لا يستطيع المتنقل في شارع الوحدة، أحد الشوارع الحيوية في مدينة غزة، التجول بحرية وسرعة، نظراً للاستهداف الإسرائيلي المباشر الذي طاوله منذ بداية العدوان على قطاع غزة، ما تسبب في دمار كامل للطريق وإتلاف البنية التحتية وشبكات الصرف الصحي والمياه.
ولا يعد شارع الوحدة الوحيد الذي طاوله القصف الإسرائيلي المباشر، إذ تعرض شارع عمر المختار، أحد أهم الشوارع الحيوية والذي يربط أحياء كثيرة في غزة ببعضها، لأضرار كبيرة، ما يدفع المتنقلين عبر سياراتهم إلى تغيير اتجاهاتهم واللجوء إلى طرق بديلة أطول.
أما شارع الرشيد الساحلي الذي يعد معلماً من المعالم الحيوية في القطاع فلم تسلم بعض أجزائه من القصف الإسرائيلي المباشر، بما في ذلك "المفترقات الدائرية" المخصصة لتقليل التزاحم بين السيارات ومنع التصادم، ما تسبب في تغيير الشكل العام للمكان وجعل الحركة بسيطة.
ولجأت المجالس البلدية المحلية ووزارة الحكم المحلي في غزة إلى الاعتماد على بعض الحلول السريعة للطرق التي تضررت عبر وضع كميات من الرمال في المناطق المتضررة والتي يمكن أن يكون فيها هذا الحل مؤقتاً.
وتضررت عشرات الطرق في القطاع كلياً وجزئياً من القصف المباشر الذي يشنه الاحتلال عليها، فضلاً عن تلف شبكات الصرف الصحي والمياه وتصريف الأمطار، تحت مزاعم وجود شبكات أنفاق وبنية تحتية خاصة بالمقاومة وهو الأمر الذي نفته الوقائع على الأرض.
في الأثناء، يقول وكيل وزارة الحكم المحلي في غزة، المهندس أحمد أبو راس، إن البنية التحتية والطرق وشبكات الصرف الصحي تعتبر من المناطق الآمنة والمحرم استهدافها دولياً، غير أن الاحتلال يركز العدوان بشكل مباشر عليها لرفع كلفة العدوان على القطاع.
ويوضح أبو راس لـ "العربي الجديد" أن تقديرات الجهات الحكومية في غزة بشأن أضرار قطاع البنية التحتية وصلت إلى 50 مليون دولار مرشحة للزيادة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع وعدم وجود بوادر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
تقديرات الجهات الحكومية في غزة بشأن أضرار قطاع البنية التحتية وصلت إلى 50 مليون دولار مرشحة للزيادة مع استمرار العدوان
وحسب المسؤول الحكومي في غزة، فإن غالبية الأضرار في قطاع المحليات تركزت في البنية التحتية على صعيد الطرق والأرصفة وشبكات المياه والصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار بالإضافة إلى الأضرار الكبيرة في الوحدات السكنية والأبراج.
ويبين أبو راس أن مدينة غزة كانت الأكثر تضرراً في العدوان باعتبارها المركز التجاري والرئيسي للقطاع، وكان هدف الاحتلال واضحاً بتقطيع أواصل الأحياء ومحاولة التركيز على وسط المدينة، وتحديداً حي الرمال الشمالي والجنوبي، وهدم البيوت والمحال التجارية والأبراج.
وكانت أكثر القطاعات تضرراً على صعيد البنية التحتية هي الشوارع والطرق والأرصفة، ومن ثم شبكات الصرف الصحي ومضخات الصرف الصحي الخاصة بالأحياء والمدن، ثم آبار المياه الجوفية وشبكات تصريف مياه الأمطار الموجودة في مختلف مناطق القطاع.
وعن المدة الزمنية المتوقعة لإعادة الإعمار، يؤكد وكيل وزارة الحكم المحلي أن هذه العملية لا تستغرق أكثر من عام في ظل وجود الطاقات البشرية والشركات المحلية، إلا أن الأمر مرتبط بتوفير الدعم اللازم وصناديق إعادة الإعمار العربية والدولية، ما يطيل أمد الإعمار.
ووفقاً لأبو راس فإن المطلوب من الجهات السياسية أن تثبّت نصوصاً واضحة متعلقة بإعادة الإعمار أهمها التي تحمل الجهات المانحة مسؤولياتها وتنفيذ تعهداتها، فضلاً عن إلغاء الآلية المتبعة سابقاً في عملية إعادة إعمار غزة والسماح بحرية إدخال المواد عبر المعابر.
وانعكس تدمير الاحتلال في الأيام الأولى لبعض الشوارع والبنية التحتية سلباً على عمل الطواقم الصحية والدفاع المدني نتيجة للضرر الكبير الحاصل في كثير من المناطق المستهدفة وصعوبة الوصول بالمركبات إليها، ما دفع لخلق بدائل عاجلة لفتح هذه الطرق.
أكثر القطاعات تضرراً على صعيد البنية التحتية هي الشوارع والطرق والأرصفة، ومن ثم شبكات الصرف الصحي ومضخات الصرف الصحي الخاصة بالأحياء والمدن، ثم آبار المياه الجوفية
بدوره، يرى المختص في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب أن استهداف البنية التحتية من قبل الاحتلال وتركيز القصف بشكل مباشر عليها يهدفان إلى إحداث حالة من الصدمة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في القطاع وفي صفوف السكان.
ويقول أبو جياب لـ "العربي الجديد" إن الاحتلال ركز في استهدافه على مدينة غزة تحديداً باعتبارها مركزاً للعمل التجاري والاقتصادي، فدمّر الأبراج والمنشآت التجارية بشكل مباشر، عدا عن استهداف شبكات المياه والصرف الصحي والتيار الكهربائي.
وحسب المختص في الشأن الاقتصادي، فإن إجمالي الخسائر الاقتصادية في القطاع يتجاوز 250 مليون دولار، فضلاً عن تدمير قرابة 40 مصنعاً ومنشأة تجارية بتكلفة مالية تتراوح ما بين 10 إلى 15 مليون دولار أميركي، بالإضافة إلى تسريح المئات من العاملين.
ويحذر أبو جياب من التبعات المترتبة على تدمير البنية التحتية على المشهد الاقتصادي المتردي من الأساس بفعل سنوات الحصار وتلاحق الحروب والجولات على القطاع، وهو ما من شأنه أن يعزز من ضغط الأوضاع المعيشية والاقتصادية على أهالي غزة.