سجلت أسعار الحديد في مصر ارتفاعات جديدة خلال الأيام القليلة الماضية، كان أعلاها في منتج حديد "الجارحي" الذي صعد من 15100 جنيه إلى 15750 جنيهاً للطن تسليم أرض المصنع على أن يصل إلى المستهلك بـ16 ألف جنيه، في حين سجل حديد شركة "عز" نحو 15300 جنيه، بزيادة 150 جنيهاً في كلّ طن، كما ارتفعت أسعار حديد الشركات الاستثمارية (تستورد البليت)، بنحو 600 جنيه مسجلة 14900 جنيه (سعر الدولار 15.7 جنيهاً).
وكشف أحد أصحاب مصانع الحديد، أن هناك زيادة أخرى مقبلة، لن يتم الإعلان عنها من قبل المصانع، إلّا بعد إعلان أسعار شركات حديد عز، أكبر منتج للحديد في مصر، وذلك عقب وصول سعر طن البليت إلى 800 دولار للطن.
وأكد مصدر مسؤول باتحاد الصناعات المصرية، أنّ "ارتفاع أسعار الحديد خلال الفترة الأخيرة في مصر يرجع إلى صعود الأسعار العالمية، كرد فعل على الغزو الروسي لأوكرانيا، التي كنا نستورد منها كميات كثيرة من "البليت" قبل فرض الرسوم الوقائية".
وتوقع المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن تكون هناك "موجة أخرى من ارتفاعات الأسعار العالمية، في حال إطالة أمد الحرب، وتراجع المعروض من مصادر الطاقة، والتي قد تضغط على المصانع الأوروبية، مما يفتح الباب أمام صادرات الحديد المصري".
وأشار إلى أن ارتفاع سعر الحديد في مصر في الوقت الراهن لن يؤثر على حركة السوق، نظراً لوجود أزمة ركود يعاني منها السوق العقاري منذ فترة، نتيجة إصدار قرارات حكومية عطلت عمليات التشييد والبناء.
وأوضح شريف عياد، أحد خبراء صناعة الحديد في مصر، أنّ هناك صفقات تم التعاقد عليها من قبل شركات مصرية لاستيراد البليت من أوكرانيا، ولكن الحرب أوقفتها، ما يجعل التوجه في الوقت الراهن ناحية المنتج التركي. وأضاف أنّ أسعار خام البليت عالميًا وصلت اليوم إلى 800 دولار للطن، ما سيعمق أزمة المصانع الاستثمارية والتي تعتمد على البليت المستورد، إذ إن ذلك سيرفع تكلفة الإنتاج ومع وصول سعر الطن إلى 16 ألف جنيه للطن، ستصاب تلك الشركات بخسائر.
ويبلغ إنتاج مصر من حديد التسليح حوالي 7.9 ملايين طن، و4.5 ملايين طن بليت، بينما تستورد البلاد 2.5 مليون طن بليت لصالح المصانع الاستثمارية (مصانع غير متكاملة) التي لا تتوافر فيها إمكانيات تصنيع البليت.
وارتفعت أسعار خام الحديد عالمياً مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. وتمثل روسيا ما يقدر بـ10 في المائة من تجارة الصلب العالمية، بينما تشكل أوكرانيا 4 في المائة منه، وفقًا لمحللي شركة "هيوتاي فيوتشرز" لدراسة الأسواق. وقالت الشركة في مذكرة إن انقطاع الإمدادات من روسيا وأوكرانيا سيجبر بعض المشترين الرئيسيين على البحث عن مصادر بديلة، و"حالياً يمكن للصين فقط ملء هذا الشغور الضخم في السوق".
وأكد محللون أن آفاق زيادة الطلب المحلي على الصلب دعمت الأسعار أيضاً، فيما الاضطرابات في صادرات خام الحديد من روسيا وأوكرانيا دفعت بعض المشترين الأوروبيين إلى البحث عن شحنات من دول أخرى، مما قد يؤدي إلى تقليص الإمدادات العالمية.
وتعتبر روسيا مورداً رئيساً للسوق الأوروبية في العديد من السلع وأهمها الغاز. وسيؤدي ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، وفق موقع "ماينينغ" المتخصص في أسواق المعادن، إلى تضخم تكاليف الطاقة في أوروبا. وأدت هذه التكاليف المرتفعة بالفعل إلى إغلاق جزئي للمصاهر الأوروبية.
وتعد أوكرانيا في المرتبة 13 من حيث أكبر منتج للصلب في العالم، وخامس أكبر مصدر لخام الحديد من حيث الحجم. وأنتجت أوكرانيا 21.4 مليون طن متري من الفولاذ الخام في عام 2021. ويتم تصدير حوالي 80 في المائة من إنتاجها من الصلب.
كذا، صدرت كييف 44.4 مليون طن متري من منتجات خام الحديد العام الماضي، وقد أنتجت 3.9 ملايين طن من خردة الصلب، منها 616 ألف طن تم تصديرها. وشهد كبار مصنعي الصلب في روسيا انخفاضاً في الصادرات منذ بدء الغزو وتوقعات باستمرار المنحى الهابط خلال الفترة المقبلة، بينما تأثرت شحنات النيكل أيضاً، حسبما قال أشخاص مطلعون على هذا الأمر لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية.
وقال محللو غولدمان ساكس في مذكرة إن شحنات المعادن الروسية آخذة في الانخفاض والمشترين "مترددون في سياق عدم اليقين حول العقوبات والتصعيد".