تدشين أول ميناء تموله الصين في أميركا الجنوبية قبيل قمة بايدن وشي

15 نوفمبر 2024
الرئيس الصيني بافتتاح ميناء تشانكاي العملاق، البيرو، 14 نوفمبر2024(هوغو كوروتو/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تحذيرات واشنطن واستثمارات الصين: حذرت الولايات المتحدة دول أمريكا اللاتينية من الاستثمارات الصينية، بالتزامن مع تدشين ميناء تشانكاي في البيرو بتمويل صيني، وسط منافسة اقتصادية متزايدة بين البلدين في المنطقة.

- أهمية وتأثير ميناء تشانكاي: يُعتبر مشروعاً استراتيجياً لتحويل بلدة صيد نائية إلى ميناء ضخم، مما يعزز التجارة بين أمريكا الجنوبية وآسيا، رغم انتقادات السكان المحليين بشأن الفوائد الاقتصادية.

- التأثير الاقتصادي والتجاري: يساهم الميناء في تسريع التجارة عبر المحيط الهادئ، مع تضاعف حجم التجارة بين الصين والبيرو، مما يعكس الطموح الصيني لتعزيز وجودها الاقتصادي في أمريكا الجنوبية.

حذرت واشنطن، أمس الخميس، دول أميركا اللاتينية من الاستثمارات الصينية، وذلك في اليوم نفسه لتدشين الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي يزور البيرو إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن في إطار قمة أبيك، ميناء تشانكاي العملاق، وهو الأول من نوعه بتمويل صيني في أميركا الجنوبية، وعبارة عن مجمّع بكلفة 3.5 مليارات دولار في المنطقة الواقعة شمال العاصمة ليما ومصمّم ليكون مركزاً تجارياً إقليمياً.

ومن شأن الميناء أن يسمح لبلدان أميركا الجنوبية بتجاوز الموانئ في المكسيك والولايات المتحدة لدى التعامل تجارياً مع آسيا. ومن المقرر أن يجتمع شي السبت في ليما مع بايدن في آخر لقاء على الأرجح بينهما قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ونقلت "فرانس برس" عن وكيل وزير الخارجية الأميركية لشؤون أميركا اللاتينية براين نيكولز قوله: "نعتقد أنه من الضروري أن تضمن البلدان عبر نصف الكرة الأرضية أن أنشطة جمهورية الصين الشعبية تحترم القوانين المحلية وتحافظ على حماية حقوق الإنسان والبيئة".

الميناء مملوك بنسبة 60% لشركة كوسكو و40% لشركة "فولكان كومبانييا مينيرا" البيروفية

وفي إشارة إلى العلاقة التاريخية بين الولايات المتحدة والبيرو، قال نيكولز: "سنركّز على بناء هذه العلاقات وضمان أن البيروفيين يفهمون تعقيدات التعامل مع بعض المستثمرين الآخرين فيما يمضون قدما في ذلك". ولفت إلى أن الولايات المتحدة قدمت في الآونة الأخيرة الدعم للبيرو، بما في ذلك التبرّع بقطارات لمدينة ليما والتنسيق في مجال الفضاء بقيادة ناسا والتبرع بتسع مروحيات من طراز "بلاك هوك" لمساعدة الشرطة على التعامل مع الجريمة العابرة للحدود.

وقال وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون شرق آسيا دان كريتنبرينك، إن الولايات المتحدة تأتي بـ"أجندة إيجابية" ولا تسعى لإجبار البلدان على الاختيار بين القوى المتنافسة. وأفاد الصحافيين: "نريد التأكد من أن البلدان لديها إمكانية الاختيار وأنها قادرة على القيام بخياراتها بحرية ومن دون إكراه".

ولطالما اعتبرت الولايات المتحدة على مدى قرنين أميركا اللاتينية ضمن دائرة اهتمامها، لكنها واجهت منافسة متزايدة حول العالم، خصوصاً من الصين في الجانب الاقتصادي. ويشير صانعو السياسات في الولايات المتحدة عادة إلى الديون المرتبطة بالمشاريع الصينية واعتماد الصين على عمالها في المشاريع الكبرى.

