قال وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الخميس، إنه لن يتم تقديم أي مساعدات إنسانية أو موارد إلى قطاع غزة إلى أن تطلق حركة حماس الأشخاص الذين احتجزتهم في هجومها في نهاية الأسبوع.
وتابع في بيان: "مساعدات إنسانية إلى غزة؟ لن يتم تشغيل مفتاح كهربائي ولن يفتح صنبور مياه ولن تدخل شاحنة وقود حتى يعود المخطوفون الإسرائيليون إلى ديارهم، لن يعظنا أحد بالأخلاق".
وتمنع إسرائيل الماء والكهرباء والوقود عن غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، حين أطلقت حركة "حماس" عملية "طوفان الأقصى" العسكرية ضد المستوطنات الإسرائيلية، ردا على ما تؤكد أنها "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته".
وحذرت مؤسسات إنسانية وحقوقية إسرائيلية وفلسطينية ودولية من حدوث كارثة إنسانية في حال استمرار منع الماء والكهرباء والوقود عن غزة.
ومنذ السبت، تواصل المقاتلات الإسرائيلية شن غاراتها على مناطق متفرقة من القطاع، أسفرت عن دمار هائل بالمقدرات المدنية وخسائر كبيرة بالأرواح ونزوح مئات الآلاف من السكان في غزة.
ويعيش في غزة أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة للغاية جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.
وأكدت "حماس" أنها لن تتفاوض بشأن مصير الأسرى طالما تواصل إسرائيل شن حربها على غزة، ترغب الحركة في مبادلتهم مع أكثر من 5 آلاف فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.
لا مفر
ولا يجد معظم سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة الكهرباء أو المياه ومع سقوط مئات الصواريخ الإسرائيلية على مناطقهم الصغيرة، لم يعد لديهم مكان يفرون إليه.
وتوقفت محطة الكهرباء الوحيدة في غزة، والتي كانت تعمل بشكل متقطع لعدة أيام، أمس الأربعاء، بعد نفاد الوقود. وبدون كهرباء، لا يمكن ضخ المياه إلى المنازل. وفي الليل، يسود ظلام حالك تقريبا تتخلله كرات ملتهبة ناجمة عن الضربات الجوية وأضواء الهواتف المحمولة التي يستخدمها سكان غزة كمصابيح.
وفي مستشفى بخانيونس، جنوب غزة، اصطف الأقارب والأصدقاء خارج المشرحة المكتظة حيث تراصت الجثث على الأرض سواء لامتلاء الثلاجات أو لانقطاع التيار الكهربائي. وسعى المشيعون إلى دفن أحبائهم بسرعة قبل أن تتعفن الجثث في ظل درجات الحرارة العالية على غير العادة في هذا الوقت من العام.
وأجرت رويترز مقابلات مع أكثر من 30 شخصا في غزة، وتحدثوا عن الخوف واليأس في مواجهة ما وصفوه بأنه أسوأ أعمال عنف يشهدونها على الإطلاق.
ومع إغلاق السلطات المصرية الحدود مع القطاع يقول السكان إنهم محاصرون. ويخشون أن الأسوأ لم يأت بعد بما في ذلك غزو بري محتمل.
وكانت بلدة بيت حانون من بين أولى المناطق التي تضررت بشدة من الضربات الإسرائيلية، إذ دمرت العديد من الطرق والمباني وشردت الآلاف. ولم يكن هناك مفر لعائلة علاء الكفارنة.
وقال الرجل البالغ من العمر 31 عاما إنه فر من البلدة يوم السبت مع زوجته الحبلى ووالده وإخوته وأبناء عمومته وأصهاره، وتوجهوا بالسيارة إلى مخيم الشاطئ للاجئين على الساحل حيث كانوا يأملون بأن يكون أكثر أمانا. لكن الهجمات الجوية بدأت تستهدف تلك المنطقة أيضا، لذا توجهوا إلى الشيخ رضوان، وهي منطقة أخرى في الشرق.
وأضاف الكفارنة أن غارة جوية ضربت المبنى الذي كان يلجأ إليه وعائلته مساء الثلاثاء، ما أدى إلى مقتلهم جميعا إلا هو. وقال الكفارنة خارج مستشفى الشفاء في مدينة غزة وقد أصيب في رأسه وتمتد جبيرة من كتفه إلى معصمه "هربنا من الخطر إلى الموت".
وكان يجلس على الرصيف بالقرب من مئات آخرين باتوا في العراء بجوار المستشفى. وقال البعض إنهم يأملون بأن يوفر بقاؤهم بجوار المستشفى بعض الحماية من القصف.
تناقص المخزون الطبي
وقال يوسف داير (45 عاما)، وهو جالس على الأرض قرب المستشفى: "أنا بلا مأوى الآن. ربما يكون آمنا. ربما. هذا مكان مدني مسالم، أليس كذلك؟ ربما لا. لا يوجد مكان يبدو آمنا".
وجلب بعض الأشخاص خارج المستشفى أغطية أو قطعا من الورق المقوى للنوم عليها، بينما ألقى آخرون أنفسهم على الأرض. وكانت هناك طوابير طويلة أمام المراحيض القليلة الموجودة داخل المستشفى.
وفر أكثر من 250 ألفا من سكان غزة من منازلهم منذ يوم السبت، بحسب الأمم المتحدة. وتقول بعض وكالات الإغاثة في غزة إن الظروف هي الأسوأ التي تحفظها ذاكرتها حتى بعد الصراعات المتكررة والحصار الإسرائيلي المفروض منذ 16 عاما.
وقال هشام مهنا، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، إن "الخسارة المدنية هذه المرة... غير مسبوقة". وفي مستشفى آخر، قال محمد أبو مغصيب، الطبيب التابع لمنظمة أطباء بلا حدود، إنه يوجد نقص في الإمدادات الطبية منذ سنوات، وأضاف أن الحصار الإسرائيلي المكثف يعني أن المخزونات التي تتناقص بسرعة ستنفد في غضون أسابيع.
وقال بعدما نام في المستشفى لتضرر منزله في انفجار: "إذا استمرت الأمور على هذا المنوال لبضعة أيام فسينهار النظام الصحي".
وأدى نقص الكهرباء إلى قطع جزء كبير من إمدادات المياه عن القطاع. ووقف الرجال والأطفال بالقرب من أحد مصادر المياه القليلة في خانيونس وهم يحملون عبوات ضخمة على عربات ذات ثلاث عجلات وأخرى يجرونها بالأيدي وعربة صغيرة يجرها حصان.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى التي تعمل بالمولدات من المتوقع أن تنقطع عنها الكهرباء في الأيام القليلة المقبلة. وأضافت الوزارة أنها تخشى توقف مرافق معالجة مياه الصرف الصحي أيضا عن العمل، ما سيؤدي إلى تزايد النفايات والأمراض في أنحاء المنطقة.
(رويترز، الأناضول)