استمع إلى الملخص
- عقب سقوط نظام الأسد، زار مسؤولون أتراك دمشق وحلب لتحديد احتياجات سوريا، وأعلن أردوغان عن خطط لفتح قنصلية في حلب، مما يعكس التزام تركيا بتعزيز التعاون الاقتصادي والدبلوماسي.
- تشمل خطة تركيا لإعادة الإعمار خمس مراحل، تركز على إصلاح منشآت النقل والمطارات، وإعادة تشغيل خطوط السكة الحديدية، مستندة إلى خبرتها في البناء والتشييد.
غاب العرب وحضرت تركيا في مشروع إعادة إعمار سورية، فعلى الفور، بدأت الحكومة التركية خطوات سريعة لقيادة مشروع إعادة الإعمار والمقدرة كلفته بنحو 300 مليار دولار. والمتابع للشأن السوري يلحظ أن حكومة أنقرة تسارع الخُطا لضمان اقتناص الحصة الأكبر من هذا المشروع الضخم، وعينها على مشروعات البنية التحتية العملاقة، ومنها تطوير المطارات والموانئ، والسكك الحديدية، وشبكات الطرق والجسور، والكهرباء، والاتصالات، وكذا تأسيس الهيئات الخدمية من مدارس وجامعات ومستشفيات. وإنشاء منطقة اقتصادية مشتركة بين تركيا وسورية.
كما أعطت الحكومة التركية أولوية لملف ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، بغرض الاستفادة من ثروة سورية النفطية الضخمة الواقعة قبالة البحر المتوسط، وهو ما أثار غضب إسرائيل وقبرص واليونان. وهناك اهتمام تركي بإعادة الحيوية للاقتصاد السوري وأنشطته المختلفة، وتزويد الأسواق السورية باحتياجاتها من الكهرباء والبنزين والسولار وغيرهما من مشتقات الوقود.
عقب سقوط نظام بشار الأسد مباشرة أعطى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تعليماته للوزراء، للمساهمة في إعادة إعمار سورية وزيارة كبار المسؤولين دمشق، للتعرف إلى احتياجات الدولة الجارة، والمتعلقة بإعادة الإعمار، وتحديد الخدمات العاجلة التي يحتاجها السوريون على الأرض، ومساعدة السلطة الجديدة في توفيرها.
وبالفعل سارعت الوزارات التركية بإيفاد الوفود الرسمية وشبه الرسمية، وإعداد قائمة بالمشروعات والخدمات التي يمكن العمل عليها، للمساعدة في إعادة تشغيل المؤسسات والمنظمات العامة في سورية، وتلبية احتياجات رجل الشارع.
حكومة أنقرة تسارع الخُطا لضمان اقتناص الحصة الأكبر من هذا المشروع الضخم، وعينها على مشروعات البنية التحتية العملاقة، ومنها تطوير المطارات والموانئ، وسكك الحديد
في هذا الشأن زار دمشق عدد من كبار المسؤولين الأتراك مثل وزير الخارجية ورئيس المخابرات، ولم يضيع قطاع الأعمال التركي وقتاً حيث زار وفد اقتصادي يضم عدداً من رجال الأعمال الأتراك حلب، قبل أيام، في أول زيارة لوفد تركي للمدينة الاقتصادية السورية منذ 13 عاماً. وعقب الزيارة أعلن أردوغان أن بلاده تعتزم فتح قنصلية في مدينة حلب، واعداً السوريين في تركيا بالخروج إلى سورية والعودة منها عدة مرات بلا قيود.
كما أعلن رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، أن وفداً من اتحاد بلديات تركيا سيتوجه قريباً إلى سورية، لتقييم احتياجات المدن السورية في مرحلة ما بعد سقوط الأسد، وتعزيز سبل التعاون، بل إنه شدد على أن الحكومات المحلية في تركيا مستعدة لتقديم الدعم القوي على أعلى مستوى لمساعدة سورية في جهودها للتعافي وإعادة الإعمار.
