تضع الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، قطاع التقنية الإسرائيلي أمام أزمة كبرى، خاصة إذا استمرت الحرب لفترة طويلة. وحسب تقرير بصحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية التي تُعنى بالتقنية، فإن صناعة التقنية الإسرائيلية ستواجه في المستقبل 4 مخاطر رئيسية، وهي خسارة القوى العاملة وارتفاع كلفة التمويل ومقاطعة منتجاتها عالمياً وهروب الاستثمارات.
وحسب تقرير حكومي إسرائيلي، فإن قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي شكّل عام 2022، نسبة 48.3% من إجمالي صادرات إسرائيل، بلغت قيمتها 71 مليار دولار. وعلى مدى العقد الماضي، تضاعفت صادرات إسرائيل من التكنولوجيا وكان النمو مدفوعًا في الغالب بالتوسع في خدمات البرمجيات، كما يوظف القطاع حوالي 14% من القوى العاملة في إسرائيل، وهو المسؤول عن توسع الطبقة الوسطى وزيادة القوة الشرائية في الاقتصاد. وبالتالي فهو من القطاعات التي بنت عليها إسرائيل تقدمها الاقتصادي، ولكن السؤال الذي يثار حالياً في إسرائيل، هل تستطيع صناعة التقنية إنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي الذي يمر حالياً بأزمة حادة؟
في هذا الصدد، يرى تحليل في صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية، أن شركات التقنية تعاني من أربعة مخاطر كبرى بسبب الحرب على غزة. وتتمثل هذه المخاطر في:
- نقص الموظفين والعمال الذين استدعاهم الجيش للخدمة في الاحتياط. وحسب التحليل، تتراوح نسبة جنود الاحتياط الذين تم تجنيدهم في شركات التقنية الكبرى بين 5 و10% في المتوسط من إجمالي القوى العاملة، بينما في الشركات الناشئة، بلغت النسب أعلى بكثير، إذ يبلغ متوسطها حوالي 20%. ويشير التحليل إلى أن هناك حالات في الشركات الناشئة في إسرائيل مثل شركات الأمن السيبراني تم فيها استدعاء 13 من أصل 15 موظفًا للتجنيد بالجيش الإسرائيلي. ويقول التحليل إنه "من الطبيعي أن يؤثر غياب هؤلاء الموظفين في قدرة شركات التقنية الإسرائيلية على العمل، في المستقبل خاصة الشركات الصغيرة".
- الخطر الثاني يتمثل في تراجع سعر الشيكل مقابل الدولار. تقول "كالكاليست"، إن تراجع سعر الشيكل مقابل الدولار إلى مستوى 4 شواكل وأعلى مقابل الدولار سيرفع من كلف التمويل لشركات التقنية. وحسب خبراء، فإن عائد السندات الإسرائيلية الذي يعني تسعير كلف الدين، سيواصل الارتفاع حتى بعد نهاية الحرب على قطاع غزة التي يمكن أن تطول وتمتد إلى العام المقبل 2024. ويرى التحليل أن طول الحرب سيواصل التأثير السلبي على أداء هذه الشركات وأرباحها في المستقبل. وعلى الرغم من أن شركات التقنية بعد الحرب ربما ستستفيد من ضعف الشيكل في زيادة الصادرات، ولكن حتى الآن تواجه إسرائيل حملة شرسة بسبب خرقها لحقوق الإنسان وتصرفها كدولة "فصل عنصري" ضد الشعب الفلسطيني، وبالتالي ربما تبتعد العديد من الشركات والدول عن التعامل التجاري مع إسرائيل بعد هذه الحرب.
وبدأت القفزة في سعر صرف الدولار مقابل الشيكل قبل الحرب ولكنها تعززت منذ ذلك الحين. ويرى تحليل الصحيفة أن تمويلات هذه الشركات بالدولار ستزيد من كلف منتجاتها وتقلل من تنافسيتها عالمياً، رغم تراجع صرف الشيكل.
- أما الخطر الثالث، فيتمثل في المقاطعة العالمية المتوقعة للمنتجات الإسرائيلية، بعد هذه الحرب على غزة التي أثارت الرأي العام العالمي، ورغم أن التقارير الإسرائيلية تفيد بأن الشركات لم تواجه حتى الآن حملة مقاطعة تجارية، باستثناء أحداث معزولة، إلا أن القصف الإسرائيلي المكثف على المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة قد يؤديان إلى زيادة مشاعر معاداة إسرائيل في جميع أنحاء العالم.
- لكن الخطر الأكثر وضوحاً وتهديداً لشركات التقنية، وهو الخطر الرابع، يكمن في استمرار الحرب. ويقول التحليل في هذا الصدد، بالإضافة إلى الأضرار الكبيرة التي ستلحق بتطور شركات التقنية نتيجة الغياب الطويل لموظفيها، فإن القلق الأكبر هو في الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات. ويعمل حوالي ثلث قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي في 400 مركز بحث وتطوير لشركات أجنبية عملاقة مثل إنتل، ومايكروسوفت، وغوغل، ونفيديا، وأمازون، وميتا. وهذه الشركات ربما تخفض بنسبة كبيرة استثماراتها في إسرائيل وحتى ربما تفضل الهروب نهائياً من إسرائيل في حال طال أمد الحرب. ويلاحظ أن هذه الشركات لديها استثمارات كبيرة في الصين التي تقف ضد الحرب في غزة ودول أخرى تعارض سلوكيات تل أبيب العنصرية ضد الشعب الفلسطيني.