ملايين الناس تبحث عن وظائف حالياً ودائرة البحث تتسع أكثر فأكثر بمرور الزمن، لكن التطور التقني المرتبط بإمكانات الذكاء الاصطناعي يزيد عملية البحث مشقة وتحدياً. فإن كنت من الباحثين الجادين عن فرصة عمل، سيفيدك هذا الحوار الذي أجرته "بلومبيرغ"، أمس الأربعاء، مع المدير التنفيذي للعمليات في منصة "لينكد إن" LinkedIn دانييل شابيرو العامل في الشركة منذ عام 2008، أي عندما هز الركود الكبير أسواق العمل.
وموقع الشبكات الاحترافي هذا المملوك الآن لشركة "مايكروسوفت" Microsoft Corp، يأخذ على عاتقه خوض غمار التحدي مع التحوّل الكبير التالي الناشئ من ثورة الذكاء الاصطناعي AI.
-
كيف تنظر إلى ثورة الذكاء الاصطناعي اليوم؟
لعل التغيير الأكبر يكمن في أن كل دور تقريباً ستتم إعادة صياغته في سياق الذكاء الاصطناعي، من المهندسين إلى مندوبي المبيعات والمسوقين والمهنيين الماليين إلى المحامين، فالجميع سيستفيد من هذا الذكاء بطريقة ما. إذاً، كيف يفكّر فريق المواهب في توظيف الأشخاص بناءً على المعرفة المتعلقة بالاستفادة من هذا الذكاء؟ وكيف يقومون بتجهيز الأشخاص لتعلم المهارات الجديدة المطلوبة؟
يمكنك القول إن هذا هو أكبر تحوّل في المهارات من المحتمل أن نمر به في حياتنا. وقد تقول أيضاً إن إحدى أهم المهارات في أي وظيفة هي فهم كيفية إطلاق العنان لقوة الذكاء الاصطناعي في حياتك اليومية، وهذا تطوّر مفاجئ جداً لما سيكون مطلوباً من أجل تحقيق النجاح.
-
ما هي المهارات الرئيسية المطلوبة برأيك؟
عندما يتعلق الأمر بنشر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أعتقد أنها ستؤدي إلى تضخيم الاتجاهات التي نشهدها منذ بعض الوقت. لقد رأيت بالفعل بيئة تنافسية هائلة لعلماء البيانات أو مهندسي المنصات.
وقبل أن تقول إنّ "هذه المهارات تقتصر على مجموعة من الشركات في طليعة تلك التقنيات. أعتقد أننا سننتقل إلى بيئة يكون فيها ذلك أمراً بالغ الأهمية لأي شركة ترغب في نشر تقنية الذكاء الاصطناعي الفعالة".
-
لا تدخر بعض الشركات جهداً لتجريب الذكاء الاصطناعي، بينما تتراجع أخرى ترقباً لمسار الأمور. ما هي أفضل استراتيجية من وجهة نظرك؟
نحن محظوظون جداً برؤية بعض هذه التقنيات الجديدة قبل أن تصبح مرئية على نطاق واسع في العالم. فقد حصلنا على فكرة مبكرة عما سيأتي مع "تشات جي بي تي" ChatGPT كونه جزءاً من "مايكروسوفت"، وأعدنا صياغة خارطة طريق منتجاتنا نتيجة لذلك.
وكان السؤال: كيف يمكن لـ"لينكد إن" أن تصبح منتجاً يعتمد على الذكاء الاصطناعي أولاً، تماماً كما أصبحنا منتجاً يعتمد على الهاتف المحمول أو منتجاً اجتماعياً في البداية؟ وأصبح السؤال عن كيفية تغيير الذكاء الاصطناعي لكل جزء من تجربة "لينكد إن" بمثابة مهمة للمؤسسة بأكملها.
-
هل هناك مبالغة في عناصر الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
من منظور تكنولوجي، ستعمل عدد من التطبيقات العملية على تحسين كيفية عمل الأشخاص الجاهزين الآن على نحو لا يشبه أي شيء رأيته من قبل، من كتابة رسالة إلى المساعدة في وصف نفسك بطريقة جذابة لصاحب العمل، وهذه من الأشياء الموجودة هنا الآن.
إن الحصول على تقنية رأيناها منذ أقل من عام فقط تدخل حيّز الاستخدام العملي عبر مجموعة واسعة من المجالات لهو أمر غير مسبوق. لذلك، أنا متفائل للغاية بشأن ما هو متاح اليوم. ومن ثم يمكنك طرح أسئلة أكبر حول ما هو ممكن في المستقبل، لكن قيمة الذكاء الاصطناعي التوليدي generative AI في سير العمل في العديد من الإعدادات المهنية تعتبر حقيقية للغاية.
سبق وأبدى (المصرفي والملياردير) جيمي ديمون في الآونة الأخيرة، اعتقاده بأن الجيل القادم يمكن أن يحصل على أسبوع عمل مدته 3 أيام ونصف، وأنا أشعر بالفضول لمعرفة ما إذا كنت تعتقد أننا قد نبدأ في رؤية مكاسب الإنتاجية تؤتي ثمارها.
وسواء تُرجمت كل هذه المنافع إلى وقت فراغ أم لا، أو إلى مزيد من التركيز على أجزاء عملنا التي نستمتع بها وتلهمنا، أعتقد أنه يبقى أن ننتظر ونرى. لكن الوعد بقضاء وقت أقل في المهام المتكررة أو الأشياء التي لا تستفيد من إنسانيتنا، هذا أمر إيجابي رائع، أما كيف نترجم ذلك إلى الطريقة التي نعيش بها حياتنا فهو سؤال جيد.
-
ما النصيحة لشاب يدخل عالماً يتغيّر فيه الذكاء الاصطناعي باستمرار؟
أود أن أقول: تعلم كيفية استخدام الأدوات وجربها وانظر ما يمكنها فعله، وسوف تتاح الفرصة للأشخاص الذين يشعرون بالارتياح تجاه هذه الأدوات تماماً مثل أولئك الذين يشعرون بالارتياح تجاه استخدام التكنولوجيا بشكل عام.
وبقدر ما سيكون هناك طلب على المهارات التقنية، سيكون هناك طلب متزايد على المهارات البشرية بحثاً عن التواصل والإبداع. وستكون المدارس الناجحة هي التي تعزز هذه الأنواع من تجارب التعلم للطلاب والمتدربين بطريقة ستكوّن ما يبحث عنه أصحاب العمل من مهارات.
-
ما أفضل نصيحة مهنية تقدمها من خلال تجربتك الشخصية؟
لعل أفضل القرارات المهنية التي اتخذتها على الإطلاق كانت تتعلق بالأشخاص الذين عملت معهم. فنحن جميعاً أكثر مرونة مما ننسبه لأنفسنا، ونتكيّف دوماً مع بيئتنا.
ولذا، فإن أفضل قرار اتخذته على الإطلاق كان عندما اخترت العمل مع الأشخاص الذين سيشكلونني للشخص الذي أريد أن أكونه، بدلاً من القرارات المهنية المتعلقة بتفاصيل الوظيفة أو المهمة.