يضرب الركود أسواق ليبيا، إذ تسبب الغلاء وتراجع القدرات الشرائية للكثير من المواطنين في جمود معظم الأنشطة التجارية، الأمر الذي أرجعه خبراء اقتصاد إلى قلق المواطنين من الإنفاق على بنود غير أساسية في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني، فضلاً عن انخفاض قيمة العملة الليبية وموجة الغلاء العالمية.
وتراجعت آمال الليبيين في استقرار البلاد، بعد المعارك الأخيرة التي شهدتها العاصمة طرابلس بين فصائل مسلحة موالية لحكومة فتحي باشاغا التي عينها مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
يقول علي الككلي، صاحب محل ملابس بالقرب من وسط طرابلس في حديث لـ"العربي الجديد" إن "الطلب على الملابس منخفض جداً، قد تجد زبوناً واحداً في اليوم".
ويشير خليفة أرحومة، الذي يدير محلاً لبيع الأدوات المنزلية، إلى أن البضائع مكدسة والسحب على السلع ضعيف جداً، ويتعلق بحالات فردية لديها مناسبات اجتماعية، على الرغم من أن هناك تخفيضات للسلع تصل 20%.
غلاء متصاعد
لكن المواطن محمد هدية، يؤكد أن المشكلة في الغلاء المتصاعد الذي دفع الكثيرين إلى قصر الشراء على ضرورات الحياة فقط مع الاستغناء عن الكماليات.
بدوره، يقول المحلل الاقتصادي أحمد المبروك لـ"العربي الجديد" إن بداية الركود بدأت ملامحها على الاقتصاد غير النفطي في ليبيا، وقد تعصف بالاقتصاد ككل نتيجة عدم اتخاذ مصدات للركود التضخمي من قبل صناع القرار.
وفي السياق، يشير خبير الاقتصاد والتمويل، جمعة المنتصر، إلى أن مشكلة ليبيا أنها تعاني من اقتصاد رسمي ضعيف واقتصاد مواز يزداد حجمه بشكل كبير، بسبب الانقسام السياسي الحاصل في البلاد.
ووصلت معدلات التضخم (أسعار المستهلكين) إلى 5.2 % خلال النصف الأول من العام، وفق البيانات الحكومية. ويعتمد الاقتصاد الليبي على القطاع النفطي بشكل كلي في تسيير النشاط الاقتصادي، إذ يشكل حوالي 68% من هيكل الناتج المحلي الإجمالي، وتساهم صادراته بما لا يقل عن 96% من إجمالي الصادرات الكلية للبلاد، كما أن إيراداته تساهم بتمويل ما يقارب 90% من إجمالي الإيرادات العامة.
ويعاني الليبيون من أوضاع اقتصادية صعبة. وفي مطلع يوليو/تموز الماضي، اندلعت تظاهرات في طرابلس، احتجاجاً على الظروف المعيشية والفوضى السياسية وأزمة انقطاع التيار الكهربائي.
تفاقم الانقسام
ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي قبل عام ونصف العام يرأسها عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا التي عينها مجلس النواب في فبراير/شباط الماضي، ومنحها ثقته في مارس/آذار وتتخذ من سرت (وسط) مقراً مؤقتاً لها.
وكانت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا"، قد توقعت في تقرير لها في ديسمبر/كانون الأول 2020، تجاوز خسائر ليبيا بسبب الصراع الدائر تريليون دولار، في حال تواصل الحرب والاضطرابات، مشيرة إلى تعرض الاقتصاد لانكماش حاد في ظل التدمير الذي تعرضت له الأصول في الكثير من القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن تهاوي احتياطيات النقد الأجنبي.