توجه الحكومة الأردنية غالبية برامجها التنموية خلال الفترة الحالية للحد من الارتفاعات الكبيرة لنسبتي الفقر والبطالة، اللتين بلغتا مستويات قياسية غير مسبوقة، في الوقت الذي تزداد فيه أعداد الداخلين إلى سوق العمل وتفاقم تداعيات جائحة كورونا وما نجم عنها من تسريح أكثر من 140 ألف عامل في مختلف القطاعات.
وتتوقع مؤسسات دولية من بينها البنك الدولي أن تزيد نسبة الفقر عن 27 في المائة وأن تتجاوز البطالة 25 في المائة خلال السنوات القليلة المقبلة، وأن تواصل مستويات المعيشة الانحدار في ضوء ارتفاعات الأسعار وخاصة المواد الأساسية. وقال رئيس الوزراء بشر الخصاونة إن الحكومة أوشكت على الانتهاء من وضع خطة اقتصادية وستكون جاهزة قبل نهاية الشهر الجاري وتتضمن برنامجا تنفيذيا على مدى 24 شهرا ضمن أولويات محددة وأطر زمنية واضحة.
وقال مصدر مطلع لـ"العربي الجديد" إن الخطة تركز على إحداث التعافي الاقتصادي المطلوب من كورونا، والحد من مشكلتي الفقر والبطالة والتركيز على سياسات التشغيل ومساعدة الشرائح الفقيرة ومتدنية الدخل. وبحسب بيانات رسمية، فقد رصدت الحكومة في خطة أولويات عملها للأعوام (2021-2024) حوالي 2.5 مليار دولار لدعم التشغيل ومكافحة الفقر وذلك ضمن البرنامج التنفيذي التأشيري لأولويات عمل الحكومة التي تبلغ قيمته حوالي 10.7 مليارات دولار.
ويركز البرنامج التنفيذي التأشيري للحكومة على تبني سياسات وبرامج ومشاريع من شأنها زيادة فرص التشغيل وتمكين العمالة المحلية، وتطوير قدراتها من خلال برامج التمكين وتعزيز منظومة التدريب المهني والتقني وربطها باحتياجات السوقين المحلي والخارجي.
ويوجه البرنامج أيضا لتحفيز سوق العمل الأردني في القطاعات الاقتصادية الواعدة وإعداد الأنظمة والتعليمات للارتقاء بمنظومة التدريب والتعليم المهني والتقني وحوكمة إصدار مزاولة المهنة لرفد سوق العمل بخريجين مصنفين ومؤهلين بمهارات فنية عالية ودعم مشاريع التدريب لغايات التشغيل واستدامة العمل. وقال المتحدث الرسمي لوزارة العمل الأردنية محمد الزيود، إن ارتفاع البطالة مشكلة تؤرق الحكومات المتعاقبة ويتم حالياً تكثيف الجهود التي تستهدف الحد منها، لا سيما مع الآثار الناتجة عن جائحة كورونا.
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن الحكومة تعمل لتنظيم سوق العمل وإحلال العمالة المحلية مكان الوافدة، من خلال منح العمال الأجانب فرصة لتصويب الأوضاع وتسفير المخالفين منهم وتقديم حوافز لهم لهذه الغاية. وشرح المستشار السابق في وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية فواز الرطروط في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة أصبحت اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالعمل على وضع معالجات ناجعة لمشكلة الفقر التي تؤكد كافة المؤشرات أنها ستشهد المزيد من الارتفاع هذا العام والأعوام اللاحقة.
ولفت إلى أن هذا الاتجاه التصاعدي له عدة أسباب أهمها تراجع فرص العمل المستحدثة في الاقتصاد الأردني وتراجع أداء مختلف القطاعات بسبب جائحة كورونا وتداعياتها وغلاء الأسعار. وأضاف أن على الحكومة التنبه لمخاطر ارتفاع الفقر والبطالة على الأمن المجتمعي وزيادة الضغوطات النفسية على شريحة كبيرة من المواطنين وخاصة الواقعين تحت خط الفقر والعاطلين عن العمل.
وأشار إلى أهمية التركيز على البرامج المباشرة وغير المباشرة التي تستهدف تحسين الأوضاع المعيشية ومحاولة الحد من نسبة الفقر. وقال إن المطلوب في هذا الوقت هو توجيه مساعدات مباشرة ومتكررة للشرائح الفقيرة، لإعانتها على تجاوز الظروف الصعبة التي تعاني منها ووقف حالات الفصل التعسفي من العمل الذي يقوم به الكثير من منشآت القطاع الخاص.
وقد أدت جائحة كورونا إلى زيادة حالات التعثر المالي وزيادة أعداد الفقراء، وذلك ما تؤشر له البيانات المالية التي تؤكد ارتفاع قيمة الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد، ما اضطر الحكومة لتعطيل نصوص حبس المدين لنهاية العام الحالي. وارتفعت قيمة الشيكات المرتجعة من قبل البنوك الأردنية العام الماضي لتبلغ 2.3 مليار دولار وبزيادة نسبتها 4 في المائة عن العام 2019، وذلك من إجمالي قيمة الشيكات المتداولة في الأردن والتي بلغت قيمتها 48.4 مليار دولار.
وبيّن المنتدى الاقتصادي الأردني في بيان سابق أن جائحة كورونا ستفاقم من مستوى الظروف الصعبة التي كان يواجهها الاقتصاد الأردني خلال السنوات الأخيرة (قبل ظهور الجائحة).
وقال إن الظروف الاقتصادية الصعبة قبل الجائحة تمثلت في تباطؤ نسب النمو الاقتصادي، وما نجم عن ذلك من معدلات بطالة آخذة في الازدياد وتفاقم مستويات الدين العام وارتفاع نسب البطالة والفقر. وانعكست الأزمة على الأداء المالي للدولة، إذ من المتوقع أن تسجل الموازنة للعام الحالي عجزاً بقيمة 2.05 مليار دينار (2.89 مليار دولار) بعد المنح، بينما تمثل الضرائب غالبية الإيرادات المقدرة بقيمة 11.1 مليار دولار، رغم تأثيراتها السلبية الواسعة على دخل الكثير من المواطنين.