لم تكن 2021 أفضل من السنوات التي سبقتها على الأردن، وتحديدا في الشأن الاقتصادي، في وقت لا تزال تبعات فيروس كورونا بادية على الأسواق المحلية.
هذه الأحداث كان منها ما هو سياسي بطابع اقتصادي، كاتفاق النوايا لتزويد "إسرائيل" بالكهرباء مقابل المياه، وفتح الحدود مع الجارة الشمالية سورية.
ومنها ما كان محليا مثل إعلان مشروع موازنة العام المقبل، الخالي من أية ضرائب جديدة على المواطنين، وبإنفاق رأسمالي يفوق 50 بالمائة، وكذلك هيكلة التعرفة الكهربائية بدءا من 2022.
بين إسرائيل وسورية
وأعلن الأردن خلال وقت سابق من هذا العام، إعادة فتح "معبر جابر" الحدودي مع سورية، وكذلك استضاف اجتماعات ثنائية متعددة لتعزيز التعاون بين البلدين، واجتماعات تزويد لبنان بالغاز والكهرباء.
فيما وقع الأردن والإمارات وإسرائيل، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي "إعلان نوايا"، للدخول في عملية تفاوضية لبحث جدوى مشروع مشترك للطاقة والمياه.
وقالت وزارة المياه الأردنية، عقب التوقيع، إنه من الممكن أن تحصل المملكة من خلال إعلان النوايا على 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا.
وبينت في الوقت ذاته أن "توقيع الإعلان ليس اتفاقاً لا من الناحية الفنية ولا القانونية؛ وأن المشروع لن ينفذ دون حصول الأردن على هذه الكمية من المياه سنويا"، وفقاً لوكالة "الأناضول".
وأشارت الوزارة إلى أن كميات المياه الحالية التي يحصل عليها الأردن من إسرائيل تقدر بنحو 35 مليون متر مكعب سنوياً وفقاً لمعاهدة السلام، إضافة إلى 10 ملايين متر مكعب إضافية خارج المعاهدة تم الاتفاق عليها عام 2010.
كما وقع الأردن مع إسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اتفاقية لشراء 50 مليون متر مكعب مياها من تل أبيب، تمثل كمية إضافية لما هو منصوص عليه في اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين عام 1994.
هذا الإعلان، دفع الأردنيين إلى التظاهر ضده رفضا للتطبيع مع إسرائيل، حيث لا تزال التظاهرات تتواصل كل جمعة عدا عن الحراك الذي تقوده المؤسسات الشعبية الرافضة للتطبيع.
موازنة 2022.. وانتقادات
وبدأ الأردن في يونيو/ حزيران 2021، تنفيذ خطة عودة تدريجية للقطاعات المختلفة أو المحدد عملها تبعا لقرارات سابقة اتخذتها الحكومة ضمن إجراءاتها لمواجهة تفشي كورونا.
وأعلن الأردن في نوفمبر 2021 مشروع موازنته للعام المقبل، بعجز متوقع 1.7 مليار دينار (2.4 مليار دولار)، مقارنة بـ 2.05 مليار دينار (2.8 مليار دولار) لسنة 2021.
ويبلغ إجمالي النفقات المقدرة في 2022 بنحو 10.6 مليارات دينار (14.95 مليار دولار) مقارنة بـ 9.8 مليارات دينار (13.82 مليار دولار) معاد تقديرها عن 2021.
فيما تبلغ قيمة الإيرادات العامة المتوقعة بحسب مشروع الموازنة الجديدة 8.9 مليارات دينار (12.55 مليار دولار)، مقارنة بـ 8.1 مليارات دينار (11.42 مليار دولار) معاد تقديرها عن 2021.
ويتوقع المشروع ارتفاع المنح الخارجية إلى 848 مليون دينار (1.195 مليار دولار)، من 840 مليون دينار (1.18 مليار دولار) معاد تقديرها عن 2021.
وتصاعدت تحذيرات من خبراء الاقتصاد في الأردن حول الإفراط في التفاؤل في موازنة 2022، بحيث لا يعكس ما تعانيه البلاد من تداعيات جائحة كورونا ومخاوف السلالة الجديدة "أوميكرون" على الاقتصاد، وبخاصة الانكماش وتباطؤ أداء مختلف القطاعات وارتفاع مشكلات الفقر والبطالة والمديونية.
