ارتفاع إنفاق المغاربة على السفر... ومطالب بتشجيع السياحة الداخلية

26 اغسطس 2024
سياح قرب ساحة جامع الفنا في مراكش (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **زيادة الإنفاق على السفر الخارجي**: ارتفع إنفاق المغاربة على السفر الخارجي بنسبة 13.8% في النصف الأول من 2024 ليصل إلى 1.42 مليار دولار، بفضل زيادة حصة العملة الصعبة المسموح بها للمسافرين.

- **وجهات السفر المفضلة**: تفضل المغاربة السفر إلى فرنسا وإسبانيا وتركيا، حيث عبر حوالي 570 ألف مسافر و130 ألف سيارة إلى أوروبا بين يونيو وأغسطس 2024، رغم غلاء تذاكر السفر والفنادق.

- **التحديات والفرص في السياحة الداخلية**: تواجه السياحة الداخلية تحديات مثل ارتفاع أسعار الخدمات وتراجع القدرة الشرائية، مع دعوات لتقديم عروض سياحية محلية مثل "شيكات العطل" لدعم الاقتصاد الوطني.

تظهر بيانات السفر تسجيل المغاربة إنفاقاً متزايداً على الرحلات الخارجية هذا العام، رغم البرامج الحكومية لتشجيع السياحة الداخلية واستقطاب المغتربين لإنعاش موارد القطاع الحيوي. وتجلى من بيانات آخر تقرير لمكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، أن الإنفاق على السفر شهد ارتفاعاً بنسبة 13.8% في الأشهر الستة الأولى من 2024، ليصل إلى 1.42 مليار دولار.

وتجاوز الرقم المستوى الذي بلغة قبل جائحة فيروس كورونا التي أفضت إلى تراجع قوي في إنفاق السفر إلى الخارج، بل إنه مثل تقريباً ضعف ما أنفقه المغاربة من أجل السفر في الأشهر الستة الأولى من عام 2022، الذي شهد عودة حركة النقل إلى طبيعتها.

وجرت العادة أن يشهد الإنفاق على السفر إلى الخارج ارتفاعاً قوياً في الصيف الذي يعتبر فترة الإجازات السنوية. ويرتقب أن يتعدى الإنفاق في نهاية 2024 حاجز 2.5 مليار دولار، حيث ينتظر أن يتجاوز المستوى الذي بلغه في 2019، حين كان في حدود مليار دولار. غير أن الخبير الإعلامي في قطاع السياحة، أداما سيلا،، يؤكد أن ارتفاع الإنفاق قد لا يعني إقبالاً كبيراً على السفر في العام الحالي، فهو يفسر مستوى الإنفاق بزيادة قيمة الأموال من العملة الصعبة المسموح بها خلال السفر.

ويشير إلى لجوء المغرب في 2022 إلى رفع حصة الراغبين في السفر من العملة الصعبة في العام الواحد من 4500 دولار إلى 10 آلاف دولار، حيث يسري ذلك على المسافرين من أجل السياحة أو الحج أو العمرة أو العلاج. ويوضح سيلا في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن زيادة تلك الحصة من العملة الصعبة أضفت نوعاً من الشفافية على تصريح المسافرين بقيمة المبالغ من العملة الصعبة التي بحوزتهم من أجل السفر إلى الخارج، وهو ما تعكسه قيمة الإنفاق على مستوى بيانات مكتب الصرف.

وتشير بيانات وزارة النقل إلى عبور حوالي 570 ألف مسافر و130 ألف سيارة في اتجاه أوروبا انطلاقا من الموانئ المغربية بين الخامس من يونيو/ حزيران الماضي والخامس عشر من أغسطس/ آب الجاري. واختار عدد كبير من المغاربة السفر إلى فرنسا في الصيف الحالي، في الوقت نفسه تعد إسبانيا من الوجهات الأثيرة لدى الأسر المغربية، التي تفضل الجنوب الإسباني، الذي يقدم عروضاً سياحية تنافس في الكثير من الأحيان العروض التي تقدمها بعض المدن الشاطئية المغربية.

وتأتي تركيا ضمن الوجهات السياحية التي يقصدها المغاربة بكثرة، حيث يأتون في المركز الثاني ضمن السياح الأفارقة الذين يزورون تلك الوجهة التي لا يتطلب الحلول بها الحصول على تأثيرة الدخول. وعاد المغاربة إلى زيارة تركيا بعد الأزمة الصحية، حيث وصل عددهم إلى أكثر من 262 ألفاً في العام الماضي، مقابل أكثر من 121 ألفاً في 2021، حسب بيانات وزارة الثقافة والسياحة التركية، التي تؤكد أن عدد المغاربة الوافدين على تركيا في الستة أشهر الأولى من العام الجاري، بلغ حوالي 104 آلاف، مقابل 111 ألفاً في الفترة نفسها من 2023.

ويدعم المنتج السياحي التركي وعدم مطالبة المغاربة بتأشيرة السفر، الإقبال على ذلك البلد في السنوات الأخيرة، حيث أضحى المغاربة وفق سيلا أكثر إقبالاً على وجهات سياحية في جنوب شرق آسيا. غير أن محمد السملالي، رئيس الفيدرالية الوطنية لأرباب وكالات الأسفار، يلاحظ أن الإقبال على السفر إلى الخارج، مثل تركيا، لم يأت في مستوى التوقعات، بالنظر لغلاء تذاكر السفر والفنادق في العديد من الوجهات السياحية.

ويشير السملالي في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن الحجوزات من قبل الأسر المغربية من أجل السفر إلى الخارج، كانت مخيبة للانتظارات في يوليو/تموز، مؤكداً أن المهنيين كانوا راهنوا على انتعاش الطلب في أغسطس/آب، إلا أنه لم يأت بالمستوى المأمول.

ويؤكد أن عزوف بعض الأسر عن السفر إلى الخارج له علاقة بتراجع قدرتها الشرائية، خاصة في ظل إنفاقها جزءاً كبيراً من مدخراتها من أجل تلبية احتياجات ملحة مثل المرتبطة بعيد الأضحى أو الدخول المدرسي المقبل. ويفترض السملالي أنه كان يتوجب إعداد عرض سياحي محلي لتلبية انتظارات الأسر المغربية عبر توفير إقامات تراعي طبيعة تلك الأسر في العديد من المدن الساحلية.

ويشدد على أن ارتفاع أسعار الخدمات السياحية الداخلية، يستدعي تركيز الجهات على توفير عرض سياحي يقتضي اعتماد ما يعرف بنظام "شيكات العطل". وليست هذه المرة الأولى التي تطرح فيها مسألة العمل بشيكات العطل المعفاة من الضريبة لتشجيع السياحة الداخلية، حيث كان قد سبق اقتراح هذه الفكرة بقوة في ظل الأزمة الصحية وتكبد السياحة الوطنية خسائر كبيرة نتيجة إغلاق الحدود.

وسبق للحكومة أن عبرت قبل خمسة أعوام عن التطلع إلى رفع مساهمة السياح المغاربة بما بين 4 و5 مليارات دولار في إيرادات ذلك النشاط. وتأتي أهمية السياح المحلييين من كونهم يساهمون في دعم ذلك النشاط بشكل قوي، وهو ما تجلى خلال الأزمة الصحية، حيث خففوا من تداعياتها على المدن السياحية، غير أنه لم تتبلور عروض واضحة تراعي خصوصيات تلك الفئة.

المساهمون