تدفع أزمة الطاقة وغلاء فواتير الوقود، لا سيما المشتقات المستخدمة في التدفئة، بسكان قطاع غزة إلى البحث عن الحطب لاستخدامه في موسم الشتاء والبرد، تلافيا للوقوع في فخ الفواتير الباهظة التي يعجز الكثيرون عن تأمين تمويلها في الوقت الحاضر.
ففي أحد أقدم أحياء مدينة غزة، تجمع سعدية الملالحة الفروع الجافة التي تجدها على جانب الطريق ثم ترص الكومة في حرص وتحملها على رأسها عائدة للمنزل كي تشعل النار وتطهو الطعام لطفليها.
يزداد الشتاء قسوة عاما بعد آخر، ويدفع الارتفاع الحاد في أسعار الغاز وتكرار انقطاع التيار الكهربائي، كثيرين من سكان غزة للجوء على نحو متزايد للحطب الذي يقول الخبراء إنه قد يضر البيئة.
وقالت سعدية (43 عاما) وهي تجلس أمام حفرة أشعلت فيها النار أمام منزلها: "إحنا بنستخدم النار لأنه إحنا فش عنا دخل نعبي غاز، كيف بدنا نعيش؟ كيف بدنا نطعم أولادنا، كيف بدنا نأكل إلا على النار؟".
وبسبب زيادة الطلب، اتجه سمير حجي وأبناؤه الثلاثة لقطع الأخشاب وبيع الحطب في قطاع غزة الساحلي الضيق الذي يقطنه نحو 2.3 مليون نسمة وتفرض عليه إسرائيل حصارا محكما بينما تشدد مصر الإجراءات على الحدود معه.
وقال حجي (55 عاما)، الشرطي السابق، وهو يقف بجوار أكوام من خشب أشجار الزيتون: "في إقبال عنا على الحطب كويس بس كل ما سقعت هي إنت عارف اليوم الغاز غالي والكهرباء بتقطع ثماني ساعات وبعد الظهر أكثر ففي عنا بيع، الناس في السقعة وفي الشتاء الناس بتقعد جنب الكانون كل شعب غزة هيك بيتدفوا بيشووا، ففي إقبال على الحطب".
ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من الحطب إلى شيقل (0.28 دولار) وتحتاج بعض الأسر لنحو خمسة كيلوغرامات في اليوم وبعضهم يجمعه من الشوارع. أما تكلفة ملء أسطوانة غاز طهي سعتها 12 لترا فبلغت ما يصل إلى 72 شيقلا (20.5 دولارا) في 2022 من 63 شيقلا (18 دولارا) قبل عام.
وأوضح حجي أن "الأخضر يعني 100 دولار، 350 شيقل، والناشف تقريبا 700 شيقل، أو 600، من (شجرة) البرتقال بيوصل لألف".
وأضاف: "النار فاكهة الشتاء، الفاكهة تاعت الشتاء طبعا إحنا طول عمرنا تعودنا على النار مش من طول عمرنا نستعمل على النار، إحنا لحتى الآن أنا عندي في البيت بحط على سطح وعلى الثالث والرابع حاطط فرنين".
أما استعمال السخانات الكهربائية فهو أكثر كلفة، ويشكو السكان من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة.
لكن الخبير البيئي نزار الوحيدي، وهو أيضا مسؤول سابق في وزارة الزراعة الفلسطينية، يحذر من تبعات استعمال الحطب على نطاق واسع ويقول إنه قد يضر بصحة الناس ويتسبب في أضرار بيئية.
وقال لرويترز إن "إشعال النيران بغرض التدفئة هو البديل الذي وضعه الناس لارتفاع أسعار الغاز والمحروقات وانقطاع التيار الكهربائي لكن هذا الأمر أدى لحدوث مشاكل أخرى منها التلوث البيئي ومنها التأثير السلبي في مسألة الاحتباس الحراري، فهو يساهم في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري وزيادتها".
وإلى جانب أضرار إشعال الحطب على البيئة، فإنه يمثل خطورة كبيرة كما يوضح أحمد العطار (49 عاما)، وهو من سكان غزة "طبعا النار هذه هولعها هتدفئ في المكان هذا، فمش هاخدها على غرفة النوم ولا على غرفة نوم أولادي لأنها هتعمل جنايات حتعمل ضحايا ممكن تولع شرارة تحرق الدار ممكن الأكسجين يخلص يقتل الأطفال".
(رويترز)