انقسمت آراء الخبراء حول جدوى مذكرة تفاهم أبرمتها تركيا مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية للتنقيب واستكشاف النفط والغاز، في سياق تعزيز التعاون في مجال الهيدروكربونات، بما يشمل ذلك تطوير مشاريع الاستكشاف والإنتاج والنقل والتنقيب.
فقد وقّع وزير الاقتصاد والتجارة، محمد الحويج، بصفته مكلفاً بمهام وزير النفط، ووزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، أمس الإثنين، مذكرتي تفاهم بشأن الطاقة والغاز مع نظيريهما التركيين مولود جاووش أوغلو وفاتح دونماز.
وقالت وزيرة الخارجية الليبية، في مؤتمر صحافي، إنّ "مذكرة التفاهم بين الدولتين تصب في مصلحتهما، وتساهم في حل الأزمة العالمية المتعلقة بالطاقة والغاز".
وأكد رئيس نقابة النفط سالم الرميح، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أنّ الاتفاقية تتماشى مع قانون النفط الليبي لسنة 1958، وقال إنها تفتح آفاقاً جديدة للاستثمار في قطاعي النفط والغاز.
وقال المحلل الاقتصادي محمد بوعالية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنّ الاتفاقية من الناحية الاقتصادية لصالح الدولة الليبية، إذ منحت مساحة تقدر بـ40 ألف كيلومتر في مياه البحر الأبيض المتوسط، ويوجد فيها مخزون هائل من الغاز الطبيعي.
وأوضح أنّ "الاستثمار والتنقيب في المنطقة، لهما مكاسب اقتصادية من ناحية العوائد المالية المجزية، بحسب نص الاتفاقية لصالح البلدين".
في مقابل ذلك، رأى الخبير الاقتصادي أحمد المبروك، أنّ "الاتفاقية لا يوجد فيها أي عوائد اقتصادية وهي مناورة سياسية فقط"، مضيفاً أنه "في سنة 2007 قامت ليبيا بمسوحات اقتصادية للمنطقة المشار إليها، وتوصلت إلى نتيجة ارتفاع التكلفة المالية للتنقيب والاستكشاف".
وقال إنّ "المشكلة تكمن في أنّ هناك الكثير من الاتفاقيات الخطرة التي لا تريد الحكومات أن تُرفع للبرلمانات، لأنها لن تمر ولذا تعطيها اسماً آخر غير معاهدة أو اتفاقية، مثل مذكرة تفاهم كي تتخلص من رقابة البرلمانات".
وكتب المحلل الاقتصادي محسن أدريجة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ الخلافات على الحدود البحرية تفصل فيها محكمة العدل الدولية إذا اتفق الأطراف على الرجوع لها، موضحاً أنّ الاتفاقات الثنائية بين الدول شأنها خاص ما لم تمس حقوق دول أخرى.
وقال إنّ اليونان تفصلها عن ليبيا من جزيرة كريت 300 كيلومتر عرضت منها 180 كيلومتراً للاستكشاف، وتركت لليبيا 120 كيلومتراً، وإذا رفع الأمر لمحكمة العدل الدولية لحكمت ضد اليونان.
كما أنّ حدود المنطقة الاقتصادية الليبية حُسمت مع تونس ومالطا بأحكام محكمة العدل الدولية، ولا تزال غير محددة مع إيطاليا واليونان ومصر، بحسب كلامه.
كذلك فإنّ حدود المنطقة الاقتصادية بين ليبيا واليونان من وجهة نظر أثينا، 180 كيلومتراً لليونان تُحسب من جزيرة كريت، و120 كيلومتراً لليبيا.
والمنطقة الاقتصادية ليست بحراً إقليمياً للدولة، كما أنها ليست جزءاً من البحر العالي، فهي تجمع بين خصائص البحر الإقليمي، حيث السيادة الكاملة، وأعالي البحار حيث الحريات المطلقة لكل الدول، لذا فإنّ المنطقة الاقتصادية الخالصة هي منطقة ذات طابع قانوني خاص، وفقاً لما قال.
وينص القرار رقم 260 الصادر عن اللجنة الشعبية العامة (مجلس الوزراء) سنة 2009، على أنّ المنطقة الاقتصادية تمتد 200 ميل بحري من خطوط الأساس، وهي حقوق سيادية لغرض الاستكشاف واستغلال الموارد.
واستطاعت ليبيا بفضل مشروعات الغاز تسجيل معدلات عالية من الاستغلال قياساً بمستوى الاستعمال الفردي للغاز الطبيعي، مقارنة بدول أخرى في المنطقة تمتلك الصفات الجغرافية والديمغرافية نفسها.
فكان نصيب الفرد في ليبيا مثلاً سنة 2021 من استعمال الغاز الطبيعي 1193 متراً مكعباً، بينما كان في مصر 598 متراً مكعباً، والجزائر 1081 متراً مكعباً، ونيجيريا 63 متراً مكعباً، والعراق 449 متراً مكعباً.
ووفقاً لإحصائيات منتدى الدول المصدرة للغاز الطبيعي، فإن الاحتياطي المؤكد من الغاز الطبيعي في ليبيا يصل إلى 1505 مليارات متر مكعب من الغاز. وأنتجت ليبيا منه في سنة 2020 معدل 25 مليار متر مكعب أي ما يغطي 60 سنة بالإنتاج الحالي، وجرى تصدير 5 مليارات متر مكعب في السنة نفسها.
المؤسسة الوطنية للنفط من جهتها، أكدت أنّ الاستهلاك المحلي للغاز بلغ ملياراً و166 مليون قدم مكعبة، في يوم 21 سبتمبر/أيلول الجاري فقط، ونحو 81% منه مخصص لشركة الكهرباء، فيما البقية لمؤسسة النفط ومصانع الإسمنت والحديد والصلب وللاستهلاك المحلي.
وتسعى تركيا إلى رفع حجم التبادل التجاري مع ليبيا، إلى 4 مليارات دولار، وفق آخر بيان لمصرف ليبيا المركزي.