طوت القمة الخليجية التي انعقدت في محافظة العلا السعودية، أول من أمس، صفحة الخلافات، فيما أكد قادة دول مجلس التعاون أن المرحلة المقبلة ستشهد تعاوناً في المجالات كافة، ومن أبرزها الاقتصادي، إذ اتفق الحاضرون على الإسراع نحو تعزيز التكامل وإتمام المشروعات المشتركة.
وتضمن البيان الختامي للقمة الخليجية الـ41، العديد من البنود التي تحضّ على التكامل الاقتصادي، من بينها التركيز على المشاريع ذات البعد الاستراتيجي، وأبرزها الانتهاء من متطلبات الاتحاد الجمركي، واتخاذ إجراءات عملية نحو تحقيق السوق الخليجية المشتركة، ومشروع السكة الحديد.
وشدد المجلس على ضرورة العمل على وضع منظومة متكاملة لتحقيق الأمن الغذائي والمائي وأمن الطاقة، وتبني أهداف وآليات الثورة الصناعية الرابعة في مجال تقنية المعلومات، وتكنولوجيا الاتصالات والذكاء الاصطناعي.
وأكد المجلس الأعلى للقمة الخليجية أهمية الاستمرار في دعم وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إيماناً منه بدورها الحيوي ومساهماتها في اقتصاديات دول المجلس. ووجه المجلس بسرعة تنفيذ ما اتُّفِق بشأنه في خريطة الطريق، واستكمال الدراسات والمشاريع للوصول إلى الوحدة الاقتصادية بين دول مجلس التعاون بحلول عام 2025.
كذلك جرت الموافقة على اتفاقية نظام ربط أنظمة المدفوعات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، واعتبارها المظلة القانونية لمنظومة المدفوعات والتسوية بين دول المجلس وتفويض أعضاء لجنة التعاون المالي والاقتصادي بالتوقيع عليها.
وفي هذا الإطار، أكد الباحث الاقتصادي الإماراتي، عادل الريامي، لـ "العربي الجديد" أن الملف الاقتصادي كان حاضراً في القمة، وهو من أهم الملفات التي يجب التركيز عليها خلال الفترة المقبلة، بسب حالة الركود غير المسبوقة التي تشهدها دول مجلس التعاون. وقال الريامي إن القمة مهدت الطريق للتكامل الخليجي وبلورة سياسة اقتصادية موحدة من أجل عبور الأزمات الراهنة، مشيراً في الوقت نفسه إلى هناك العديد من الأحداث التي ستقام في الدول الخليجية التي ينبغي التجهيز لها والتعاون لإنجازها، مثل تنظيم دولة قطر لمونديال 2022، واستضافة الإمارات معرض إكسبو. وذكر الريامي أن نجاح تلك الفعاليات سيعود بالنفع على اقتصادات دول التعاون والشعوب الخليجية، مشدداً على ضرورة تبادل الخبرات والاطلاع على تجارب الدول الأعضاء في هذه المجالات.
إلى ذلك، ذكر الخبير الاقتصادي الكويتي، مروان سلامة، أن المصالحة الخليجية يمكن أن تساهم في دعم اهتمام المستثمرين الإقليميين بالعديد من المجالات، وخصوصاً سوق العقارات الذي تراجع بصورة كبيرة، ودخل في حالة ركود منذ عدة سنوات، وتفاقمت أوضاعها أكثر بسبب جائحة كورونا.
وقال سلامة خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إنه مع تدشين الدول الخليجية حملات التطعيم ضد كورونا، يجب أن يحصل التوافق والتعاون بشأن طرق محاربة الفيروس وآلياتها، وبلورة إجراءات موحدة بشأن استئناف الأعمال وعودة الحياة الطبيعية مع قرار إعادة فتح الأجواء بين السعودية وقطر.
وأشار سلامة إلى أن رأب الصدع بين دول الخليج وإنهاء الأزمة الخليجية سيعود بالنفع على الشعوب، حيث من المتوقع تسهيل التنقل بين دول المجلس، فضلاً عن ضخ استثمارات خليجية في دول التعاون بدلاً من توجيهها إلى الخارج.
وقبل يوم من انعقاد القمة، أعلن وزير الخارجية الكويتي، الشيخ أحمد الناصر، موافقة السعودية على إعادة فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية مع قطر.
بدوره، أشاد رئيس وحدة البحوث في مركز الخليج العربي للدراسات الاقتصادية، عبد العزيز الخالدي، بما أُنجِز في قمة العلا، مشيراً إلى أن الملفات الاقتصادية التي نوقِشَت خلال فعاليات القمة مهمة للغاية، حيث إن التوافق الاقتصادي سيعيد إلى مجلس التعاون الخليجي هيبته المفقودة بسبب الخلافات منذ 5 يونيو/ حزيران 2017. وأكد أن التكامل بين دول الخليج سيجعل مجلس التعاون قوياً وصلباً في وجه التحديات والمخاطر التي تحيط بالمنطقة، في ظل التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، مشيراً إلى أن أيام ترامب الأخيرة في البيت الأبيض قد تشهد تطورات صعبة ستمتد آثارها على منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي خصوصاً.