استمع إلى الملخص
- المقاطعة تضمنت نشر أسماء التجار المتورطين في رفع الأسعار وتفاصيل البضائع، مما أدى إلى تلف كميات من الفواكه وشجع المزيد من المواطنين على الانضمام للحملة.
- الحملة حظيت بدعم من الصحافيين والنشطاء الفلسطينيين، مؤكدين على أهمية المقاطعة كوسيلة احتجاج فعالة لمحاربة الغلاء والاحتكار وضرورة التضامن لمواجهة استغلال الظروف الصعبة.
انطلقت في قطاع غزة حملة لمقاطعة البضائع والمواد الغذائية ذات الأسعار الخيالية، والتي تصل إلى عشرات أضعاف أسعارها الطبيعية، في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون أوضاعاً اقتصادية متدهورة من جراء تواصل الحرب الإسرائيلية للشهر التاسع توالياً.
تعالت أصوات مجموعة من الصحافيين والنشطاء الفلسطينيين بضرورة مقاطعة البضائع مرتفعة الثمن، ضمن حملة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار "خليها تخرب"، تطالب بعدم شراء تلك البضائع، وفي مقدمتها الفواكه والمواد الغذائية واللحوم والمواد التموينية، في مسعى لتقويض الارتفاع الجنوني في الأسعار، وعودتها إلى وضعها الطبيعي. وعلى الرغم من نُدرة البضائع في الأسواق الفلسطينية نتيجة الإغلاق الإسرائيلي الكامل للمعابر منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وزيادة شِدة الخناق بعد السيطرة على معبر رفح مطلع مايو/أيار الماضي، إلا أن الحملة لاقت رواجاً واسعاً، خاصة في ظل التأثير المباشر لارتفاع الأسعار على الفلسطينيين الذين فقدوا بيوتهم ومُدخراتهم ومصادر دخلهم، في حين يعيش نحو 1.5 مليون منهم قسوة النزوح، وانعدام مختلف مقومات الحياة. وساهمت المطالبات بضرورة مقاطعة البضائع مرتفعة الثمن في خلق حالة من العزوف العام، الأمر الذي ألقى بظلاله على واقع الأسواق، وفساد كميات من الفواكه التي لم يتمكن التجار من حِفظها بفعل الانقطاع الكامل للتيار الكهربائي، الأمر الذي شجع المزيد من المواطنين على الانضمام إلى حملة المقاطعة، أملاً في لجم الارتفاع الجنوني في الأسعار.
تقول الفلسطينية كاري ثابت إنها مع فكرة مقاطعة مختلف البضائع مرتفعة الثمن، والضرب بيد من حديد على يد التجار المحتكرين، وكل من يستغل حاجة الناس إلى تلك البضائع في ظل حالة الشُح الشديد، "تصل هذه البضائع بأسعار زهيدة، وبعضها يصل كمساعدات، إلا أنها تباع بأسعار خيالية لا تراعي الوضع الصعب للفلسطينيين في حرب الإبادة".
وتلفت ثابت لـ"العربي الجديد" إلى أن الأسعار المرتفعة جداً استنفدت قدرات الفلسطينيين، وتحديداً النازحين منهم، حيث صرفوا أموالهم ومدخراتهم للتنقل من منطقة إلى أخرى، ولاستئجار البيوت البديلة، أو إنشاء الخيام، إلى جانب اضطرارهم إلى شراء المواد الغذائية اللازمة والضرورية بأسعار مضاعفة عشرات المرات، في ظل انعدام البدائل. في الإطار ذاته، يوضح الفلسطيني رامي محمود أن فكرة المقاطعة جاءت نتيجة طبيعية لحالة الغلاء الفاحش للعديد من الأصناف والبضائع التي يتم استيرادها عن طريق بعض التجار "الذين يفكرون فقط في استغلال الوضع في حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على شعبنا".
ظروف سيئة في غزة
ويبين محمود لـ"العربي الجديد" أنه لا فرق بين استغلال الفلسطينيين الذين يعيشون ظروفاً خطرة وقاسية جداً وسط الحرمان، وبين الحرب الإسرائيلية الشرسة عليهم. ويقول "بدأت التأثيرات الإيجابية للحملة بالظهور في الأسواق، حيث وصل سعر كيلو الخوخ إلى شيكل واحد بعد تلفه، فيما لا يزال يُباع جديداً بأسعار تصل إلى 20 شيكلاً". (الدولار يساوي 3.7 شواكل تقريباً).
وتضمنت حملة المقاطعة جانباً آخر لنشر أسماء التجار المتورطين في ارتفاع أسعار السلع والبضائع، مع نشر تفاصيل البضائع وأسماء الشركات ومصادر توريدها، وأرقام الشاحنات، وأسماء السائقين، كذلك الأسعار الحقيقية، ومقارنتها بالأسعار المرتفعة. وعن ذلك يقول الفلسطيني محمد الحلو "من الواجب فضح كل من يتورط في استغلال الناس في هذه الظروف، بهدف إيجاد حالة من الردع التي من شأنها إلغاء مظاهر الاستغلال والغلاء والاحتكار".
وبدأ الفلسطيني هاني أبو دغيم بمقاطعة البضائع مرتفعة الثمن على قاعدة "لا تشترِها ودعها تفسَد"، ويشير إلى أهمية محاربة الغلاء في الوقت الطبيعي، وزيادة تلك الأهمية خلال الحرب التي أثرت على كافة شرائح الشعب الفلسطيني.
ويلفت أبو دغيم لـ"العربي الجديد" إلى أن المقاطعة طريقة من طرق الاحتجاج التي يمكن أن تدفع وتُجبر "تجار الحروب وتجار الأزمات على خفض أسعار البضائع، أو رميها في القمامة بعد أن تفسد".
يقول الفلسطيني سعدي أبو ظهير (صحافي) إنه "في ظل الارتفاع الجنوني في الأسعار واحتكار بعض التجار السلع الرئيسية التي تورّد لغزة عبر معبر كرم أبو سالم، كان علينا بصفتنا صحافيين التدخل من أجل إثارة هذه القضية للرأي العام ووضعها أمام كل مسؤول"، مشدداً على أن التاجر المُحتكِر والمُستغِل يُشارك في تفاقم معاناة الشعب وزيادة عذاباته التي يكتوي بها يومياً من قبل الاحتلال الإسرائيلي. ويلفت أبو ظهير لـ"العربي الجديد" إلى أن استغلال المواطنين للبضائع الشحيحة، وعرضها بأسعار خرافية هو الدافع الأساسي لإطلاق حملة مقاطعة السلع والبضائع التي تُحتكر وتستغل من قبل بعض التجار.