تدرس وزارة الخزانة الأميركية سبل توسيع نطاق الضمانات الفيدرالية مؤقتًا لتشمل ضمان جميع الودائع المصرفية في كل البنوك وبدون حد أقصى، وذلك في حال تفاقم الأزمة التي تواجه القطاع المصرفي في الوقت الراهن.
وفي المقابل، تعهد صقور الجمهوريين بمجلس النواب الأميركي بمعارضة أي ضمان اتحادي شامل للودائع المصرفية التي تزيد عن الحد الحالي البالغ 250 ألف دولار، مما يضع عقبة كبيرة أمام أداة رئيسية يمكن أن تلجأ إليها الهيئات التنظيمية في حال عودة ظهور تهافت العملاء على البنوك لسحب أموالهم مع تراجع الثقة في القطاع المصرفي.
وأغلقت الجهات التنظيمية في كاليفورنيا بنك سيليكون فالي في العاشر من مارس/آذار وسلمت شؤونه للمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع.
والانهيار هو الأكبر لبنك أميركي منذ انهيار "واشنطن ميوتشوال" خلال الأزمة المالية في 2008.
وقالت مجموعة "إس.في.بي المالية"، وهي الشركة الأم للبنك، الأسبوع ما قبل الماضي إنها تقدمت بطلب لإعادة الهيكلة بموجب الفصل 11 من قانون الحماية من الإفلاس.
خطة حكومية لتأمين جميع الودائع
ونقلت وكالة "بلومبيرغ" في وقت متأخر من مساء الإثنين بالتوقيت الأميركي عن مصادر مطلعة، قولها إن المسؤولين الأميركيين يدرسون طرقا لتوسيع تغطية مؤسسة التأمين على الودائع مؤقتا لتشمل جميع الودائع. وهي خطوة سعى إليها تحالف من البنوك، بحجة أنها ضرورية لتجنب أزمة مالية محتملة.
وأضافت المصادر للوكالة، أن موظفي وزارة الخزانة الأميركية يبحثون في إمكانية وجود سلطة طوارئ للمنظمين للتأمين مؤقتا على الودائع التي تزيد عن الحد الأقصى الحالي والبالغ 250 ألف دولار، وذلك دون الرجوع للكونغرس المنقسم حاليا.
وأكدت المصادر، التي طلبت من الوكالة عدم الإفصاح عن هويتها لسرية المداولات، أن السلطات لا تنظر إلى مثل هذه الخطوة على أنها ضرورية، خاصة بعدما اتخذ المنظمون خطوات هذا الشهر لمساعدة البنوك على مواكبة أي مطالب بالسحب. ومع ذلك، فإنهم يطورون استراتيجية بدافع العناية الواجبة في حال تفاقم الوضع.
وأشار أحد المصادر إلى أن أحد الأطر القانونية قيد المناقشة لتوسيع تأمين مؤسسة التأمين الفيدرالي (FDIC) هو استخدام سلطة وزارة الخزانة لاتخاذ إجراءات طارئة والاعتماد على صندوق استقرار الصرف، الخاضع بشكل كامل لسلطة وزيرة الخزانة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، مايكل كيكوكاوا، إننا "سنستخدم الأدوات المتوفرة لدينا لدعم مجتمع البنوك"، دون أن يتناول بشكل مباشر ما إذا كان إجراء تأمين كافة الودائع قيد الدراسة أم لا.
وأضاف أنه "منذ أن اتخذت إدارتنا والجهات التنظيمية إجراءات حاسمة في نهاية الأسبوع الماضي، شهدنا استقرار الودائع في البنوك الإقليمية في جميع أنحاء البلاد، وفي بعض الحالات، انعكست التدفقات الخارجة بشكل متواضع".
رفض جمهوري
وقالت "كتلة الحرية" من جمهوريي مجلس النواب في بيان، إن مجلس الاحتياطي الاتحادي "يجب أن يفك" آلية التمويل الاستثنائية التي أنشأها في 12 مارس/آذار، والتي تسمح للبنوك بزيادة الاقتراض منه لتغطية تدفقات الودائع الخارجة.
وأضافت المجموعة وفقا لوكالة "رويترز"، أن "أي ضمان شامل على جميع الودائع المصرفية، يؤسس لسابقة خطيرة تشجع ببساطة السلوك غير المسؤول في المستقبل على أن يدفع ثمنه الذين يلتزمون بالقواعد".
مطالب مصرفية
وكان مصرفيون ومجموعات تجارية مصرفية طلبوا ضمانات شاملة من المؤسسة الاتحادية، للتأمين على الودائع لمواجهة الأزمة التي اندلعت هذا الشهر بسبب انهيار بنك "سيليكون فالي".
وقال تحالف البنوك الأميركية متوسطة الحجم في رسالة إلى وزيرة الخزانة جانيت يلين والهيئات التنظيمية الرئيسية، إن عليها تمديد تغطية مؤسسة التأمين الاتحادية لجميع الودائع لمدة عامين، وذلك "لاستعادة الثقة بين المودعين قبل سقوط بنك آخر"، في تكرار لخطوة مماثلة سبق اتخاذها خلال الأزمة المالية التي اندلعت في 2008، غير أن هذه الخطوة تتطلب الآن إصلاحا تشريعيا.
وقالت ريبيكا روميرو ريني، رئيسة رابطة المصرفيين المجتمعيّين المستقلة، في بيان، إن المودعين في البنوك الصغيرة يجب أن يحصلوا على نفس الضمانات التي حصل عليها المودعون غير المؤمن عليهم في بنكي "سيليكون فالي" و"سيغنتشر".
تحرك دولي
وتشهد الأسواق توترات كبرى منذ إفلاس "سيليكون فالي بنك"، وسط تخوّف من نقص السيولة بعدما رُفعت معدّلات الفائدة في إطار جهود مكافحة التضخّم.
وأعلنت المصارف المركزية للولايات المتحدة وسويسرا ودول أخرى الأحد، عن تحرّك منسّق لتوفير مزيد من السيولة لطمأنة الأسواق في خضم أزمة ثقة بالنظام المصرفي.
وستعمد المصارف المركزية بذلك إلى زيادة وتيرة العمليات بالدولار، وأشار البيان إلى أن "هذه العمليات التي تُجرى حتى الآن أسبوعيا، ستصبح يومية اعتباراً من الإثنين 20 مارس 2023. وستبقى على هذا المعدّل حتى نهاية إبريل/نيسان على الأقل".
وشبكة "خطوط المقايضة" هي بمثابة "شبكة أمان للسيولة لتهدئة التوترات في الأسواق المالية العالمية، والمساهمة بذلك في التخفيف من آثار هذه التوترات على عرض القروض للأسر والشركات"، بحسب المصارف المركزية.