استمع إلى الملخص
- جليلي يعد بتحسين الوضع الاقتصادي، مستهدفًا نموًا بنسبة 8% وكبح التضخم، مع التركيز على إفشال العقوبات الأمريكية بدلاً من التفاوض لرفعها، مؤكدًا على تعزيز القدرات الداخلية.
- الحملات الانتخابية تتواصل بكثافة، حيث يحذر الإصلاحيون من سياسات جليلي الاقتصادية، بينما يسعى هو لكسب ثقة الناخبين بزيارات ميدانية والتأكيد على برنامجه الاقتصادي، مع اقتراب الانتخابات والشارع الإيراني يواجه خيارات مستقبلية متباينة.
أصبح التيار الإصلاحي الإيراني ومعارضو المحافظين يركزون في حملتهم الانتخابية لصالح المرشح الإصلاحي على إخافة الشارع الانتخابي اقتصادياً من المرشح سعيد جليلي، المحسوب على صقور المحافظين، مستغلين توقع شرائح إيرانية باحتمال مزيد من التدهور الاقتصادي في حال فوزه بالرئاسة في الجولة الثانية للانتخابات، الجمعة المقبل، في ظل سياساته المتشددة ضد الولايات المتحدة، وفي التفاوض معه بشأن الملف النووي ورفع العقوبات.
وتحت تأثير هذه الأجواء، سجل سعر الدولار ارتفاعاً جديداً في الأيام الأخيرة ليتجاوز، أمس، 620 ألف ريال للدولار.
وعزا ناشطان في السوق غير الرسمية للعملات الأجنبية، تواصلت معهما "العربي الجديد"، أسباب ارتفاع سعر الصرف هذه الأيام إلى المخاوف في السوق من احتمال اختيار المرشح المحافظ سعيد جليلي رئيساً للبلاد، فضلاً عن ارتفاع الطلب على الدولار في فصل الصيف عادة، ما يزيد الأسعار.
وقال المضارب في السوق الموازية سعيد، لـ"العربي الجديد"، إنه مع زيادة حظوظ المرشح المحافظ سعيد جليلي على حساب المرشح المحافظ الخاسر محمد باقر قاليباف نهاية الأسبوع الماضي في استطلاعات الرأي، بدأت ردة فعل سلبية في سوق العملات، انعكست في زيادة سعر الصرف بسبب المخاوف من فوز جليلي بالرئاسة.
وأشار إلى أن الأسعار بدأت تزداد أكثر منذ مساء أول من أمس، بعد الإعلان عن جولة إعادة للانتخابات الرئاسية بحضور المرشح جليلي، الذي حل ثانياً في النتائج إلى جانب المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان الذي تصدر نتائج الجولة الأولى أول من أمس الجمعة، بحصوله على نحو 43% من أصوات الناخبين المشاركين في الانتخابات.
يشار إلى أن ثمة انطباعاً لدى الشارع عن أنّ ظفر جليلي بالرئاسة سيؤدي إلى تكثيف العقوبات وتشديد تطبيقها، ويستغل الإصلاحيون الانطباع لتعزيزه عبر العمل بشكل جاد خلال هذه الأيام على إخافة الشارع من احتمال فوز جليلي لزيادة فرص فوز المرشح الإصلاحي.
لكن المضارب أمير علويان يعزو السبب الرئيسي لزيادة سعر الدولار إلى قدوم فصل الصيف وارتفاع الطلب على الدولار في ظل زيادة الرغبة في السفر لدى الإيرانيين في هذا الموسم، لكنه قال إن لعامل المخاوف من فوز جليلي أيضا دور بدأ يزداد مع تكثيف الإصلاحيين هجماتهم الإعلامية ضده، وبسبب الانطباع غير المريح عن سياساته الاقتصادية.
الحملات الانتخابية في إيران
وخلال حملته الانتخابية، يركز جليلي على ضرورة العمل على إفشال العقوبات الأميركية، من دون الحديث عن رفع العقوبات عبر التفاوض، وهو ما زاد المخاوف بشأن الوضع الاقتصادي الإيراني المتأزم، الذي يؤكد المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان ومراقبون أن هذا الوضع لن يتحسن من دون رفع العقوبات.
