لا ينتظر الاقتصاد الإسرائيلي الوكالات الدولية لخفض التصنيف الائتماني، فعلاوة المخاطر ترتفع بالفعل منذ بدء مناقشات ميزانية 2024 في بداية العام. والأسواق المالية، التي عادة ما تكون متقدمة على وكالات التصنيف، بدأت بالفعل في تقدير الزيادة في المخاطر التي يتعرض لها اقتصاد الاحتلال.
وقد تجلت هذه الزيادة بسرعة بالفعل في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مباشرة بعد عملية طوفان الأقصى، ولكن في ما بعد انقلب الاتجاه لمصلحة إسرائيل في شهري نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول. منذ بداية شهر يناير، حدثت زيادة متجددة في علاوة المخاطرة في الاقتصاد الإسرائيلي.
ويشرح موقع "كالكاليست" الإسرائيلي أن عددا من المؤشرات التي تعكس استقرار الاقتصاد الإسرائيلي في نظر الأسواق المالية شهد تدهورا خلال الأسابيع الأخيرة، وأبرزها سعر الصرف. وبعدما كان تداول الدولار بنحو 3.59 شواكل في نهاية ديسمبر/ كانون الأول، ارتفعت العملة الأميركية بشكل حاد مقابل الشيكل، ويتم تداولها الآن بنحو 3.76 شواكل للدولار - بانخفاض يزيد عن 4%.
بالأمس، نتج عن يوم إقرار الموازنة، التي تتضمن سقف عجز معتمداً بمبلغ ضخم وغير مستدام يبلغ 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، والتي لا تتضمن استراتيجية تقارب مستقبلية لعجز يتراوح بين 2% و3% من الناتج المحلي الإجمالي، تجدد تخفيض قيمة الشيكل في التعاملات اللحظية، ولا يقتصر الأمر على الدولار فحسب، بل يتعلق الأمر بضعف الشيكل بالنسبة لسلة العملات، والتي تشمل أيضًا اليورو، الذي ارتفع بنسبة 4%، وفق موقع "كالكاليست".
تدهور الاقتصاد الإسرائيلي
وسعر الصرف ليس سوى مؤشر واحد، وهو غير كاف، ما يعكس تدهوراً سريعاً في علاوة المخاطرة. مؤشر مهم آخر لقياس علاوة المخاطر هو مبادلة مخاطر الائتمان (CDS) لمدة 5 سنوات (شهادات التأمين ضد العجز عن سداد السندات الحكومية)، والتي قفزت من 50 نقطة قبل الحرب إلى ذروة بلغت حوالي 140 نقطة في أكتوبر 2023.
وعلى سبيل المثال، إذا كان لدى دولة ما مبادلة مخاطر الائتمان بقيمة 140 نقطة أساس (1.4%)، فإن هذا يعني أنه لتأمين 100 دولار من ديونها، يتعين على المستثمر دفع 1.4 دولار سنويا. وكلما ارتفعت القيمة، زادت خطورة البلاد وارتفع قسط التأمين.
وبعد الارتفاع الكبير في بداية الحرب، هدأت العلاوة الإسرائيلية قليلاً وعادت إلى مستويات 116 نقطة، وهو مستوى لا يزال مرتفعاً من الناحية التاريخية. وبدأت هذه العلاوة في الارتفاع مع بداية عام 2024، وعادت إلى مستويات 130-126 نقطة.
واليوم، تتحرك إسرائيل بالفعل في تصنيف مقايضات العجز الائتماني (CDS) في مناطق الدول ذات التصنيف الائتماني الأقل منها بكثير. تصنيف الاقتصاد الإسرائيلي هو AA-/A، ولكن مقايضات العجز الائتماني الخاصة بها هي نفس كرواتيا (+BBB)، وكازاخستان وبلغاريا (BBB)، والمغرب وفيتنام (+BB)، التي لديها تصنيف أقل بكثير. علاوة على ذلك، سجلت إسرائيل في العام الماضي واحدة من أعلى القفزات في العالم في مقايضات العجز الائتماني، بحسب موقع "كالكاليست".
ولكن هناك أيضاً من ينتقد النظرة المفرطة إلى سندات مقايضة العجز عن سداد الائتمان، لأنها ورقة غير قابلة للتداول إلى حد كبير، ولا يستطيع سوى عدد قليل من اللاعبين في السوق إحداث تغييرات حادة فيها. في مواجهة هذا النقد، من الممكن أن يظهر تطور متطابق تقريباً في فروق العائد على سندات الحكومة الإسرائيلية القابلة للتداول بالدولار مقابل السندات الأميركية، حيث إن إسرائيل تجمع اليوم التمويل بالعملة الأجنبية بتكلفة أعلى مما جمعته قبل نحو أسبوعين.
ارتفاع الدين
وكتب الاقتصاديون في بنك "جي بي مورغان"، في نهاية هذا الأسبوع، في مراجعة لسياسة الميزانية الإسرائيلية، أنه "من غير المتوقع أن تؤدي الزيادة المؤقتة في الدين إلى الإضرار بشكل كبير بالتصنيف الائتماني لإسرائيل طالما أن الحكومة ملتزمة بتصميم استراتيجية واضحة على المدى المتوسط، تعيد العجز إلى مستويات 3 إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من أن الإنفاق الدفاعي مرتفع حتى بعد الحرب. لكن هذه الاستراتيجية تظل موضع تساؤل".
واليوم، وفق موقع "كالكاليست"، تمت إزالة علامة الاستفهام: "لا توجد مثل هذه الاستراتيجية، وبالتأكيد ليست كاملة أو مرضية". إذ إن القتال مستمر والحرب متعددة الجبهات لا تزال مطروحة على الطاولة، والسيناريو الذي يبرز الآن هو "الأحمر"، بحسب تعريف محافظ بنك إسرائيل أمير يارون.
وهذا سيناريو يتم بموجبه الإضرار المستمر بالنمو المحتمل وزيادة علاوة المخاطر في العام 2024، وهو السيناريو الأسوأ على الإطلاق، والذي بموجبه ستصل نسبة الدين إلى الناتج في نهاية عام 2024 إلى مستوى 68% - 67% مقارنة بـ60% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2022. وهذا سيناريو ديون إضافية بقيمة 140 مليار شيكل في عامين، والنتيجة المؤكدة هي أن احتياجات جمع الأموال سترتفع بشكل كبير.
وبحسب التقديرات، سيتعين جمع حوالي 200 مليار شيكل هذا العام و8 مليارات دولار أخرى في الأسواق الدولية، وهذا سيؤدي إلى زيادة حادة في مدفوعات الفائدة.