قادت الشركات الخاصة في الصين الطريق في رقمنة الأموال، إذ أنشأت شركتا "آنت" و"تينسنت هولدنغ" شبكات دفع خاصة هائلة وعمليات تعدين العملات المشفرة التي توفر الوقود لازدهار بيتكوين، وكان ظهور هذه الشبكات بمثابة انشقاق عن التاريخ المالي الصيني الذي اتسم بالسيطرة المركزية. لكن، قد تعود الأمور الآن إلى طبيعتها.
يقول هي ييفان، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "ريد ديت" التكنولوجية الناشئة العاملة في الصين لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية: "على مدى السنوات القليلة الماضية من طفرة تكنولوجيا الإنترنت، ابتلعت الشركات الخاصة الأسواق، لكن في نهاية المطاف، ستكثف الحكومة الصينية حملاتها وتكبح هذه السيطرة".
إذ قام بنك الشعب الصيني، في الأشهر الأخيرة، بتسريع اختبار اليوان الرقمي الخاص به، وفق "وول ستريت جورنال".
وفي الأسبوع الماضي، قال بنك الشعب الصيني إنّه يتم تطوير اليوان الرقمي بشكل أساسي لمدفوعات التجزئة المحلية، وشرح أنّ الصين بحاجة إلى خدمات دفع "أكثر ملاءمة وأماناً وشمولية وصديقة للخصوصية" وإلى بنية تحتية للمدفوعات قابلة للتشغيل البيني عبر المنصات.
واعتبر إسوار براساد، الرئيس السابق لقسم الصين في صندوق النقد الدولي، في حديث إلى "وول ستريت جورنال"، أنّه "بالنسبة إلى آنت، وتنسنت، يشكل اليوان الرقمي تحدياً كبيراً، لكن، من الخطورة أن تظلا على الهامش. هذه الشركات ليس لديها خيار سوى التعاون في مشروع تعتزم بكين تنفيذه".
ومع اقتراب الصين من طرح عملتها النقدية الرقمية الجديدة، هناك مخاوف من أن تتبع الحكومة كلّ معاملة، ليس فقط للمواطنين، لكن للشركات الأجنبية في البلاد.
وأثار برنامج اليوان الرقمي التجريبي المخاوف من أنّ بكين بدأت في تفكيك نظام الدفع بواسطة الهاتف المحمول لشركة "آنت"، والذي يستخدمه أكثر من مليار شخص في الصين.
واتخذ المنظمون الصينيون أقوى إجراءاتهم حتى الآن لخفض تعدين العملات المشفرة الذي يمثل أساس بيتكوين والعملات الأخرى القائمة (بلوك شاين)، ما أدى إلى فرار بعض أكبر اللاعبين التكنولوجيين، خصوصاً إلى كندا وروسيا ودول أخرى.
ويعتبر اليوان الرقمي مشروعاً يمكن أن يضع الحكومة في منافسة مباشرة أكثر مع العملات المشفرة وأنظمة مدفوعات الشركات.
ويتوافق طرح العملة الرقمية مع دفعة أوسع لممارسة السيطرة على شركات التكنولوجيا من خلال، على سبيل المثال، إجبار شركات الدفع على الخضوع للوائح المصرفية التقليدية.
وقال مو تشانغ تشون، رئيس قسم أبحاث العملات الرقمية في بنك الشعب الصيني، في مارس / آذار، إن العملة الصينية الإلكترونية يمكن أن توفر نسخة احتياطية لأنظمة الشركات الخاصة التي لا يمكن التنبؤ بطبيعتها.
وأضاف: "إذا حدث شيء سيئ، مالياً أو تقنياً، فقد يؤدي ذلك إلى تأثير سلبي على استقرار النظام المالي في الصين".
وتشير التوقعات إلى أنّه إذا نجح اليوان الرقمي الصيني في الانتشار، فقد يمتص البنك المركزي شبكات "آنت" و"تنسنت"، ما يؤدي إلى تجميد أعمالهما.