يشير استثناء المنتجات الزراعية من اتفاقات التجارة الحرة مع الدول الأوروبية، ومن ثم مع بريطانيا قبل أيام، إلى مدى منافسة وتطور الزراعة التركية، التي باتت تشكل مصدر قلق للدول الأوروبية، بعد أن بلغت تركيا المرتبة الأولى أوروبياً بالإنتاج الزراعي والسابعة على مستوى العالم. ويكشف الخبير الزراعي التركي عمر يلديز في تعليقات لـ "العربي الجديد"، أن الصادرات الزراعية ترتفع كل عام في تركيا "حتى فاقت 22 مليار دولار سنوياً" وذلك بسبب زيادة الإقبال عالمياً على الإنتاج الزراعي التركي الذي بات يصل إلى 186 بلداً حول العالم والتشجيع والدعم الحكومي المستمر للمزارعين، بحسب تأكيد وزير الزراعة والغابات في تركيا، بكير باقدميرلي، الذي أكد اعتزام وزارته تقديم حزم دعم جديدة للمزارعين، بنحو 24 مليار ليرة تركية، خلال العام الجاري 2021.
وحول طرق الدعم والتشجيع، يقول يلديز لـ"العربي الجديد" إن هناك طرقا كثيرة تعتمدها الحكومة لدعم الفلاحين، منها حملات دعم بالمازوت والسماد الكيميائي والبذور ذات الجودة العالية، أو عبر طرق دعم خاصة للمزارعين الذين يستخدمون الطرق المثالية في الزراعة، إذ تعطي الحكومة المزارع ما يقدر بـ11 ليرة تركية كدعم للسماد والوقود للهكتار الواحد، بينما يزيد هذا الدعم إلى خمسين ليرة في حالة اتباع المزارع الطرق المثالية في الزراعة أو إنتاج الخضار والفواكه العضوية، كما تقدم الحكومة "مخازن تبريد مجانية لحفظ المنتجات وتصديرها".
من جانبه، يرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، محمد كامل ديميريل، أن قيمة الإنتاج الزراعي ارتفعت من 40 إلى 60 مليار دولار خلال حكم حزب "العدالة والتنمية" وأن تركيا وصلت إلى المركز السابع عالمياً، بمستوى الإنتاج الزراعي، وتسعى بحلول عام 2023 إلى بلوغ المركز الخامس بقيمة إنتاج بنحو 150 مليار دولار وصادرات 40 ملياراً وزيادة الرقعة الزراعية إلى 8.5 ملايين هكتار، مقارنة بنحو 5.4 ملايين هكتار الآن. ويضيف ديميريل لـ"العربي الجديد" أن بلاده ومن أجل تحقيق التنمية المتوازنة وعدم إهمال القطاعات الرئيسية، خاصة الزراعية، قدمت خلال السنوات السابقة من حكم "العدالة والتنمية" 310 مليارات ليرة تركية لدعم الزراعة، كما "تم بناء 585 سدا وتوفير 6.6 ملايين هكتار من الأراضي للري وزرع 4.6 مليارات شتلة"، وهذا ما سرّع بالإنتاج الزراعي ونمو الصادرات التي زادت عن 19.4 مليار دولار عام كورونا الماضي.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد كشف أخيراً عن حجم إنتاج بلاده الزراعي وأنه حقق رقماً قياسياً في تاريخ الجمهورية التركية، وقال إن الانتاج الزراعي وصل إلى 124 مليون طن، من خلال زيادة الدعم المقدم للمزارعين.
في المقابل، تشير بيانات رسمية إلى أن ارتفاع إنتاج الحبوب في تركيا، بلغ 8.1 في المائة على أساس سنوي في 2020 ليصل إلى حوالي 37.2 مليون طن، حيث زاد إنتاج القمح بنسبة 7.9 في المائة إلى 20.5 مليون طن. وفي ذات الشأن، قال معهد الإحصاء التركي، إن إنتاج الشعير نما بنسبة 9.2 في المائة إلى 8.3 ملايين طن في 2020، بينما ارتفع إنتاج الذرة 8.3 في المائة إلى 6.5 ملايين طن، وإنتاج الشوفان 18.7 في المائة إلى 214.5 ألف طن. أما على صعيد إنتاج الخضر والفواكه التركية التي تشكل عماد تركيا التصديري الزراعي، فقد زاد إنتاج الخضروات 0.3 في المائة إلى 31.2 مليون طن على مدار العام، في حين زاد حجم محاصيل الفاكهة والمشروبات والتوابل 5.8 في المائة إلى 23.6 مليون طن، كما ارتفع إنتاج السكر 16.3 في المائة إلى 21 مليون طن، والتبغ 12.2 في المائة إلى 76 ألفا و500 طن.
لكن ثمة مخاطر تواجه الزراعة التركية، أهمها تراجع منسوب المياه الجوفية وتأخر الأمطار بحسب ما يقول جنكيز غول توتان من ولاية غيرسون الشهيرة بإنتاج البندق والشاي، فبلاده التي تمتلك منابع أنهار عدة ومسطحات مائية و120 بحيرة طبيعية، باتت مهددة بالجفاف ولا بد برأيه من الاحتياط والبحث عن أساليب زراعية تخفف من استهلاك الماء، كزراعة القمح الشتوي كما في روسيا وتقليل الزراعات الشرهة للمياه وبمقدمتها القطن، رغم أن النسيج عمود الصناعة التركية.
ويضيف غول تان لـ"العربي الجديد" أن أسعار الكهرباء ارتفعت بنسبة فاقت 100% خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وبالتالي زادت من تكاليف الري ومن تكاليف الإنتاج على المزارعين، لكن حكومة بلاده تولي أهمية خاصة لدعم الفلاحين والإنتاج الزراعي، وتجلى ذلك خلال عام كورونا حيث وزعت الحكومة بذوراً بالمجان وزادت الدعم من خلال الأسمدة والمنح المالية.