يتوقع خبراء عملات ارتفاع سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل العملات الرئيسية خلال الشهور المقبلة بسبب توجه البنك المركزي البريطاني لزيادة سعر الفائدة البريطانية لمكافحة التضخم.
وقفز سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل اليورو والدولار وأغلب العملات الأخرى في تعاملات صباح اليوم الأربعاء، بعد ظهور معدلات أكبر لأرقام التضخم في بريطانيا، التي رفعت تلقائياً من توقعات المستثمرين في الإسترليني وأصوله المالية، الخاصة بمسارات الفائدة، ووضعوا في حساباتهم أن يجري البنك المركزي البريطاني "بنك إنكلترا" زيادة جديدة في سعر الفائدة في مايو/ أيار المقبل.
ومعروف أن ارتفاع سعر الفائدة عبارة عن تسعير مرتفع للعملات، حيث كلما ارتفع سعر الفائدة ارتفع سعر صرف العملة. ويحاصر غلاء الأسعار وتذمر المواطنيين بنك إنكلترا، ويدفعه إلى مزيد من تشديد السياسة النقدية، على الرغم من مضار قوة الإسترليني على تدفق الاستثمارات الخارجية بالبلاد.
وتجاوز التضخم في المملكة المتحدة على أساس سنوي لشهر مارس/ آذار الماضي 10.1% وفقاً لما ذكره مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني. وكان محللو الاقتصاد يتوقعون أن ينخفض إلى 9.8%. وقال الخبير الاقتصادي في بنك "يوني كرديت"، إدواردو كامبانيلا، لموقع "باوند ستيرلنغ" اللندني اليوم الأربعاء: "كان هذا المعدل من التضخم أعلى بكثير من توقعات تقرير السياسة النقدية الصادر عن بنك إنكترا لشهر فبراير 2023".
وأضاف: "لم يتغير المقياس المفضل لدى بنك إنكلترا للتضخم الناتج من عوامل السوق المحلية، وهو مؤشر أسعار المستهلكين للخدمات الأساسية باستثناء تذاكر السفر وعطلات السفر والتعليم، البالغ 6.4% على أساس سنوي". وبالتالي ستخيب البيانات المرتفعة للتضخم آمال لجنة السياسة النقدية في بنك إنكلترا التي كانت تود أن ترى تباطؤاً حاداً في التضخم في هذه المرحلة من الدورة.
ويرى محللون لموقع "باوند ستيرلنغ" في لندن، أن قوة التضخم جنباً إلى جنب مع ضيق سوق العمل والزيادات القوية في الأجور ستدفع بنك إنكلترا إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى في مايو/ أيار، أمر محتمل. وكان رد فعل الأسواق شراء الجنيه الاسترليني وبيع اليورو، حيث ارتفع إلى 1.1350 يورو، وارتفعت العملة البريطانية كذلك مقابل الدولار إلى 1.2434 في التعاملات الصباحية بالسوق البريطاني.
في ذات الصدد، يقول استراتيجي العملات في مصرف "يوني كرديت" الإيطالي، روبرتو مياليتش: "ظل الجنيه الإسترليني مرتفعاً مقابل العملة الأميركية وبسعر فوق 1.24 دولار، مدعوماً ببيانات مؤشر أسعار المستهلكين البريطاني التي لا تزال مرتفعة لشهر مارس/ آذار. وتُسعَّر تعاملات أسواق الصرف للإسترليني حالياً على أساس أن بنك إنكلترا سيرفع الفائدة 25 نقطة أساس في مايو/ أيار، وإجمالي 60 نقطة أساس قبل الوصول إلى الذروة، ما يشير إلى زيادة الفائدة 25 نقطة أساس أخرى في وقت ما في الأشهر المقبلة.
من جانبه، يقول المحلل الاستراتيجي في مصرف "آي أن جي" الهولندي، فرانشيسكو بيسول: "في ضوء هذه البيانات، يبدو أن بنك إنكلترا يتجه لرفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مايو". وأضاف: "إن عدم وجود دليل على المسارات التنازلية المرغوبة في التضخم والأجور سيجعل من الصعوبة بمكان عدم رفع الفائدة".
ويذكر أن العملة البريطانية تعرضت لعمليات بيع مكثفة في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، ما وضع الحكومة أمام خمسة خيارات مرة كانت متاحة للتعامل مع انهيار العملة، وهي رفع كبير وسريع في سعر الفائدة المصرفية، أو اللجوء إلى شراء السندات الحكومية من السوق، أو التراجع عن سياسة خفض الضرائب ودعم الإنفاق الحكومي، أو الحصول على برنامج تمويلي كبير من صندوق النقد الدولي، أو وضع ضوابط على حركة رأس المال.
ومن بين هذه الخيارات الصعبة لجأ البنك المركزي البريطاني، "بنك إنكلترا"، لدعم الجنيه الإسترليني عبر التدخل في السوق وشراء السندات الحكومية.