أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة للنظام السوري قراراً للحد من التلاعب بمخصصات مواد الخبز والغاز والوقود التي تباع للمواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرته عبر "البطاقة الذكية"، وهو القرار الذي وصف من قبل باحثين ومهتمين بـ"الشكلي".
وقال الباحث الاقتصادي أحمد سليمان لـ"العربي الجديد" إن "حكومة النظام السوري قادرة على توفير مادة الخبز بطرق أسهل وتحفظ فيها كرامة السوريين القاطنين في مناطق سيطرتها، إذ كانت اشترت القمح بأسعار معقولة واستوردت دفعات من أجل هذا الغرض، لكنها تحاول إبقاء السكان متعلقين بالسلطة وأنها هي التي توفّر لهم المواد الأساسية للمعيشة، ومن أجل الإمعان في إذلالهم وعدم التفكير بأي إصلاح سياسي".
وتابع سليمان أن القرارات التي تصدرها بشكل دوري هي شكلية فقط، والغرض منها معاقبة بعض التجار الصغار بينما تغض الطرف في كثير من الأحيان عن التجار الكبار المقربين من السلطة، والذين يدينون لها بالولاء، وحتماً أن المشكلة ليست اقتصادية فقط، وحلها ليس بالصعب إذا ما أرادت الحكومة ذلك، لكن الرغبة غير موجودة، وتهدف السلطات أيضاً إلى تسليط أنظار السكان على العقوبات الدولية لتجعل منها شماعة لأي مشكلة اقتصادية داخلية."
في المقابل شرح مصدر خاص لـ"العربي الجديد" آلية التلاعب التي يلجأ لها المعتمدون في توزيع الخبز وبيعه، ويوضح أن "القرارات الجديدة جاءت بعد تحويل الخبز على البطاقة حدث هناك اتجار بالخبز، جزء من العائلات تبقي بطاقتها الذكية عند معتمدي توزيع الخبز، أو بعض الأشخاص الذين يؤمّنون الخبز، وبعض العوائل لا تستهلك ذات الكمية التي تخصص لها في اليوم، فيقوم المعتمد أو الوسيط ببيع الزائد عن حاجتها".
وأضاف أن "هناك من يترك البطاقة لعدم وجود قدرة على الحضور خلال عملية التوزيع، وهناك من يضع البطاقة لضمان إيجاد الخبز، كون المعتمدين يشترطون ذلك تحت تهديد قطع الخبز عنهم، وتحت هذا الضغط، يستفيد البعض من هذا الأمر الذي تحول لأزمة وأصبح هناك اتجار بالخبز في السوق السوداء".
بدورها انتقدت ريم عبد اللطيف رئيس دائرة التنمية الإدارية لدى مديرية التربية في طرطوس القرار الجديد، الذي يعاقب المخالفين، موضحة أن "هذه قرارات لا تطبق على أرض الواقع وليس من الممكن للمواطن الحصول على أي مادة من المواد التي تدعمها البطاقة الذكية بطريقة سهلة".
"ونفت وجود تبسيط للإجراءات، ومادة الغاز التي يجب أن يكون فيها وفرة بموجب البطاقة الذكية انعدمت" حسب قولها.
بنود القرار
وجاء القرار الجديد الصادر أمس عن الوزارة مكوناً من مواد ثلاث؛ الأولى تنص على اعتبار كل من يخالفها مخالفاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021.
واعتبر القرار في عداد المخالفين كل مخبز تمويني يبيع الخبز لأكثر من بطاقتين إلكترونيتين لشخص واحد، وكل شخص يودع بطاقته لدى الغير للاتجار بالمواد المستحقة بها، وكل معتمد يقوم بتجميع البطاقات الإلكترونية بقصد الاتجار غير المشروع، وكل من يسحب مادة (البنزين أو المازوت) بموجب أكثر من بطاقة لشخص واحد، أو كل شخص يبيع حصته من البنزين أو المازوت.
ووفق المادة الثانية في القرار يخضع المخالفون للعقوبات المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021، الخاصة بحماية المستهلك وتعليماته التنفيذية.
وأصدرت حكومة النظام السوري المرسوم التشريعي رقم 8 في 12 إبريل/ نيسان من العام الجاري، في خطوة تدعي فيها حماية حقوق المستهلك وضمان سلامة الغذاء، ومنع الاحتكار من خلال ضوابط لممارسة التجارة والتسعير، وفرض الرقابة على جودة المواد والمنتجات، مع تشديد العقوبات والغرامات على الاحتكار والبيع دون فاتورة، وعدم الإعلان عن السعر والتلاعب بالأوزان والمكاييل والبيع بأسعار زائدة والغش.
ومشروع البطاقة الذكية عملت عليه حكومة النظام لعدة سنوات للحد من الفساد، ولكنه لاقى استهجاناً ورفضاً عند إطلاقه من قبل المواطنين، إلا أنه اعتمد تدريجياً في عموم المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام.
وبدأت حكومة النظام ببيع مواد غذائية للمواطنين عبر البطاقة الذكية مطلع فبراير/ شباط 2020 تحت دعوى ضبط الأسواق ومنع التلاعب، وفق مشروع البطاقة الذي بدأته تدريجياً عام 2014، وانتقلت للمرحلة الثانية له بحلول عام 2016، وصولاً لبيع الوقود عبر البطاقة في عام 2017.