واستعاد خبراء اقتصاد في سياق تصريحاتهم لـ"العربي الجديد" ما قامت به إحدى الحكومات السابقة بإقرار موازنة غير واقعية والتوسع في الإنفاق والمبالغة بتقدير الإيرادات والمنح الخارجية، وهو ما لم يتحقق، ما اضطر ذات الحكومة إلى إعادة تقديراتها وعدم القدرة على تنفيذ عدد كبير من المشاريع الرأسمالية التي اقترحتها.
تعرفة الكهرباء.. وضرائب
كذا، أعلنت الحكومة في أغسطس/ آب الماضي، تطبيق تعرفة كهربائية جديدة خلال الثلث الأول من 2022، مؤكدة في ذلك الوقت أن فاتورة الكهرباء في التعرفة الجديدة لن تتأثر أكثر من 90 بالمائة من مشتركي القطاع المنزلي.
وفي مايو/ أيار 2021، انقطع التيار الكهربائي بشكل تام في عموم الأردن، وتحديدا يوم الجمعة 21 مايو، الأمر الذي أدى إلى تحول المستشفيات والمرافق الحيوية إلى العمل على مولدات الطاقة، لعدة ساعات.
ويعتبر الوعاء الضريبي في الأردن الأكبر على مستوى المنطقة، حيث تبلغ الضرائب على بعض السلع والخدمات مثل السيارات والمحروقات أكثر من 70% ولا تقل عن 16% على باقي السلع.
كما تفرض الحكومة رسوما وضرائب أخرى، وخاصة على الملكية العقارية، فيما يخضع دخل الأفراد أيضا لضريبة الدخل وبنسبة تصل إلى 25%، وكذلك دخل القطاعات المختلفة وبنسبة تصل إلى 35%.
ارتفاع نسب الفقر
كذا، أشارت تقديرات للبنك الدولي إلى أن الزيادة المحتملة على المدى القصير في معدل الفقر بالأردن قد تزيد 11% إضافية على المعدل الرسمي المعلن قبل جائحة كورونا والبالغ 15.7%، ليصل وفق التقديرات إلى نحو 26.7%، وبزيادة عن الرقم المرحلي المعلن رسمياً حول تداعيات الجائحة وهو 24%.
وأوضح البنك أن الزيادة تأتي بسبب فقدان العمل والدخل للأسر، معتبراً أن برامج التحويلات النقدية الطارئة، التي أطلقتها الحكومة لدعم أسر تضررت من جائحة كورونا، خفضت بنحو 4.5% من زيادة معدلات الفقر الناتجة عن الجائحة.
وقال صندوق النقد الدولي، إن إجمالي مدفوعاته للأردن لدعم التعافي الاقتصادي بلغ 1.2 مليار دولار منذ تفشي جائحة كورونا في مارس/ آذار 2020. وذكر الصندوق في بيان خلال وقت متأخر، الإثنين، أن المملكة تسير في الطريق الصحيح نحو التعافي.
وراجع الصندوق بالتعاون مع المؤسسات المالية والنقدية في الأردن، أهداف البرنامج لعام 2022، للسماح بحيز مالي كاف لترسيخ الانتعاش، ودعم الاستثمار، وحماية الوظائف.
تأثيرات كورونا
وقال وزير المالية الأردني، محمد العسعس أخيراً، إن موجات كورونا المتتالية أدت إلى خسائر اقتصادية غير مسبوقة، مشيراً إلى أن اقتصاد بلاده سجل مع نهاية عام 2020 انكماشاً بنحو 1.6%، وشهدت القطاعات الاقتصادية تراجعاً واضحاً.
وأضاف العسعس، خلال إلقائه خطاب مشروع موازنة العام المقبل 2022 أمام مجلس النواب، أن التهرب الضريبي والجمركي الناجم عن الخلل في التشريعات الناظمة للعمل الضريبي ساهم في تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وارتفاع حجم الدين العام، والاعتماد المتزايد على المنح الخارجية، وارتفاع عجز الموازنة، وقصور الإيرادات المحلية عن تغطية النفقات الجارية.
وعادت المخاوف لتسيطر من جديد على كافة القطاعات في الأردن بسبب ارتفاع الإصابات والوفيات بفيروس كورونا محلياً، وظهور سلالة "أوميكرون" في العديد من البلدان، ما يعرض الاقتصاد لمخاطر إضافية تعمل الحكومة جاهدة للحد من آثارها خلال الفترة المقبلة.