استمع إلى الملخص
- هذه البلدان تضم 75% من سكان العالم وتنتج أكثر من 40% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، لكنها تواجه تحديات كبيرة مثل الفقر المدقع وزيادة أعداد السكان المسنين.
- يقترح البنك الدولي استراتيجية ثلاثية المحاور تشمل الاستثمار والتكنولوجيا والابتكار لمساعدة البلدان على التحول إلى وضعية البلدان مرتفعة الدخل.
خلص تقرير صادر عن البنك الدولي إلى أن 108 من البلدان النامية عالقة في "فخ الدخل المتوسط"، الذي يعوق جهود انتقالها إلى مستوى البلدان مرتفعة الدخل في العقود القليلة المقبلة. وسجلت المؤسسة المالية الدولية، يوم الخميس، في دراسة جديدة أجرتها لطرح أول خريطة طريق شاملة لتمكين البلدان النامية من الإفلات من "فخ الدخل المتوسط"، أن الصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل توجد ضمن البلدان التي تواجه عقبات خطيرة في مسار تحولها إلى بلدان مرتفعة الدخل.
ولاحظ "تقرير عن التنمية في العالم 2024" الصادر عن البنك الدولي، بالاستناد إلى الدروس المستفادة طوال 50 عاماً مضت، أنه مع ازدياد ثراء البلدان، فإن معدلات النمو الاقتصادي تتباطأ أو تتوقف عندما يصل نصيب الفرد إلى ما نسبته 10% من نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي السنوي في الولايات المتحدة، أي ما يعادل 8 آلاف دولار في الوقت الحالي، وهنا تقع هذه البلدان في فخ "ثبات" معدلات النمو الاقتصادي. وأكد التقرير أن ذلك الرقم يأتي في منتصف نطاق تصنيف البنك الدولي للبلدان متوسطة الدخل، مسجلا أنه منذ عام 1990، لم يتمكن من التحول إلى وضعية الاقتصاد مرتفع الدخل سوى 34 اقتصاداً متوسط الدخل، ملاحظا أن أكثر من ثلثها كان إما مستفيدا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أو من احتياطيات النفط التي تم اكتشافها أخيرا.
وذهب البنك الدولي إلى أنه في نهاية عام 2023 تم تصنيف 108 من البلدان على أنها متوسطة الدخل، حيث يتراوح نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي السنوي في كل منها بين 1,136 دولاراً و13,845 دولاراً. ويبلغ عدد سكان هذه البلدان 6 مليارات نسمة، أي نحو 75% من سكان العالم، ويعيش اثنان من كل ثلاثة من سكانها في فقر مدقع، كما أنها تنتج أكثر من 40% من إجمالي الناتج المحلي العالمي وأكثر من 60%من الانبعاثات الكربونية.
واعتبر البنك أن هذه البلدان تواجه تحدياتٍ أكبر بكثير من البلدان التي نجحت من قبل في الإفلات من فخ الدخل المتوسط والوصول إلى وضعية البلدان مرتفعة الدخل، حيث تكمن تلك التحديات في الزيادة السريعة في أعداد سكانها المسنين، وتصاعد وتيرة إجراءات الحماية الاقتصادية، وسرعة التوجه نحو التحول الطاقي. واعتبر إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول لرئيس البنك الدولي لشؤون اقتصاديات التنمية، حسب بيان صادر عن المؤسسة المالية الدولية أن البلدان متوسطة الدخل ستكون هي مسرح العمليات لكسب أو خسارة معركة تحقيق الرخاء الاقتصادي العالمي".
ومع ذلك، لاحظ جيل أن "الكثير من هذه البلدان يعتمد على استراتيجيات متقادمة كي يلحق بركب الاقتصادات المتقدمة، حيث إنها لا تعتمد إلا على الاستثمار لفترة طويلة للغاية، أو تتجه نحو الابتكار دون الاستعداد الكافي لذلك"، معتبرا أنه "من الضروري اتباع نهج جديد يتمثل في التركيز أولاً على الاستثمار؛ ثم بعد ذلك الاستفادة من التكنولوجيات الجديدة الواردة من الخارج؛ وأخيراً، اعتماد استراتيجية ثلاثية المحاور توازن بين الاستثمار والتكنولوجيا والابتكار، مشيراً إلى أنه مع تنامي الضغوط الديموغرافية والإيكولوجية والجيوسياسية، لن يكون هناك مجال للخطأ".
ويرشد التقرير إلى استراتجية ثلاثية المحاور حتى يتسنى للبلدان الوصول إلى وضعية البلدان مرتفعة الدخل، حيث يؤكد أنه يمكن في مرحلة أولى للبلدان منخفضة الدخل أن تركز فقط على السياسات المصممة لزيادة الاستثمار، ولكن بمجرد وصولها إلى وضعية الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، عليها التحول، في مرحلة ثانية، نحو توسيع نطاق سياساتها لتشمل الاستثمار والتكنولوجيا، وهي المرحلة التي يتم فيها اعتماد التطورات التكنولوجية الواردة من الخارج وتعميمها في مختلف قطاعات الاقتصاد.
ويشدد البنك الدولي على مستوى الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل على ضرورة تحول البلدان مرة أخرى إلى المرحلة النهائية وهي: الاستثمار والتكنولوجيا والابتكار، مضيفا أنه في مرحلة الابتكار لن تكون هذه البلدان مستوردة للأفكار والتكنولوجيات العالمية، بل ستتصدر المشهد. ويقول سوميك لال المدير المسؤول عن التقرير في البنك الدولي إن الطريق لن يكون ممهداً "لكن البلدان بإمكانها إحراز تقدم حتى في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها اليوم، وسيعتمد النجاح على مدى ما تحققه المجتمعات من تقدم في تحقيق التوازن بين قوى الإبداع والحفظ والإحلال، فالبلدان التي تحاول تجنيب مواطنيها المعاناة المرتبطة بالإصلاحات والانفتاح ستخسر المكاسب التي تأتي مع تحقيق النمو المستدام".