صاحب تلك التطورات إعلانُ وزير النقل التركي، عبد القادر أورال أوغلو، أن بلاده ستقوم بتنفيذ خطة من خمس مراحل، للمساعدة على إعادة إعمار سورية، تتضمن إصلاح وتأهيل منشآت النقل البرية والبحرية، بالإضافة إلى المطارات.
وتحدث عن إعطاء أولوية لمطاري حلب ودمشق للنهوض بهما، وإعادة تأهيلهما، باعتبارهما بوابة سورية للخارج، وكذا إعادة تشغيل خطوط السكة الحديدية المتجهة إلى العاصمة السورية دمشق، التي كان بعضها جزءاً من خط سكة حديد الحجاز الشهير، الذي يصل بين تركيا والمدينة المنورة في السابق.
وبدأت وزارة النقل والبنية التحتية التركية العمل على إعادة إحياء مطار دمشق الدولي. وضمان ترميم السكك الحديدية بين إسطنبول ودمشق، وإصلاح الجسور والمدن التي هدمها نظام الأسد، وترميم الطريقين السريعين M4 وM5، كما حددت الوزارة أوجه القصور بمجال الاتصالات، وتقديم الدعم لتلبية الاحتياجات، إلى جانب العمل من أجل إحياء الموانئ، وتقديم الدعم لسورية في طباعة عملتها الليرة، التي كانت تُطبع في موسكو قبل سقوط نظام الأسد.
الأتراك تحركوا بسرعة لإعادة تعمير سورية، وفي الخلفية خبرة كبيرة وطويلة في أنشطة البناء والتشييد والمقاولات والعقارات وتشييد مشروعات البنية التحتية
لم يقف التحرك التركي عند هذا الحد، بل رجّحت صحيفة "حرييت" التركية أن يزور أردوغان سورية على رأس وفد وزاري كبير يضم رجال أعمال ومستثمرين. وتحدثت وسائل إعلام تركية عن زيارة محتملة لأردوغان إلى سورية قريباً، حيث ذكرت صحيفة "Türkiye" أن الرئيس التركي قد يزور سورية خلال الأيام المقبلة.
الأتراك تحركوا بسرعة لإعادة تعمير سورية، وفي الخلفية خبرة كبيرة وطويلة في أنشطة البناء والتشييد والمقاولات والعقارات، وتشييد مشروعات البنية التحتية من مطارات وموانئ وأنفاق وطرق وكباري ومصانع ومحطات إنتاج كهرباء وفنادق، وإعادة إعمار المناطق المهدمة نتيجة حروب أو زلازل وغيرها، فقد احتلت 43 شركة مقاولات تركية مكانها بين أفضل 250 شركة مقاولات دولية، وفق تصنيف مجلة "إنجينيرنغ نيوز ريكورد" الأميركية. وبلغت الإيرادات الدولية لتلك الشركات نحو 18.5 مليار دولار في عام 2023. وحل قطاع المقاولات التركي في المرتبة الثامنة عالمياً لناحية الإيرادات، متقدماً على بريطانيا وهولندا وألمانيا واليابان.
هذا عن تحركات تركيا العاجلة في محاولة منها لحصد أكبر كم من صفقات ومشروعات إعادة إعمار سورية، ومعها حصد مليارات الدولارات وفرص العمل الضخمة، فماذا عن تحركات العرب، سواء على مستوى قنص مشروعات إعادة الإعمار داخل سورية وما أكثرها مع ضخامة المناطق المهدمة بسبب الحرب الأهلية وتسوية نظام بشار بيوت المعارضين لسياساته بالأرض، أو حتى الزيارات البروتوكولية لرجال الأعمال والمستثمرين والوزارات الاقتصادية لدمشق؟ هل ينتظر قطاع الأعمال العربي التعليمات من السلطات الحاكمة؟ ومتى تتحرك تلك السلطات أصلاً، أم أن تحركها يأتي متأخراً كالعادة؟