لم ينل تراجع إيرادات المغرب من الفوسفات ومشتقاته في العام الحالي من التوجه الاستثماري، الذي يراد من ورائه ترسيخ حضوره كفاعل حاسم في سوق الأسمدة الفوسفاتية التي تساهم في الأمن الغذائي العالمي.
ويتجه المغرب نحو استثمار 13 مليار دولار بهدف دعم موقعه في سوق الفوسفات ومشتقاته في الخمسة أعوام المقبلة، حيث يراهن على دعم قدرات إنتاج الأسمدة وبلوغ الحياد الكربوني عبر الأسمدة الخضراء والطاقات المتجددة.
وسيتيح ذلك الاستثمار للمجمع الشريف للفوسفات رفع قدرات إنتاج الأسمدة بين 2023 و2027 كي تنتقل من 12 مليون طن إلى 20 مليون طن، وهو ما سيقتضي توسيع قدرات استخراج الفوسفات الخام وفتح مصانع لتوفير الأسمدة.
يأتي ذلك الاستثمار كي يضاف للمشاريع التي شرع في تنفيذها قبل عشرة أعوام. فقد كان المجمع الشريف للفوسفات أطلق برنامجا استثماريا بـ8 مليارات دولار، بهدف مضاعفة قدراته الإنتاجية من الأسمدة من 4 ملايين طن إلى 12 مليون طن، ليتحول إلى أكبر منتج ومصدر الأسمدة الفوسفاتية.
ويعول المجمع المملوك للدولة المغربية على رفع القدرات الصناعية مع تعزيز المرونة التجارية والصناعية، والعمل على تعزيز عروض المنتجات من الأسمدة في سياق متسم على الصعيد العالمي بترسيخ الحياد الكربوني.
ويأتي هذا التوجه في ظل مسعى المجمع الذي عبر عنه في الأعوام الأخيرة، بهدف جذب نصف الزيادة التي تهم الطلب العالمي على الأسمدة، علما أن المجمع يرنو إلى زيادة قدرات إنتاج الفوسفات الخام إلى 26 مليون طن بفعل استكشاف مناجم جديدة وتطوير تلك التي يتولى استغلالها.
ويخطط المجمع لإقامة ثلاثة مصانع لتوفير الأسمدة بالمركب الصناعي بالجرف الأصفر بما يساعد على إنتاج مليون طن، بالإضافة إلى تطوير مركب كيميائي بقدرة إنتاجية في حدود 4.2 ملايين طن في الأربعة أعوام المقبلة ومركب صناعة بمدينة العيون بقدرة في حدود مليون طن في أفق 2025.
ولن يقتصر تطوير مشاريع المجمع على المغرب وحده، حيث بالموازاة مع تسويق منتجاته في القارة الأفريقية، يسعى لتكريس مشاريعه الرامية إلى فتح مصانع لإنتاج الأسمدة سبق الإعلان عنها في نيجيريا وإثيوبيا ورواندا وغانا.
ويتوفر المغرب الذي يتحكم في حوالي 72 في المائة في مخزون الفوسفات في العالم، على هوامش كبيرة من أجل رفع قدراته الإنتاجية، بالنظر إلى التقديرات حول استهلاك القارة الأفريقية للأسمدة، التي تحتاج حوالي 8 ملايين طن في العام، بينما يفترض أن تزيد استهلاكها إلى 40 مليون طن لتأمين أمنها الغذائي.
واتضح من البيانات الرسمية أن صادرات الفوسفات ومشتقاته تراجعت في العام الحالي، حيث بلغت في أكتوبر 5.8 مليارات دولار، بعدما بلغت في الفترة نفسها من العام الماضي 10 مليارات دولارات، حسب مكتب الصرف.
ويلاحظ المهندس يونس عمار في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المجمع الشريف للفوسفات ماض في إنجاز استثمارته رغم تباطؤ الطلب في العام الحالي من قبل الدول المستوردة التي كانت تراهن على زيادة انخفاض أسعار الأسمدة في السوق العالمية.
ويشير إلى أن المجمع الشريف يتوفر على استراتيجية تقوم على نوع من المرونة الصناعية والتجارية، التي تجعله أكثر قدرة على التعاطي مع ارتفاع أو انخفاض الطلب في السوق العالمية، بما يؤمن له إيرادات مهمة.