تباطأ نمو الأجور في الاقتصادات الكبرى خلال الأشهر الستة الماضية، في علامة أخرى على أن البنوك المركزية تتعرض لضغوط متزايدة للبدء في خفض أسعار الفائدة في النصف الأول من العام الجاري 2024.
بلغ النمو السنوي في الأجور والرواتب المعلن عنها في الولايات المتحدة 3.8% في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد انخفاض مطرد لمدة عامين من ذروة بلغت 9.5% في أواخر عام 2021، وفقا لبيانات حول تتبّع الأجور صادرة عن محرك البحث عن الوظائف العالمي "إنديد" (Indeed).
كما بلغ نمو الأجور السنوي 3.8% في منطقة اليورو، بانخفاض عن ذروة عام 2022 البالغة 5.2%، وفقا لمما نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أمس الأربعاء، عن بيانات "إنديد".
وفي المملكة المتحدة، حيث كان نمو الأجور أقوى وأكثر ثباتا، جاء متوسط معدل الأجر المذكور في إعلانات الوظائف أعلى بنسبة 6.6% عن العام السابق، بانخفاض عن الذروة البالغة 7.4% في يونيو/حزيران من العام الماضي.
وستعمل هذه الأرقام على طمأنة صناع السياسة النقدية الذين يشعرون بالقلق من أنه سيكون من الصعب خفض التضخم بشكل مستدام، إذا استمرت الأجور في الارتفاع بسرعة وتمرير الشركات التكاليف إلى المستهلكين.
وانخفض التضخم بشكل حاد في جميع الاقتصادات الكبرى خلال العام الماضي، حيث أظهرت أحدث البيانات أنه بلغ 3.4% في الولايات المتحدة، و2.9% في منطقة اليورو، و3.9% في المملكة المتحدة.
ولكن ضغوط الأسعار لا تزال في حالة غليان، حيث لا يزال التضخم في قطاع الخدمات الذي يتطلب عمالة كثيفة مرتفعاً إلى الحد الذي لا يرضي واضعي الأسعار.
ويراهن المستثمرون على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد يبدأ في خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من شهر مارس/آذار المقبل، إذا استمرت ضغوط الأسعار في التراجع، على أن يحذو البنك المركزي الأوروبي حذوه في الشهر التالي، ويقوم بنك إنكلترا بأول خطوة له في مايو/أيار.
وقال باول أدراجان، المحلل الاقتصادي في شركة "إنديد"، إن الأرقام تشير إلى أن أسواق العمل "وصلت إلى نقطة تحول" على جانبي المحيط الأطلسي، مع تباطؤ واسع النطاق للأجور في معظم المهن.
لكن أدرجان حذر من أن الأمر قد يستغرق وقتًا أطول بكثير في منطقة اليورو مما هو عليه في الولايات المتحدة حتى يتباطأ نمو الأجور وفقًا للإجراءات الرسمية إلى وتيرة 3% التي تعتبرها البنوك المركزية متوافقة على نطاق واسع مع تضخم بنسبة 2%، وأن "الطريق إلى البنك المركزي الأوروبي سيكون أكثر وعورة".
ويرجع ذلك إلى أن العديد من العمال الأوروبيين مشمولون بصفقات أجور متعددة السنوات، ولا يزال يتعين إعادة التفاوض بشأن الكثير منها على مدار عام 2024.
كما قامت بعض البلدان للتو برفع الحد الأدنى لأجورها. قال فيليب لين، كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، في مقابلة أجرته معه فايننشال تايمز، الأسبوع الماضي، إن الأمر "سيستغرق بعض الوقت للحصول على فهم جيد لما إذا كانت تسويات الأجور تتباطأ". وأضاف أن الوصول إلى نمو في الأجور بنسبة 3% سيكون "عملية تدريجية".