تدهور نشاط القطاع الخاص غير النفطي في دبي خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مع استمرار تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد على الطلب، وسط مخاوف من حدوث انتكاسة جديدة في التوظيف، حيث بدت أنشطة السفر والسياحة والعقارات الأكثر تضرراً من الأزمة.
وأظهر مؤشر مديري المشتريات "آي إتش إس ماركت"، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، اليوم الإثنين، هبوط نشاط القطاع الخاص الشهر الماضي إلى أدنى مستوى منذ مايو/ أيار، حيث انخفض المؤشر إلى 49 نقطة مقابل 49.9 نقطة في أكتوبر/ تشرين الأول. وانخفاض المؤشر إلى ما دون 50 نقطة يشير إلى الانكماش.
ورغم أن وتيرة فقدان الوظائف كانت الأقل منذ تسعة أشهر، إلا أن التقرير أشار إلى احتمال حدوث تراجع في الطلب قد يؤدي إلى انتكاسة أخرى للتوظيف على المدى القصير.
وقال ديفيد أوين ، الخبير الاقتصادي في مؤسسة "آي إتش إس ماركت" للأبحاث: "ظهر انخفاض جديد في الإنتاج ونمو أبطأ في المبيعات عبر القطاع الخاص غير المنتج للنفط في دبي الشهر الماضي، مما يسلط الضوء على احتمال حدوث تراجع اقتصادي مزدوج " من وباء كورونا وهبوط أسعار النفط.
وتراجعت المعنويات بشأن نشاط العام المقبل إلى مستوى قياسي منخفض جديد في نوفمبر/ تشرين الثاني، وسط مخاوف متزايدة بشأن تباطؤ التعافي الاقتصادي.
وخفضت الشركات الإنتاج لأول مرة في ستة أشهر "بوتيرة قوية"، مشيرة إلى تأثير فيروس كورونا الجديد، وكان ضعف الطلب بارزاً في قطاع السفر والسياحة، كما تكافح شركات البناء أيضا في عملها.
ووفق أوين "يمكن للأنباء حول اللقاحات الفعالة ضد كورونا أن تعيد التفاؤل على المدى الطويل، حيث من المرجح أن تضع الشركات آمالًا أكبر في حدوث انتعاش قوي في عام 2021".
كانت بيانات صادرة عن مركز دبي للإحصاء في نوفمبر/ تشرين الثاني، قد أظهرت تعمق الانكماش في الإمارة، بعد أن قبع تضخم أسعار المستهلكين في النطاق السالب للشهر الـ 23 على التوالي خلال أكتوبر/تشرين الأول، فيما أعلن مصرف الإمارات المركزي آنذاك عن تمديد فترة تطبيق العناصر الرئيسية لحزمة التحفيز الاقتصادي، التي أطلقها تحت مسمى "خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة" حتى نهاية يونيو/حزيران من العام المقبل 2021.
وكشف المركز، عن تسجيل التضخم في دبي سالب 3.41% الشهر الماضي، بعد أن انخفض إلى 103 نقاط ، مقارنةً بـ 107 نقاط خلال أكتوبر/تشرين الأول 2019. وكان معدل التضخم قد دخل إلى النطاق السالب في الإمارة لأول مرة في نحو 4 سنوات في ديسمبر/ كانون الأول 2018.
والتضخم بالسالب يشير وفق تصنيف المؤسسات المالية الدولية، ومنها صندوق النقد الدولي، إلى تراجع النشاط الاقتصادي وتراجع الائتمان بسبب انخفاض المعروض النقدي، ما يؤثر بشكل ملحوظ على الإنتاج ويدفع للركود ويزيد من معدلات البطالة والتعثر المالي.
وتواجه القطاعات المالية والاستهلاكية والعقارية بشكل خاص صعوبات في ظل تراجع الإنفاق وتراجع الاقتصاد متأثراً بهبوط أسعار النفط، فضلاً عن الأضرار الناجمة عن جائحة كورونا منذ بداية العام الجاري.
وكانت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية العالمية قد ذكرت، أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، أن اقتصاد دبي قد ينكمش "بشكل حاد" بنحو 11% في 2020، في ظل تضرره من انحسار السياحة والطيران بسبب جائحة كورونا، متوقعة أن تستمر الأضرار حتى عام 2023.
وتضرر قطاع العقارات بشدة، بينما ظلت أعماله الشاهقة لسنوات ماضية شاهدة على حضوره القوي. وقد أوقفت شركة "إعمار"، أكبر مطور عقاري في دبي، مؤقتاً العمل في مشاريع جديدة، وسط تخمة في السوق، إلى جانب جائحة كورونا، مما قلَّص حوالي ثلث قيمة أسعار المنازل على مدى السنوات الست الأخيرة.
وقال محمد العبار، رئيس مجلس إدارة الشركة في مؤتمر في دبي، يوم الإثنين الماضي "لم نعد نبني"، مُضيفاً: "قررت الجهات الحكومية وقف مشاريع التطوير العقاري الجديدة منذ ما يقرب من عام، لكن كورونا بالتأكيد هو الذي ضغط على الفرامل".
وتمثِّل هذه التصريحات اعترافاً نادراً من "إعمار"، التي قاومت لسنوات الدعوات إلى وقف البناء حتى مع إغراق السوق بالعقارات الجديدة، وتراجع الأسعار.
وتراجعت أسعار المنازل في دبي، المركز التجاري والمالي الرئيسي في الشرق الأوسط، بأكثر من 30% منذ عام 2014، مما حدا بالحكومة على تشكيل لجنة لإدارة العرض والطلب.
ومع بداية كورونا، شعرت الشركات العقارية بالقلق بشأن التدفق النقدي، وأوقفت المشاريع مع تبخُّر الطلب من المستثمرين الأجانب والمحليين، وفق تقرير لوكالة بلومبيرغ نشرته في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وفي أعقاب تصريحات العبار عن وقف المشاريع الجديدة، أعلنت "إعمار" عن تخلّي العبار، رئيس مجلس الإدارة، التاريخي، للشركة ومؤسِّسها عن منصبه، والتفرغ لأمور الإدارة التنفيذية، وفق بيان أرسلته الشركة إلى سوق دبي المالي (البورصة).