ويسعى جليلي إلى طمأنة الشارع من خلال حديثه عن أنه سيرفع معدل النمو إلى 8% في حال ظفره بالرئاسة، وأنه سيكبح جماح التضخم الذي يبلغ حاليا نحو 40%.
ويؤكد جليلي ضرورة سحب ورقة العقوبات من أميركا عبر إفشال مفاعيلها من خلال استغلال الطاقات الداخلية وتفعيل القدرات والطاقات في العلاقات الإيرانية مع بقية الدول. وأكد مراراً أن العالم ليس بلداً أو بلدين، في إشارة إلى الولايات المتحدة، وانتقاده إصلاحيين ومحافظين معتدلين اعتبروا أن حل مشكلات البلاد الاقتصادية مرتبط بالتوصل إلى تفاهم واتفاق مع واشنطن.
كما يتهم الإصلاحيون والرئيس الإيراني السابق حسن روحاني جليلي بأنه أفشل جهود حكومة روحاني لإحياء الاتفاق النووي خلال مارس/آذار 2021.
واتهم المرشح الرئاسي الخاسر مصطفى بور محمدي في المناظرات الانتخابية، الأسبوع الماضي، جليلي بعرقلة انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي الدولية، المعروفة اختصاراً باسم "فاتف " (FATF)، التي طالبت إيران بإقرار مشاريع قبل الانخراط في المجموعة، ومنها مشاريع تهدف إلى مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وبعد عدم إقرار تلك المشاريع، وُضعت إيران على قائمتها السوداء التي منعت وصولها إلى المصارف والمراكز المالية الدولية في التبادلات النقدية والمالية.
وقال بور محمدي إن جليلي، عندما كان أميناً لمجلس الأمن القومي، رفض الانضمام إلى "فاتف" في ظل رئاسة روحاني.
وكان قد عُيّن بين عامي 2007 و2013 أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني من قبل الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد. وخلال فترة توليه أمانة مجلس الأمن القومي الإيراني، قاد جليلي المفاوضات النووية مع المجموعة الدولية خمس سنوات، لكن لم تسجل خلال هذه الفترة نجاحات في حلحلتها، بل زاد الأمر تعقيداً، إذ صدرت ضد إيران ثلاث قرارات أممية في مجلس الأمن الدولي، فضلاً عن فرض عقوبات أميركية وأوروبية وأممية على إيران.
وأمس الأحد، انتشر مقطع مصور للرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، هاجم فيه جليلي، متهماً إياه بالتسبب بخسائر اقتصادية كبيرة لإيران ورفع كلفة التجارة الخارجية الإيرانية وتعاملاتها البنكية بنسبة 15%، باتهامه برفض إحياء الاتفاق النووي وانضمام إيران إلى مجموعة "العمل المالي" الدولية.
واتهم روحاني المحافظين بإلحاق خسائر بإيران تقدر بـ300 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بمنعهم إحياء الاتفاق النووي، قائلاً إن بلاده تتحمل خسائر قدرها 100 مليار دولار سنوياً بشكل مباشر وغير مباشر، وبسبب اقتطاعات لبيع نفطها والبتروكيماويات.
كذلك، يركز وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف في حملته الانتخابية لصالح بزشكيان على مهاجمة سياسات جليلي وتحذيره المواطنين من فوزه بالرئاسة، وساعياً إلى حث مقاطعي الانتخابات على المشاركة في الجولة الثانية يوم الجمعة المقبل لمنع انتخاب جليلي رئيساً للبلاد.
وأمس، زار جليلي بازار طهران الكبير الذي يشكل نبض اقتصاد إيران في جنوب المدينة، في محاولة لطمأنه التجار المحليين، قائلاً في كلمة أمامهم إن "البازار (السوق) قلب الاقتصاد الإيراني"، مشيراً إلى أنه عقد اجتماعات مكررة منذ عام 2018 بعد فرض العقوبات على بلاده مع أصحاب البازار والتجار الإيرانيين. وأضاف أنه أعد برنامجاً لتنظيم السوق يتناول 17 موضوعاً بالتشاور مع القائمين على السوق، مؤكداً أنّ حلّ مشاكله سيحدث تحولاً إيجابياً فيه.