الكويت ترسم خارطة جديدة لحركة العمالة الوافدة

20 أكتوبر 2024
العاملون الوافدون يمثلون العمود الفقري لاقتصاد الكويت (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شروط تحويل إقامات العمالة الوافدة: الكويت تضع شروطًا جديدة لتحويل إقامات العمالة، تشمل انتهاء العقد الحكومي، مرور سنة على الاستقدام، موافقة الكفيل، ودفع رسم إضافي. تهدف هذه الشروط لتنظيم سوق العمل وضمان بقاء العمال في المشاريع المستقدمين لها.

- تأثير نظام الكفيل والإصلاحات: القوانين الجديدة تسعى لتحقيق مصلحة العامل وتقليل سلبيات نظام الكفيل. يمكن للعامل تحويل إقامته بعد 3 سنوات دون الرجوع لصاحب العمل، لكن التأثير قد يكون محدودًا في البداية.

- التحديات والآثار الاقتصادية: الشروط الجديدة تهدف لمنع الاستغلال لكنها تفرض عبئًا ماليًا، مما يؤثر على الشركات الصغيرة والعمالة المرنة. القيود قد تقلل الاعتماد على العمالة الأجنبية، مما يشكل تحديًا للكويت.

لاتزال الشروط الجديدة التي وضعتها الكويت لتحويل إقامات العمالة الوافدة محل مراقبة الخبراء الذين يبحثون ما إذا كانت ستؤدي إلى تنظيم أفضل لسوق العمل أم ستزيد من القيود المفروضة على العمالة الأجنبية. ويعود اهتمام المراقبين بهذا الشأن إلى أن العاملين الوافدين يمثلون العمود الفقري لاقتصاد الكويت، إذ بلغ إجمالي عددهم، خلال الربع الأول من عام 2024، مليوناً و689 ألفاً و859، بما نسبته 78.7% من حجم العمالة، بينهم مليون و478 ألفاً و934 من الذكور، و210 آلاف و925 من الإناث، بحسب التقرير ربع السنوي لإحصاءات العمل الصادر عن الإدارة المركزية للإحصاء الكويتية، في أغسطس/آب الماضي.

ويقضي قرار وزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد اليوسف، الصادر في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، بجواز تحويل العمالة المستقدمة بتصاريح عمل على قطاع العقود والمشاريع الحكومية للعمل خارج هذا القطاع، اعتباراً من 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. ويحدد القرار 5 شروط لتحويل العمالة المشار إليها هي: انتهاء العقد أو المشروع الحكومي، وتزويد الهيئة العامة للقوى العاملة بكتاب صادر عن الجهة الحكومية مالكة العقد أو المشروع يفيد بانتهائه وعدم الحاجة للعمالة، ومرور سنة على استقدام العامل على العقود الحكومية، وموافقة صاحب العمل المسجل عليه العامل (الكفيل)، وتحصيل رسم إضافي قدره 350 ديناراً (1146 دولاراً). 

سلبيات نظام الكفيل

يشير الخبير الاقتصادي الكويتي محمد رمضان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن القوانين الجديدة في سوق العمل الكويتية تشهد تحولًا نحو تحقيق مصلحة العامل وتنظيم السوق بشكل أفضل، لافتا إلى أن هذه التغييرات تأتي استجابة للانتقادات الكثيرة التي وُجهت لنظام الكفيل، والذي اعتبر في السابق نظامًا يحتوي على جوانب غير إنسانية وشبيهة بالاستعباد.

وعلى الرغم من استمرار اشتراط موافقة الكفيل أو صاحب العمل الأساسي، يوضح رمضان أن القانون يتيح الآن للعامل تحويل إقامته من دون الرجوع إلى صاحب العمل بعد مرور 3 سنوات على إصدار إذن العمل، معتبرا أن هذا التغيير بالغ الأهمية، إذ يقلل من الآثار السلبية وغير الإنسانية لنظام الكفيل.

ومع ذلك، يرى رمضان أن تأثير هذه التغييرات قد يكون محدودًا في البداية، موضحا أن صاحب العمل قد يلجأ إلى طلب مغادرة العامل والعودة بتأشيرة جديدة قبل انتهاء المدة المحددة، ولذا فإن نجاح الإصلاحات القانونية رهن بالتطبيق الفعلي لها وكيفية مواجهة الآثار السلبية لنظام الكفيل.

ويخلص رمضان إلى أن عملية التخلص من سلبيات نظام الكفيل قد تستغرق سنوات عديدة، لكنه يرى أن الكويت تسير في الاتجاه الصحيح نحو التطور الإيجابي، معتبرا أن الخطوات الأخيرة في شروط تحويل إقامة العمالة تمثل تقدمًا تدريجيًا في هذا الاتجاه.

تنظيم سوق العمالة الوافدة

وفي السياق، يشير الاستشاري الاقتصادي بشركة استشارات في لندن، علي متولي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن الشروط الجديدة في الكويت تهدف إلى تنظيم سوق العمل ووضع قيود على العمالة الأجنبية، بما يضمن التوافق القطاعي وضمان بقاء العمال في المشروعات التي تم استقدامهم من أجلها حتى نهايتها.

ويساعد منع الاستغلال وإحباط العمليات غير النظامية في تحقيق أهداف هذه الإجراءات، بحسب متولي، مشيرا إلى أن هكذا شروط تحد من إمكانية نقل العمال إلى قطاعات أخرى بعد وصولهم، مما يساهم في تجنب تجاوز الرقابة التنظيمية والحد من العمالة غير النظامية، كما يؤكد الخبير الاقتصادي. ويوضح المستشار الاقتصادي أن الرسوم المفروضة بقيمة 350 دينارًا تساهم في السيطرة على حركة العمالة، إذ تحد من الانتقالات غير الضرورية، وتجعلها متاحة فقط للراغبين فعليًا في الاستثمار في هذه العملية، مما يؤدي إلى تنظيم أفضل لانتقال العمالة بين القطاعات.

كما تعزز هكذا شروط من الشفافية والتوثيق من خلال اشتراط خطاب من الجهة الحكومية، كما يشير متولي، مضيفا أن هكذا إجراء يضمن وجود شفافية توثيق مناسب وشفافية فيما يتعلق بأسباب وتوقيت نقل العمال، مما يؤدي إلى نظام أكثر مسؤولية وتنظيمًا في إدارة العمالة. وتفرض القيود الجديدة أيضا عبئًا ماليًا أعلى على العمال الأجانب وأصحاب العمل، كما يوضح متولي، منوها إلى أن الرسوم قد تشكل حاجزًا ماليًا، خاصة للشركات الصغيرة التي تعتمد على العمالة المرنة أو غير النظامية، كما قد تؤثر على قدرة العمال على المساومة في مناقشات الأجور والمزايا.

ويضيف متولي أن هذه الإجراءات قد تؤثر أيضا على العمال الوافدين في القطاع الحكومي على المدى الطويل، حيث تهدف إلى تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية، ويرى أن ذلك يشكل أزمة كبيرة للكويت، نظرًا لعدم وجود بديل مناسب للعمالة الوافدة حاليًا.

كما تؤثر القيود المفروضة على حركة العمال وانتقالهم بين القطاعات على فرص العمل ومرونة التوظيف للعمال الأجانب، فاشتراط مرور عام واحد قبل إمكانية الانتقال قد يترك العمال في حالة من الغموض إذا انتهت عقودهم مبكرًا، ما قد يؤدي إلى مواجهتهم للبطالة أو اضطرارهم إلى مغادرة الكويت، حسب متولي.

المساهمون