لم تخف الأوساط الاقتصادية في السودان مخاوفها من الآثار السلبية التي تنتظر البلاد داخليا وخارجيا بسبب رفع سعر الفائدة الأميركية، في ظل تفاقم الأزمات المعيشية في البلاد وتوقف المساعدات الدولية وتوتر الأوضاع السياسية عقب انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
وفي هذا السياق، يرى أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية، عبد المجيد إبراهيم، أن السودان فشل منذ قيام ثورة ديسمبر من العام 2018 في تفعيل موارده الداخلية بسبب الاضطرابات السياسية في الفترة الانتقالية، إلى أن وصل إلى مرحلة توقف الدعم الدولي عقب انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على السلطة المدنية.
ويؤكد أن رفع سعر الفائدة الأميركية ستكون له ظلال سوداء على المديونية المتراكمة منذ سنوات، إذ تزداد قيمتها تلقائيا، ما يشكل عبئا جديدا في الفرص المتاحة للخروج من نفق الأزمة.
ويضيف إبراهيم أن البلاد غير منتجة وتعتمد بصورة أساسية على الاستيراد بنسبة تصل إلى 90 بالمائة، ما يشكل أيضا عبئاً على المستوى المعيشي في الداخل لارتفاع فاتورة الاستيراد وبالتالي ارتفاع التضخم. وقال إن كل ذلك يؤدي إلى مزيد من الإفقار للشعب السوداني.
وفي نفس الإطار، يقول الاقتصادي السوداني المعز إبراهيم لـ"العربي الجديد" إن الحكومة أضاعت فرصا كبيرة لاستثمار الموارد المتاحة، ولكنها أغفلت ذلك واعتمدت على وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين، وهذا جعلها ترتبط ارتباطا وثيقا بالمعونات، وبالتالي، سيلقي رفع الفائدة الأميركية بأثاره السلبية على دفة الاقتصاد السوداني والأوضاع المعيشية.
وقال الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي إن معدل التضخم السنوي انخفض إلى 148.88% في يونيو/حزيران من 192.21% في مايو/أيار. ورغم ذلك، تبقى معدلات التضخم في البلاد من ضمن الأعلى على مستوى العالم. ويأتي ذلك في وقت يتدهور فيه سعر العملة المحلية وتعاني الأسواق من شح حاد في العملة الصعبة.
ويواجه المواطنون انهيارا سريعا في الخدمات، بما في ذلك إمدادات المياه والكهرباء، وسط تواصل الاضطرابات الأمنية والسياسية وتواصل الاحتجاجات على السلطة لعدة أسباب، أبرزها تدهور الأوضاع المعيشية.
وتؤكد السلطة الحالية أنها تواصل تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي بدأتها حكومة بقيادة مدنية تحت إشراف صندوق النقد الدولي في عام 2020، بهدف خفض الدعم الذي يُنظر إليه على أنه متضخم، لكن الإنفاق الحكومي ارتفع بشكل كبير وسط تضارب القرارات الاقتصادية التي أدت إلى تفاقم الأوضاع الحياتية واستمرار موجات الغلاء رغم ثبات الأجور وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
ويقول الاقتصادي السوداني محمد الناير، لـ"العربي الجديد"، إنه ومنذ أن خفض السودان عملته المحلية مقابل الدولار، انخفضت قيمة الناتج المحلى الإجمالي إلى 13 مليار دولار فقط، والذي كان يبلغ 108 مليارات دولار قبل فبراير/ شباط من العام الماضي 2021.
وحسب بيانات رسمية، ارتفع الدين الخارجي، بحسابه بالعملة المحلية، من 3 تريليونات جنيه (الدولار = نحو 470 جنيهاً) إلى 24.6 تريليون جنيه أي ما يعادل 400% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022. وتوقع الناير أن تزداد ديون السودان بوتيرة كبيرة مع زيادة أسعار الفائدة.