حذر مراقبون من استمرار النظام السوري في الاقتراض داخليا وخارجيا، الأمر الذي يؤدى إلى ارتفاع كارثي في حجم الديون.
ولا تتوافر أرقام رسمية حول أحدث رقم يتعلق بالدين العام للبلاد، لكن وحسب بيانات رسمية وتقديرات صندوق النقد العربي، فإنَّ إجمالي الدين العام الخارجي العالق في ذمة سورية بلغ خلال العام 2008 نحو 5.3 مليارات دولار، ثم تراجع إلى نحو 4.3 مليارات دولار في العام 2012، وهو آخر إحصاء رسمي حول الديون.
وتعترف حكومة بشار الأسد بفتح خطين ائتمانيين مع إيران عام 2013 بقيمة 4 مليارات دولار، ثم عام 2015 بقرض قيمته مليار دولار "خطاً ائتمانياً لتوريد السلع الغذائية والمشتقات النفطية".
ويؤكد مراقبون أن ديون روسيا تفوق الديون الإيرانية، وجاءت عبر تصدير سلاح وذخائر وتحديث طائرات حربية وشحنات نفط وقمح، ورجحوا قيمة الديون الخارجية على سورية بنحو 17 مليار دولار.
من جانبه، قدّر المحلل المالي السوري، نوار طالب، حجم الدين الداخلي على الدولة السورية بتريليون و65 مليار ليرة سورية (الدولار= نحو 4900 ليرة)، بعد طرح وزارة المالية، في العاشر من الشهر الجاري، ثالث مزاد بقيمة 83 مليار ليرة، ليبقى المزاد الأخير لهذا العام، بحسب ما أعلنت وزارة المال سابقاً حول طرح مزادات في هذا الصدد.
وتابع: إذا أضفنا الديون التي أعلنت عنها حكومة الأسد العام الماضي، 465 مليار ليرة "سندات خزينة وشهادات إيداع" لديون العام الجاري، فنحن أمام ديون هائلة قياساً لموازنة العام الجاري البالغة 13.325 مليار ليرة سورية.
ويشكك طالب خلال حديثه لـ"العربي الجديد" بأهداف حكومة الأسد من طرح السندات، فالمعلن هو تمويل الإنفاق الاستثماري بالموازنة العامة وتأمين فرص استثمارية للقطاع المصرفي، في حين أن الهدف، برأيه، تمويل الشق الجاري بالموازنة لتسديد الأجور "بعد إفلاس الدولة"، بدليل عدم قدرتها على زيادة الأجور أو الاستيراد أو حتى التدخل المباشر لإسعاف الليرة المتهاوية إلى نحو 4900 ليرة مقابل الدولار الواحد.
ويعتبر المحلل السوري أن "كلا الطرفين خاسر" لأن الدائن أو مشتري السندات "خاسر حكماً ومهما بلغت نسبة الفائدة"، لأن نسبة التضخم السنوي لليرة تأكل أي فائدة، كما أن الدولة السورية خاسرة، لأنها تمول عجز الموازنة عبر دين داخلي، تصرفه على الأجور ونفقات المسؤولين، من دون أن تقيم مشروعات يمكن أن تؤمن عائدات توازي، على الأقل، سعر الفائدة.
وكانت وزارة المال بحكومة بشار الأسد قد طرحت سندات وأذونات خزينة للتداول ببورصة دمشق، مبررة أن القانون رقم 60 لعام 2007 يسمح لوزارة المالية طرح مثل هذه الأوراق المالية عند حاجتها لمزيد من رؤوس الأموال لتوظيفها في مجالات مهمة، بحسب تصريح سابق لرئيس هيئة الأسواق المالية بدمشق عابد فضلية.
لكن الديون الخارجية على الدولة السورية، بحسب رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية أسامة القاضي الذي شكك بحجم الدين الداخلي، "هي الأخطر" لأنها ستشكل عبئاً على السوريين، بواقع استسهال نظام الأسد الاستدانة من "حلفائه بموسكو وطهران".
ويلفت رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية إلى ديون داخلية، عدا السندات وشهادات الإيداع، مسجلة بصندوق الدين العام لصالح تجار سوريين ألزمهم نظام الأسد، خلال العامين الماضيين، باستيراد النفط والقمح، "لا يعلم حجمها أو نسبة الفائدة عليها أحد".
كانت وزارة المال بحكومة بشار الأسد قد طرحت سندات وأذونات خزينة للتداول ببورصة دمشق، مبررة أن القانون رقم 60 لعام 2007 يسمح لوزارة المالية طرح مثل هذه الأوراق المالية
وحول حجم الدين الخارجي، يضيف القاضي لـ"العربي الجديد" أن آخر بيانات رسمية صدرت عام 2012 وكان الدين الخارجي 4.3 مليارات دولار، لكن الدين تضاعف مراراً بعد تمويل النظام الحرب من خلال الديون الخارجية، وليست لدينا من وثائق مؤكدة، سوى 5 مليارات دولار ديون لإيران من خلال خطوط الائتمان، لكني أتوقع ضعف هذا المبلغ لروسيا الاتحادية "لم يعلن إلا عن مليار دولار عام 2020"، لأن بقية الديون لأغراض عسكرية، وربما الاستثمارات الروسية، تصل إلى مدة خمسين سنة، لضمان تسديد الديون.
يذكر أن سورية، قبل عام 2011، كانت من الدول قليلة المديونية الخارجية، بعد أن أنهت في العام 2005 الملف الأثقل من الديون المترتبة عليها على روسيا منذ زمن الاتحاد السوفييتي، وهو ما نجحت به، بعد ما سميّ اتفاقية المدفوعات والتي تم بموجبها شطب 73% من تلك الديون، البالغة قيمتها نحو 13.4 مليار دولار، والباقي يسدد على 10 سنوات، وجزء آخر يستثمر في مشروعات داخل سورية أو يسدد من خلال بضائع إلى روسيا.