يتحضّر القطاع الفندقي في لبنان لموسم الصيف وسط أمل بتعويضه جزءاً بسيطاً من الخسائر التي تكبّدها القطاع والتي دفعت أكثر من 500 فندق إلى الإقفال. وتأتي هذه الاستعدادات بعد مرحلة صعبة للغاية مرت على لبنان، من تفاقم الأزمة النقدية وانهيار قيمة العملة الوطنية، مروراً بفيروس كورونا، فانفجار مرفأ بيروت، فيما تستمر التجاذبات السياسية الحادّة والاستقرار الأمني الهشّ، ما يدفع السياح إلى الإحجام عن زيارة البلد.
وطلب وزير السياحة رمزي المشرفية، الثلاثاء، من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الموافقة على أن تتقاضى الفنادق بدل إيجار الغرف بالعملة الوطنية من اللبنانيين وبالدولار من غير اللبنانيين، وذلك بعد لقاءٍ ضمّ أيضاً وفداً من النقابات السياحية بحث إجراءات إعادة الفتح بعد عيد الفطر وتمديد الوقت حتى منتصف الليل.
ويوضح نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر، لـ"العربي الجديد"، أن "مطلب تقاضي بدل إيجار الغرف بالدولار من غير اللبنانيين مطروحٌ منذ أكثر من سنة، ويرتكز على إجراءات شبيهة تعتمدها الدول التي تعاني من أزمة مالية مثل تركيا، مصر، الجزائر وغيرها، في خطوةٍ من شأنها أن تُدخِل النقد النادر إلى المؤسسات وتحول دون ذهابه إلى الصرافين، وخصوصاً غير الشرعيين منهم".
ويضيف الأشقر: "لقاءاتنا سابقاً مع المعنيين لم تأتِ بنتيجة بذريعة أن المسألة تحتاج إلى قانون، إلا أن الأمر يحتاج إلى طلبٍ من وزير السياحة وموافقة رئيس الحكومة، على أمل أن لا تظهر عراقيل قانونية تحول دون السير بالتنفيذ".
ويؤكد الأشقر أنّ هذا الإجراء لن يطاول المغترب اللبناني أو حتى الأجنبي المقيم في لبنان ولن يشمل المطاعم داخل الفنادق، بل فقط بدل الغرفة الفندقية سيكون بالدولار الأميركي لغير اللبنانيين الوافدين من الخارج. ويشدد النقيب على "أهمية هذه الخطوة إذا دخلت حيّز التنفيذ في تسهيل عملنا، وصمود القطاع السياحي الذي يُعد القطاع الأسرع لإدخال النقد النادر غير المتوافر اليوم، وخصوصاً في ظلّ غياب الاستثمارات، والكوارث النقدية والاقتصادية والمعيشية التي تحاصرنا".
من ناحية ثانية، يكشف الأشقر أنّ الحركة الخارجية لا تزال خفيفة جداً، ويمكن حصر السياح حالياً في بعض رجال الأعمال، والوفود الرسمية، وأفراد المنظمات غير الحكومية، بعكس السياحة الداخلية التي تنشط كثيراً باعتبار أنّ ما بين 650 ألف لبناني و700 ألف كانوا يسافرون إلى تركيا وقبرص واليونان لتمضية العطل، وبسبب الأزمة النقدية أصبح لبنان وجهتهم السياحية.
ويلفت الأشقر إلى أنّ المسار الانحداري بدأ بعد عام 2010، حين كانت تتخطى أرباح القطاع السياحي 9 مليارات دولار، إلى أن انخفضت عام 2018 إلى 4.5 مليارات دولار، "واليوم بالكاد نعمل من 10 إلى 15 في المائة من إمكاناتنا التي لا أعتقد أنها تتخطى المليارين، أي أننا نعمل بعشرين في المائة تقريباً من مداخيلنا".
ورصدت "العربي الجديد" عدداً من الفنادق في بيروت والجنوب والشمال وكسروان، حيث لوحظ وجود تفاوت كبير في أسعار الغرف الفندقية لليلة الواحدة، فهناك من يسعّرها بخمسين دولاراً مع وجبة فطور، وبعض الفنادق اعتمدت أسعاراً تراوح ما بين 80 و200 دولار، خصوصاً تلك التي تصنَّف "خمس نجوم" والتي تحتوي على مسابح داخلية وخارجية وأنشطة أخرى.
وتعمل الفنادق على تخيير الزبون بين الدفع بالدولار أو بالليرة، علماً أن الغالبية باتت تعتمد سعر الصرف اليومي في السوق السوداء، وإذا أرادَ الشخص حجز غرفة في الفندق قبل شهرٍ مثلاً، يُطلب منه دفع القيمة وفق سعر الصرف في يوم الحجز، وفي حال انخفض السعر أو ارتفع لاحقاً، أي عندما يحين موعد استلام الغرفة، الأمر الذي يجعل قيمة الغرفة لليلة واحدة في بعض الفنادق تتخطى المليون ليرة.
ويقول صاحب أحد الفنادق في بيروت لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك حجوزات تم تنفيذها لشهرَيْ يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز المقبلَيْن من لبنانيين يعملون في الخارج ويأتون للاصطياف في لبنان، بيد أن القسم الأكبر من الحجوزات يسجَّل في الدقائق الأخيرة لليلة أو ليلتَيْن.
أما الأسعار فهي تختلف تبعاً لحجم الغرفة، عدد الأسرّة، والخدمات المقدَّمة، فهناك غرف مثلاً تحتوي على جاكوزي، وتطل على البحر، تكون حتماً أغلى من غيرها، والأسعار تبدأ من 50 دولاراً تبعاً لسعر الصرف في السوق الموازي. ويلفت إلى أنّ الخسائر التي منيَ بها كبيرة مع تدني نسبة الإشغال، وخصوصاً في السنتَيْن الماضيتَيْن، ومنذ شهر فبراير/ شباط 2020 مع بدء انتشار فيروس كورونا في لبنان، بات الشخص يفضّل حجز شاليه أو ما يعرف بـ"بانغالو" بعيداً عن العاصمة، لأنه يعتبره أكثر أماناً من الناحية الصحية، كما يمكن حجزه مع عددٍ يتخطى الأربعة أشخاص، وبهذه الطريقة يقسم بدل الإيجار في ما بينهم.