استمع إلى الملخص
- في اتفاق المناخ COP28، تم الاعتراف بالغاز كوقود انتقالي رغم التزامات الابتعاد عن الوقود الأحفوري، مع مخاوف من تثبيت انبعاثات الغازات الدفيئة التي تفاقم الاحتباس الحراري.
- الغاز الطبيعي ينتج نصف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالفحم، لكن هناك قلق متزايد حول انبعاثات الميثان، خاصة من الغاز الطبيعي المسال، مما يثير تحديات أمام الانتقال لمستقبل طاقة أكثر نظافة.
في حين أن استهلاك النفط والفحم على وشك بلوغ ذروته، فإن الطلب على الغاز الطبيعي ينمو بسرعة، بما يجعله آخر الوقود الأحفوري الصامد في الوقت الذي تتبنى فيه الدول مصادر أنظف، في محاولة لتجنب أسوأ عواقب تغير المناخ. فقد ظل المدافعون عن الغاز لفترة طويلة يزعمون أنه قادر على تسهيل التحوّل إلى طاقة أنظف، سواء من خلال الحد من الاعتماد على الفحم الأكثر ضرراً على البيئة أو من خلال التعويض عن عدم قدرة طاقة الرياح والطاقة الشمسية على إنتاج الكهرباء بثبات في جميع الأوقات وفي كل موسم.
وبحسب تقرير أوردته بلومبيرغ الأميركية الأربعاء، كان يُنظر إلى حكومات العالم على أنها تؤيد هذا الرأي في اتفاق المناخ COP28 في أواخر عام 2023، والذي اعترفت فيه بدور "الوقود الانتقالي" الذي لم يذكر اسمه حتى مع تقديم التزام تاريخي بالابتعاد عن الوقود الأحفوري. ومع النمو السريع لاحتياجات الطاقة في اقتصادات الأسواق الناشئة التي تدفع الطلب على الغاز، تنفق شركات الطاقة بكثافة لتعزيز قدرتها على تصديره.
لكن مكمن الخطر هنا، بحسب بلومبيرغ، هو أنه بدلاً من أن يكون بمثابة جسر إلى الطاقة النظيفة، فإن الغاز سوف يصبح راسخاً إلى الحد الذي قد يصبح فيه فخاً للوقود الأحفوري، حيث يحبس انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي عند مستوى يؤدي إلى تصاعد خطير في ظاهرة الانحباس الحراري العالمي. ويبدو أن تجربة الولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين تعطي مصداقية للحجة الداعية إلى استخدام الغاز الطبيعي كوقود انتقالي.
ولأن حرق الغاز لتوليد الكهرباء ينتج نحو نصف كمية ثاني أكسيد الكربون التي ينتجها الفحم، فإن التحول إلى الوقود الأقل تلويثاً في قطاع الطاقة ساعد في خفض انبعاثات غازات الدفيئة المقاسة. وقد تم تسهيل هذا النوع من المقايضة من خلال حقيقة مفادها أن استهلاك الكهرباء كان مستقراً أساساً في الولايات المتحدة لسنوات، مما سمح لمزودي الطاقة بحرق كميات أقل من الفحم مع حرق المزيد من الغاز بعد أن فتحت ثورة الصخر الزيتي احتياطيات هائلة من الوقود الرخيص.
ويختلف الوضع في البلدان النامية التي تدفع طفرة الغاز الطبيعي اليوم. ومع قيام هذه الدول بالتصنيع وتوصيل المزيد من شعوبها بالكهرباء، فإن احتياجاتها من الطاقة تتزايد بسرعة. على الصعيد العالمي، من المتوقع أن يرتفع الطلب على الكهرباء بمتوسط 3.4% سنوياً حتى عام 2026، وفقا لوكالة الطاقة الدولية، حيث تقود الصين والهند وجنوب شرق آسيا غالبية النمو. وفي مثل هذه الأماكن، هناك خطر يتمثل في أن البنية التحتية الجديدة للغاز ستضيف إلى الانبعاثات.
وفي هذا الصدد، قال المدير في مؤسسة غلوبال في سنغافورة، مارك هاتشينسون: "حتى الآن في الأسواق الآسيوية، لا يوجد بلد يقترب حتى من إغلاق محطات الفحم القائمة لأن طلب الكهرباء في العديد من الأماكن ينمو بنسبة 5% إلى 8% سنوياً". وحتى في الأسواق الأكثر نضجاً، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من المتوقع أن يبدأ استخدام الكهرباء في الارتفاع مرة أخرى نظراً لشهية الطاقة لدى مراكز البيانات التي تقود الذكاء الاصطناعي والأعداد المتزايدة من المركبات وأنظمة التدفئة التي تعمل بالكهرباء.
من المؤكد أنه من الأفضل للبيئة أن يُلبّى الطلب الجديد على الطاقة بالغاز بدلاً من الفحم رغم أن مصادر الطاقة المتجددة الخالية من الانبعاثات ستكون أفضل. ومقارنة بالفحم، فإن الغاز الطبيعي تنبعث منه جسيمات دقيقة أقل، مما يسبب الوفاة المبكرة للمصابين بأمراض القلب والرئة.
كما أنها ذات بصمة كربونية أخف رغم أن هذه الميزة تتآكل مع نقل المزيد من الغاز كسائل بدلاً من إرساله عبر خطوط الأنابيب. ونظراً لأن الطاقة مطلوبة لتبريد الغاز بحيث يصبح سائلا، وإبقائه بارداً أثناء نقله، ثم تسخينه احتياطياً، فإن الغاز الطبيعي المسال (LNG) يكون أكثر كثافة في الانبعاثات من الغاز عبر الأنابيب.
ومن الواضح أن قطاع الغاز مسؤول عن انبعاثات كبيرة من غاز يحبس الحرارة بخلاف ثاني أكسيد الكربون وهو الميثان، علماً أن الغاز الطبيعي يتكون من 70% إلى 90% من غاز الميثان الذي إذا تم إطلاقه فإنه يدخل الغلاف الجوي من دون أن يحترق.