وفي تحقيق أوردته "أسوشييتد برس"، أشارت إلى أن مشروع ميناء تشانكاي يعني تحويل بلدة صيد نائية، لا يتمتع ثلث عدد سكانها بالمياه الجارية، على حافة الصحراء في البيرو على طول ساحل المحيط الهادئ، إلى ميناء ضخم في المياه العميقة للاستفادة من زيادة الاهتمام الصيني بأميركا الجنوبية الغنية بالموارد.

ويعمل ميناء تشانكاي الضخم، وهو مشروع تملك شركة "كوسكو" الصينية العملاقة للشحن حصة الأغلبية فيه، على تحويل هذا الموقع الذي يعج بقوارب الصيد إلى موقع رئيسي مهم للاقتصاد العالمي. ومن قصر الرئاسة في ليما، على بعد 60 كيلومتراً إلى الجنوب من حفل افتتاح الميناء، تابع الرئيس الصيني البث المباشر لقص الشريط خلال حفل افتتاح الميناء إلى جانب نظيرته البيروفية، دينا بولوارتي، مساء الخميس.

أول ميناء بتمويل صيني في أميركا الجنوبية، وهو مجمّع بكلفة 3.5 مليارات دولار في تشانكاي شمال ليما مصمم ليكون مركزاً تجارياً إقليمياً

وقال شي من ليما، حيث يستعد زعماء العالم للتجمع هناك لحضور منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، عن ميناء تشانكاي إنه "سينتج دخلاً كبيراً وفرص عمل هائلة للبيرو، بما سيحقق نتائج ملموسة لسكان المنطقة".

وقوبل المشروع الذي المتوقع أن يشمل 15 رصيفاً ومنطقة صناعية كبيرة تجتذب استثمارات بقيمة تزيد عن 3.5 مليارات دولار على مدار عقد من الزمان، بردود فعل متشككة من القرويين الفقراء، الذين يقولون إنه يحرمهم من مياه الصيد ولا يجلب أي فائدة اقتصادية للسكان المحليين.

وفي هذا الصدد، نقلت "أسوشييتد برس" عن الصياد يوليوس قيصر البالغ من العمر 78 عاماً، قوله: "لم تعد مواقع الصيد موجودة هنا، حيث دمرتها هذه الرافعات المقامة على رصيف الميناء"، مضيفاً: "لا ألوم الصينيين على محاولتهم استغلال القيمة العالية لهذا الموقع. بل ألوم حكومتنا على عدم توفير الحماية لنا".

وتأمل حكومة البيرو أن يصبح ميناء تشانكاي مركزاً استراتيجياً للشحن في المنطقة، مما يفتح خطاً جديداً يربط أميركا الجنوبية بآسيا ويسرّع التجارة عبر المحيط الهادئ. وفي هذا الصدد، ذكرت وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ" أن الكونغرس في البيرو مرّر قانوناً يضمن لشركة "كوسكو شيبنيغ بورتس" الصينية المملوكة للدولة حق استخدام الميناء حصرياً.

وكتب خبير اللوجستيات الأرجنتيني أوجستين بارليتي في صحيفة "إل كرونيستا" إن "هذا يظهر أن الصين لا تبني ميناء تشانكاي من أجل البيروفيين، بل تبني ميناء صينياً في البيرو، وهذا فرق كبير"، علماً أن الميناء مملوك بنسبة 60% لشركة كوسكو و40% لشركة "فولكان كومبانييا مينيرا" البيروفية، بحسب ما ذكرته "د ب أ".

المتوقع أن يشمل المجمع 15 رصيفاً ومنطقة صناعية كبيرة تجتذب استثمارات بقيمة تزيد عن 3.5 مليارات دولار على مدار عقد من الزمان

وستؤسس كوسكو خطاً ملاحياً مباشراً إلى شنغهاي، مما سيقلل من مدة الرحلة إلى حوالي 23 يوماً. وحتى الآن، كانت السفن القادمة من البيرو تسافر غالبا عبر مانزانيلو في المكسيك و"لونغ بيتش" في الولايات المتحدة إلى الصين، بما يجعل الرحلة تستغرق حوالي 40 يوماً.

وتضاعف حجم التجارة بين الصين والبيرو ليصل إلى 33 مليار دولار منذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة في 2009. وعلى مدار العشر سنوات الماضية، استثمرت بكين حوالي 24 مليار دولار في مشاريع التعدين والطاقة في البيرو.

المساهمون