خلطت جائحة كورونا حسابات الحكومة الجزائرية، والبرلمان على حد سواء، حيث اضطرت الغرفة التشريعية إلى تأجيل مناقشة الموازنة العامة لـ 2021، حتى الأسبوع الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني، بعد تأكد إصابة وزراء بالفيروس التاجي.
وبحسب تصريح رئيس لجنة الشؤون المالية بالبرلمان الجزائري، أحمد زغدار لـ "العربي الجديد" فإن "اللجنة برمجت جدولا زمنيا للاستماع لوزراء حكومة عبد العزيز جراد، من يوم الأحد إلى غاية يوم الخميس، بمعدل 3 وزراء يوميا، قبل إعداد التقرير التمهيدي للموازنة الذي سيعرض على النواب في جلسة علنية، إلا أننا تلقينا إبلاغا من الحكومة بتأجيل المناقشة لموعد لاحق، بعد تأكد إصابة وزير المالية أيمن عبد الرحمان بكورونا، وانتقلت العدوى لوزراء آخرين".
وأضاف أن "المناقشة ستتأجل لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني، أي إلى ما بعد الاستفتاء الشعبي حول الدستور، وسنعيد وضع جدول زمني، إذ يجب أن يصادق البرلمان على الموازنة قبل نهاية الشهر المقبل."
وكانت رئاسة الجمهورية قد أعلنت، يوم السبت، عن دخول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في حجر صحي طوعي، بعد تسجيل حالات إصابة بكورونا في الحكومة ومكتب الرئاسة.
وعادت حالات الإصابة بـ "كوفيد 19" للارتفاع في الجزائر، وسط مخاوف من ظهور موجة ثانية، بعد انخفاض في الأشهر الماضية.
هذا ولم تحمل المسودة الأولى من موازنة الجزائر لسنة 2021 ضرائب مباشرة جديدة قد تثقل كاهل جيوب الجزائريين المنهكة بغلاء المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، باستثناء الضريبة على جمع النفايات المنزلية، وكان المواطنون قد تعودوا على الضغط الضريبي المفروض عليهم طيلة السنوات الخمس الماضية، أي منذ بداية أزمة تهاوي عائدات النفط.
وقررت الحكومة في الوثيقة التي يحوز "العربي الجديد" على نسخة منها، في المادة 12 "إعفاء المداخيل التي لا تتعدى 30 ألف دينار (238 دولارا) من الضريبة على الدخل الإجمالي"، وذلك ترجمة لوعد انتخابي كان في برنامج الرئيس عبد المجيد تبون.
وفي المقابل، فرضت المادة 25 من مشروع الموازنة للسنة القادمة "رسما سنويا على رفع القمامة المنزلية يحدده رئيس البلدية بناء على مداولة وبعد استطلاع رأي السلطة الوصية".
وبقصد دعم الخزينة العمومية، قررت الحكومة رفع الرسوم المطبقة على استصدار التأشيرة الجزائرية واجتياز امتحان السواقة، وفق المادتين 34 و35.
وبهدف رفع الضغط على ميزانية الدعم، كشفت المادة 45 عن توجه الحكومة لرفع الدعم عن السكر الموجه المستعمل في إنتاج المشروبات الغازية والعصائر والمواد الموجهة للتصدير. فيما ألغت المادة 76 "الرسم السنوي المطبق على السيارات والآليات المتحركة المتعلق بحماية البيئة"، وذلك بعد تضرر شركات التأمين المكلفة بتحصيل هذه الضريبة في عقود التأمين، بعد أقل من سنة على إقرارها.
وبحسب الميزانية نجت عدة وزارات من "مقص" الحكومة، في مقدمتها وزارة الدفاع التي حافظت على ميزانيتها من دون أي تغيير للسنة العاشرة على التوالي، إذ ستبلغ الميزانية المقتطعة لها السنة المقبلة 1230 مليار دينار (نحو 9.7 مليارات دولار) وهي نفس ميزانية 2020.
فيما شكلت ميزانية الصحة الاستثناء كما كان منتظراً في ميزانية 2021، بعدما ارتفع الاقتطاع السنوي المخصص لها بـ 5 بالمائة إلى 410 مليارات دينار، وذلك بالنظر للتحديات التي تنتظر هذا القطاع، خاصة في ظل تواصل تفشي وباء كوفيد 19.
وعلى نفس الطريق سارت ميزانية التعليم التي ارتفعت من 724 مليار دينار في السنة الحالية إلى 771 مليار دينار السنة القادمة، رفقة ميزانية التضامن الموجهة أساساً للطبقات الهشة، التي ارتفعت من 84 مليار دينار إلى 132 ملياراً السنة القادمة، كما ستعرف ميزانية الفلاحة ارتفاعاً طفيفاً السنة القادمة بمقدار مليار واحد فقط من 224 مليار دينار إلى 225 مليار دينار.
وفي المقابل أثارت ميزانيتا الرئاسة والمجاهدين (المحاربين القدامى) الجدال مجدداً وذلك بارتفاعهما السنة المقبلة مقارنة بالسنة الحالية، بمليار للأولى من 8.1 إلى 9.2 السنة القادمة، رافضة تقديم المثال الأفضل بحسب المراقبين في تقليص الإنفاق العام، و235 مليار دينار للثانية مقابل 230 مليار دينار السنة الحالية.