شهد تعامل المغاربة بالنقد "الكاش" ارتفاعاً كبيراً في العام الحالي، خاصة في ظل تسجيل الودائع لدى المصارف نمواً طفيفاً في العام الحلي. ووصل تداول النقد في المغرب إلي 33.45 مليار دولار في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بزيادة 6 مليارات دولار، مقارنة بالمستوى الذي بلغه في نهاية العام الماضي، وفق البيانات النقدية التي نشرها البنك المركزي.
وكرّس ذلك الارتفاع الذي يأتي في سياق الأزمة الصحية الاتجاه الذي عرفه تداول النقد في الأعوام الماضية، إذ تجلى أن "الكاش" لا يذهب إلى المصارف التي شهدت تراجع الودائع لديها.
ولم تسجل الودائع لدى المصارف إلي غاية أكتوبر/ تشرين الاول الماضي، سوى ارتفاع طفيف، لم يتعد 2.42 في المائة، أي بزيادة 2.42 مليار دولار لتستقر في حدود 106 مليارات دولار، بحسب بيانات رسمية. وسبق لمحافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، أن عبر عن قلقه قبل أشهر من مفارقة تتمثل في تباطؤ وتيرة نمو الودائع لدى المصارف في الوقت الذي تتوسع فيه مساحة تداول الكاش. ويتجلى أن العديد من الفاعلين يفضلون التعامل بالكاش بعيداً عن أعين الإدارة العامة للضرائب، خاصة في ظل شيوع القطاع غير الرسمي وسعي قطاعات للتهرب من الضريبة، ما يؤثر على الودائع لدى المصارف.
ويذهب الخبير المغربي في القطاع المصرفي، مصطفى ملغو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن سيادة التعامل بالنقد في المغرب مردها إلى عدم وجود قانون يفرض التعامل بالشيك أو بأية وسيلة مماثلة عندما تتجاوز الصفقة أو المعاملة سقفاً.
وأكد ملغو أن طبيعة الاقتصاد المغربي المتسم بسيادة السوق غير الرسمي، يؤدي إلى شيوع التعامل بالنقد على اعتبار أن المتعاملين في ذلك الاقتصاد يتفادون التعامل بوسائل الأداء الأخرى. وكانت الحكومة قد سنّت عبر قانون مالية العام الحالي (الموازنة) تدبيراً يحث الأشخاص الذين لديهم نقود كاش على إيداعها لدى المصارف، حيث يفترض فيه ملء استمارة لن توجه لإدارة الجباية، غير أنه سيتم اقتطاع 5 في المائة من المبلغ لفائدة الدولة برسم المساهمة الإبرائية.
وتعزز توجه مغاربة نحو التعامل بالأوراق النقدية في ظل الأزمة الصحية التي ثارت في ظل الجائحة، بحسب ما لاحظه محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، عند استضافته من قبل لجنة المالية بمجلس النواب الأسبوع الماضي.
واعتبر الجواهري أن الأزمة أفضت إلى ارتفاع غير مسبوق في الطلب على النقود، وهو الطلب الذي نجم عن الحجر الصحي وارتفاع الحاجة للنقود في موسمي رمضان وعيد الأضحى الماضيين. ووصلت قيمة النقود التي تم سحبها من المصارف بين يناير/ كانون الثاني ويوليو/ تموز الماضيين إلى 7.2 مليارات دولار، حيث مثل ذلك أكثر من ثلاثة أضعاف ونصف ما سجل على مدى العام الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي.
وسجل البنك المركزي أن حجم النقود المتداولة في سبتمبر/ أيلول الماضي ظل مرتفعاً بنسبة 19.5 في المائة بالمقارنة مع المستوى المسجل في نهاية العام الماضي، بينما لم يتجاوز الارتفاع 6.9 في المائة كمتوسط سنوي على مدى الخمسة أعوام الأخيرة. وكان البنك المركزي قد تبنّى خطة استثنائية من أجل توفير النقد بتعاون مع المصارف وجمعيات القروض الصغرى، وجرى التعاون مع وزارة الداخلية من أجل تسهيل نقل الأموال، في الوقت نفسه الذي عززت فيه الطاقة الإنتاجية للنقود التي تغطي أربعة أشهر من الحاجيات.
وعبّر المغرب عن الرغبة في التوجه نحو تقليص المعاملات التي تتم بواسطة النقد، حيث أطلق قبل أكثر من عام وسيلة جديدة للأداء متمثلة في "m-wallet" التي أريد منها أن تمكن من إنجاز عمليات بشكل إلكتروني، والتي تتمثل في تحويل الأموال من شخص لآخر والأداء لفائدة التجار وسحب أو إيداع الأموال عبر إجراءات إلكترونية.