الوزير" الشيك" الفاشل

17 سبتمبر 2015
تراجع حاد في الصادرات المصرية وإغلاق أسواق خارجية أمامها(أرشيف/AFP)
+ الخط -


يمتلك منير فخري عبد النور العديد من المقومات التي ليس من بينها ما يؤهله لأن يكون وزيراً لثلاث وزارات في مصر في وقت واحد؛ هي الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقبلها وزارة السياحة.

من بين هذه المقومات أنه رجل أنيق من عائلة مصرية معروفة، تولى في عام 2012 منصب أمين عام جبهة الإنقاذ التي تأسست للمساعدة في الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، كما تولى لسنوات طويلة منصب سكرتير عام حزب الوفد المعارض، وهو رجل أعمال معروف لديه استثمارات ضخمة، خاصة في مجال الصناعات الغذائية.

ورغم هذه المقومات وغيرها إلا أن الوزير فشل فشلا ذريعا في منصبه الوزاري والملفات المسؤولة عنها، وفي مقدمتها ملف الصادرات الخارجية وفتح أسواق جديدة أمامها أو حتى مجرد الحفاظ عليها، وملف تطوير الصناعة المصرية للتصدي للمنافسة الخارجية، وإغلاق نحو 5 آلاف مصنع بسبب التعثر المالي، وتشريد عشرات الآلاف من العمال وعدم توفير الحماية لهم من مخاطر كثيرة.

مؤشرات فشل الوزير تكشف عنها الأرقام الأخيرة الصادرة عن المؤسسات الحكومية نفسها ومن بينها الوزارات الثلاث التي يتولى إدارتها والجهات التابعة لها، والمتعلقة بتهاوي الصادرات الخارجية؛ أبرز مورد للنقد الأجنبي في البلاد، حيث كانت الصادرات تدر لمصر قبل ثورة يناير أكثر من 30 مليار دولار سنويا، وهو مورد يزيد كثيراً على الموارد القادمة من أنشطة السياحة وتحويلات المغتربين وقناة السويس والاستثمارات الخارجية ، بل إن إيرادات الصادرات تفوق إيرادات السياحة وقناة السويس والاستثمارات الأجنبية مجتمعة، وتلعب حصيلة الصادرات الدور الأكبر في سداد الالتزامات الخارجية المستحقة على مصر ومنها أقساط الديون وفوائدها وتمويل الواردات.

من مؤشرات فشل الوزير ما كشفه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهو جهاز حكومي أمس الأربعاء، من ارتفاع عجز الميزان التجاري المصري بمعدلات قياسية خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، وأن عجز الميزان زاد بنسبة 62.5% خلال شهر واحد ليبلغ 26.3 مليار جنيه (ما يعادل 3.35 مليارات دولار)  مقابل 16.2 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي.

ومن مؤشرات الفشل كذلك التراجع الحاد في قيمة الصادرات المصرية؛ والتي بلغت قيمتها 12.6 مليار دولار فقط منذ بداية العام الحالي 2015 وحتى نهاية أغسطس/آب الماضي، وهو ما يمثل 45% فقط من مستهدف الحكومة خلال العام الحالي والبالغ 28 مليار دولار.

اقرأ أيضاً: 6 أسئلة مشروعة لرئيس الوزراء المصري الجديد

وإذا سارت الصادرات بهذا المعدل خلال الشهور الأربعة القادمة فإن قيمة الصادرات ستصل قيمتها 18.7 مليار دولار بنهاية العام الحالي وهو ما يعنى فقدانها ما يقرب من 10 مليارات دولار عن القيمة التي حددتها الحكومة نفسها وأعلنت أنها تستهدف تحقيقها.

والغريب أن التراجع في الصادرات المصرية مستمر رغم قيام الحكومة المصرية بخفض قيمة الجنيه أمام الدولار مرات عدة، وبمعدلات قياسية لم يصلها من قبل.

كما واصلت الصادرات المصرية غير البترولية تراجعها في شهر أغسطس/آب الماضي، للشهر الثامن على التوالي وهبطت بنسبة 20%، وخلال شهر يونيو الماضي وحده تراجعت قيمة الصادرات بنسبة 24.6%، لتسجل قيمتها 14.4 مليار جنيه "ما يعادل 1.8 مليار دولار" مقابل 19.1 مليار جنيه لنفس الشهر من العام الماضي 2014.

وبحسب بيانات هيئة الصادرات التابعة لوزارات منير فخري عبد النور الثلاث لشهر أغسطس/آب الماضي، فقد تراجع إجمالي عدد الشركات المصدرة بنحو 10 % منذ بداية العام إلى 6.7 آلاف شركة من 7.4 آلاف شركة في نفس الفترة من العام الماضي، كما هوى عدد الشركات الجديدة المصدرة 87 % إلى 181 شركة فقط، مقابل 1.4 ألف شركة في نفس فترة المقارنة.

ولن أتحدث هنا عن مئات الشركات التي خرجت تماما من سوق التصدير، واتجاه بعضها إلى الاستيراد حتى يواصل النشاط ولا يطرد العمالة لدية نتيجة الخسائر المستمرة التي يتعرض لها بسبب إغلاق أسواق خارجية أمامه في مقدمتها أسواق الدول المجاورة مثل ليبيا وكذلك أسواق العراق واليمن وسورية.

وفي مقابل تهاوي أرقام الصادرات ارتفعت قيمة الواردات، رغم حديث الحكومة المستمر على الحد منها للحفاظ على ما تبقى من احتياطي أجنبي لدى البنك المركزي، فخلال شهر يونيو/حزيران الماضي ارتفعت قيمة الواردات بنسبة 15.3% لتصل إلى 40.7 مليار جنيه مقابل 35.3 مليار جنيه لنفس الشهر من العام السابق، والملفت للنظر أن الارتفاع لم يكن في المواد الخام ومستلزمات الإنتاج التي يحتاجها القطاع الصناعي، بل في سيارات الركوب التي زاد استيرادها بنسبة 1124.4 %، ومنتجات البترول بنسبة 145.5 % في مؤشر على تراجع المنح الخليجية خلال هذا الشهر، والسلع الترفيهية والكمالية.

ومنذ توليه مناصبه الوزارية لم يحقق الوزير نجاحات تذكر، فكل ما فعله هو إطلاق تصريحات من عينة أن مصر نجحت في جذب استثمارات إيطالية بقيمة عشرة مليارات يورو، وأن الحكومة لديها خطة لمضاعفة قيمة الصادرات وفتح أسواق جديدة.

بالطبع لا أحمل الوزير كل هذا الفشل، بل أحمل حكومته التي تسببت سياساتها الطائشة في إغلاق أسواق مهمة أمام الصادرات المصرية من أبرزها السوق الليبي، وكذلك إغلاق العديد من المصانع.


اقرأ أيضاً: الفساد والفشل الاقتصادي عنوانا حكومة مصر