تراجع سعر الدولار وارتفعت أسعار سندات الخزانة الأميركية، حيث خفّض المستثمرون رهاناتهم على فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي نهاية الأسبوع تقدمًا لصالح كامالا هاريس. وسجل مؤشر الدولار أكبر انخفاض له في ستة أسابيع، بينما ارتفعت أسعار سندات الخزانة لأجل عشر سنوات بتراجع عوائدها بمقدار 10 نقاط أساس، وصولاً إلى 4.28%. وكان البيزو المكسيكي، الذي انخفض بشكل كبير عقب فوز ترامب في 2016، من بين العملات الرئيسية الأفضل أداءً وفقًا لبيانات بلومبيرغ.
وحصلت هاريس على إشارات مشجعة من استطلاع أجرته ABC News وIpsos، أظهر تقدمها بنسبة 49% مقابل 46% على المستوى الوطني أمام ترامب في السباق إلى البيت الأبيض. وأظهرت استطلاعات أخرى تقاربًا شديدًا بين المرشحين، مع انقسام بسيط بين الناخبين على المستوى الوطني وفي الولايات المتأرجحة الحاسمة. وقال إريك نيلسن، المستشار الاقتصادي الرئيسي في UniCredit SpA، لقناة بلومبيرغ: "بطريقة ما، أقنع السوق نفسه بأن ترامب كان متقدمًا، وقد تم تسعير الأمور كما لو كان النصر واضحًا لصالحه، وهذا يبدو جنونيًا. ما تشاهدونه الآن هو إدراك بأننا بالغنا في التقدير".
ولم تتغير العقود الآجلة لمؤشر إس أند بي 500 قبل بدء تعاملات الأسبوع الرسمية بشكل كبير، بينما انخفضت عقود مؤشر ناسداك الآجلة، في استمرار للأداء المضطرب لمؤشرات الأسهم الرئيسية، خلال الأيام الأخيرة. وارتفعت أسهم شركة إنفيديا بنسبة 1.5% في في تعاملات ما قبل فتح الأسواق بعد أنباء عن إدخالها في مؤشر داو جونز الصناعي بدلاً من شركة إنتل، والتي انخفضت أسهمها بنسبة 1.7%.
وعكست تحركات الساعات الأولى من تعاملات يوم الاثنين بعض المكاسب التي حققها الدولار وعوائد السندات بعد أن قام المستثمرون بزيادة رهاناتهم على فترة رئاسية ثانية لترامب، إذ يرى البعض أن دعمه لسياسات مالية أكثر مرونة، وفرض تعريفات جمركية مرتفعة، سيعمق العجز الفيدرالي ويزيد من التضخم، مما يدفع أسعار الفائدة للارتفاع، ويضر بالسندات ويزيد من قوة الدولار.
وتسهم عوامل عدة في تكوين النظرة المتحفظة للسوق تجاه الدولار مع ارتفاع فرص هاريس، حيث يقوم المستثمرون بتعديل محافظهم من العملات والأصول بناءً على التوقعات المتغيرة للسياسات الاقتصادية والمالية. وخلال الأسابيع الأخيرة، تراجع الدولار مع كل زيادة في فرص كامالا هاريس في الفوز بالانتخابات، حيث ترى الأسواق أن إدارتها قد تتبع سياسات اقتصادية تشمل ضرائب أعلى، وزيادة الإنفاق الحكومي، وتغييرات تنظيمية. وترتبط سياسات هاريس المالية بتوقعات زيادة الإنفاق الحكومي على برامج اجتماعية وبنية تحتية، مما يزيد من المخاوف حول استدامة المالية العامة على المدى الطويل.
ويتوقع المستثمرون أن يقوم البنك الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي في حال زاد الإنفاق الحكومي. وعادة ما تجعل أسعار الفائدة المنخفضة الأصول المقومة بالدولار أقل جاذبية للمستثمرين، مما يقلل الطلب على العملة ويضعف قيمتها. ومن ناحية أخرى، ترتبط سياسات هاريس بتوجه نحو المزيد من التدقيق التنظيمي، خاصة في قطاعات مثل المالية والطاقة. ويُعتقد أيضًا أن هاريس قد تكون أكثر اعتدالًا في سياسات التجارة مقارنةً بموقف ترامب الحاد، مما قد يقلل الطلب على الدولار بما هو عملة آمنة.
ووسط سيل من الاستطلاعات، أشار استطلاع لصحيفة Des Moines Register إلى تقدم هاريس في ولاية أيوا، وهي ولاية فاز بها ترامب في كلتا مشاركتيه السابقتين. ورغم أن هذا الاستطلاع قد يكون استثناءً، إلا أنه سلط الضوء على الديناميكيات المتغيرة للسباق. وقالت بيتا مانثي، استراتيجية في Citigroup Inc: "تحركات ترامب كانت سريعة جدًا"، مضيفةً أن "المستثمرين في وضع الانتظار والترقب، وسيتخذون إجراءات بمجرد ظهور النتائج".
وإلى جانب الانتخابات الأميركية، ستتأثر التداولات في الأسواق المالية، كما سعر الدولار مقابل العملات الأخرى، هذا الأسبوع بقرارات البنوك المركزية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، من بين دول أخرى. ومن المتوقع أن يقوم بنك الاحتياط الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة على الدولار بمقدار 25 نقطة أساس يوم الأربعاء، بينما يُتوقع أن يخفض بنك إنكلترا سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة ليصل إلى 4.75%.