأساسية والسلع الضرورية باستثناء القمح الذي تستورده الحكومة. وأشار تقرير حديث للبنك الدولي إلى أنّه رغم انخفاض نسبة مساهمة قطاع الزراعة الذي يشكل 5.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للأردن، فإن سلسلة القيمة الزراعية والغذائية تمثل ما بين 15 و20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف أكثر من 15 في المائة من السكان.
ووفق تصريحات أخيرة لوزير الزراعة فإنّ الدولة تسعى لزيادة الإنتاجية الزراعية بما يتراوح بين 30 و50 في المائة مع استحداث ما يصل إلى 40 ألف وظيفة في فترة ثلاث سنوات. وكانت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في الأردن شكلت لجنة استشارية تضم مجموعة من الخبراء للقطاع الزراعي لتقديم المشورة في القضايا التي تتعلق بالأمن الغذائي، وذلك في ظل التحديات التي يواجهها هذا القطاع وتفعيل دوره في تحقيق أهداف التنمية المستدامة حتى عام 2030. وبحسب مؤشر الأمن الغذائي العالمي بلغ ترتيب الأردن 62، وذلك بسبب الضعف الواضح في البحث والتطوير الزراعي الذي لم يسجل به الأردن أكثر من 22 في المائة.