أثيرت في الفترة الأخيرة قضية تكلفة إنتاج الخبز المدعم عبر الموازنة، في الوقت الذي تواجه الحكومة المغربية ضغطا كبيرا من قبل الأسر بسبب ارتفاع أسعار بعض السلع واسعة الاستهلاك.
ودعت الجامعة الوطنية للمخابز والحلويات الحكومة إلى إيجاد حل لمشكلة ارتفاع تكلفة إنتاج الخبز المدعم من قبل الدولة، مع معالجة معضلة القطاع العشوائي.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أن الحكومة تدعم إنتاج الخبز المدعم بحوالي 50 مليون دولار في كل شهر، ما استدعى توضيحات من الجامعة الوطنية للمخابز والحلويات. ورصدت الحكومة عبر موازنة العام الحالي حوالي 1.8 مليار دولار من أجل دعم السكر وغاز الطهو والدقيق الموجه لإنتاج الخبز، غير أنه يتجلى، حسب بيانات الخزانة العامة للمملكة، أن الحكومة صرفت على دعم تلك السلع 500 مليون دولار في الشهر الأول من العام.
اعتبرت الجامعة الوطنية للمخابز والحلويات أن الحكومة تدعم تكلفة إنتاج الدقيق الممتاز المعد لصنع الخبز العادي حتى لا يتعدى 27 دولارا للقنطار، على أن تبيعه تلك المطاحن بـ35 دولارا للقنطار لأصحاب المخابز من أجل توفير الخبز المدعم.
ويؤكد رئيس الجامعة الحسين أزاز أن الجميع يستفيد من الدعم الذي توفره الدولة للدقيق الذي ينتج منه الخبز، مؤكدا أن تكلفة الرغيف زادت بسبب ارتفاع أسعار المدخلات وعوامل الإنتاج. ويشير أزاز، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن دراسة كانت أنجزت من قبل وزارات معنية حول الموضوع، شاركت فيها الجامعة الوطنية للمخابز والحلويات قبل سنوات، من أجل الوقوف على تكلفة إنتاج الخبز، مؤكدا أنها مرتفعة مقارنة بالسعر المحدد من قبل الدولة.
ويؤكد أن الجامعة تسعى إلى فتح حوار مع الحكومة، الذي توقف مع بداية الأزمة الصحية، من أجل إيجاد السبل الكفيلة لحل معضلة تكلفة إنتاج الخبز المدعم وسبل مواكبة القطاع الذي يواجه متأخرات الضمان الاجتماعي والضرائب.
وتعتبر الجامعة أنها أبقت منذ سنوات على الثمن العادي للخبز، رغم ما يجيزه قانون المنافسة ورأي مجلس المنافسة من إمكانية تحرير الأسعار بربطها بتكلفة عوامل الإنتاج.
وسبق لأصحاب المخابز أن عمدوا قبل أربعة أعوام إلى التلويح برفع سعر الخبز بما بين 0.10 و0.30 سنتيما، حسب المناطق، قبل أن يتراجعوا عن ذلك القرار.
ويقدر استهلاك المغاربة بـ105 ملايين وحدة في اليوم، بسعر 1.2 درهم للرغيف الواحد، وهو ما يتأتى بفضل الدعم الذي توفره الدولة عبر صندوق المقاصة. ويستحضر الكثير من المغاربة الأحداث التي عرفتها مدينة الدار البيضاء في عام 1981، والتي نجمت عن الزيادة في أسعار الخبز من قبل الحكومة آنذاك.
وكان سعر الخبز من بين أهم المحاور التي تناولتها دراسة أعدت من قبل مكتب دراسات، بهدف وضع استراتيجية لقطاع المخابز، الذي يشتكي من ارتفاع تكاليف الخبز المحدد سعره بـ1.2 درهم.
ويحدد القانون وزن الخبز المحدد سعره بـ1.2 درهم بـ200 غرام، غير أن مخابز تعمد إلى خفض ذلك الوزن إلى حوالي 160 غراما بدعوى ارتفاع التكاليف التي يتحملونها.
وغضت الحكومة، قبل سنوات، الطرف عن لجوء مخابز إلى خفض وزن الخبز، وذلك تفاديا للزيادة في سعره ما يثير مشاعر الغضب لدى الأسر المغربية.
سبق لأصحاب المخابز أن عمدوا قبل أربعة أعوام إلى التلويح برفع سعر الخبز بما بين 0.10 و0.30 سنتيما، حسب المناطق، قبل أن يتراجعوا عن ذلك القرار
ويعتبر رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك وديع مديح أنه في الوقت الذي يلوح البعض بإمكانية الزيادة في سعر الخبز، فإن القانون يمنع ذلك على اعتبار أنه مدعم، حيث لا يمكن أن يحدث ذلك إلا بقرار صادر عن السلطات العمومية.
ويذهب مديح في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن ذلك الخبز يفترض أن ينتج بمواصفات محددة سلفا بواسطة القانون، غير أنه يشير إلى قيام مخابز بتخفيض وزنه، كما أن ظروف إنتاجه لا تراعي في العديد من الأوقات المعايير الصحية التي يفترض الامتثال لها.
ولا ينشغل أرباب المخابز بثمن الخبز فقط، بل يسعون إلى محاصرة القطاع غير الرسمي، الذي تعكسه العديد من المخابز التي لا تتوفر فيها الشروط الواجبة لممارسة ذلك النشاط. ويتصور العاملون في القطاع أن الحد من انتشار السوق غير الرسمي يستدعي تأهيله ووضع دفتر تحملات يحدد حقوق وواجبات أرباب المخابز، بما يساعد في المستقبل على محاربة من لا يمتثلون للقانون.