كشفت أرقام مصرف قطر المركزي عن إنفاق القطريين على السياحة الخارجية والسفر نحو 13.087 مليون ريال، أي ما يعادل 3.585 مليارات دولار، خلال الربع الأول من العام الجاري، بزيادة نحو 28% مقارنة بالفترة نفسها خلال العام الماضي.
وجاء ذلك في الوقت الذي كشفت فيه أرقام رسمية عن جذب قطر 2 مليون سائح أجنبي في النصف الأول من العام الجاري 2023، وتسجيل القطاع السياحي أداءً مشهوداً خلال مايو ويونيو، حيث استقطبا معاً أكثر من 567 ألف زائر، وهو من أعلى المعدلات في الشهرين خلال السنوات العشر الماضية.
ووفق عاملين في شركات سياحة وسفر في العاصمة القطرية الدوحة، فإن تركيا وبريطانيا ومصر، وبعض دول جنوب شرق أسيا، كانت من أبرز الوجهات المفضلة لدى القطريين خلال الصيف الجاري.
ولتلبية احتياجات المسافرين، أعلنت الخطوط الجوية القطرية، في وقت سابق، عن زيادة رحلاتها إلى 11 وجهة، بما في ذلك أمريتسار في الهند، بكين وشنغهاي في الصين، دينباسار في إندونيسيا، القصيم والطائف في السعودية، جنيف في سويسرا، لندن جاتويك في المملكة المتحدة، ناجبور في الهند، سراييفو في البوسنة والهرسك، ويندهوك في ناميبي، بالإضافة إلى ثلاث وجهات أخرى شملت الأقصر في مصر، دوسلدورف في ألمانيا، وسانتوريني في اليونان، بواقع 655 رحلة جوية أسبوعياً، و160 وجهة مختلفة حول العالم، خلال صيف 2023.
وقال إسلام صلاح الدين، موظف حجوزات بشركة أمازون للسياحة بالدوحة، إن الإقبال كبير هذا العام من قبل السياح القطريين على حجوزات تذاكر الطيران خلال فترة الصيف، وإن النسبة الأكبر تتجه لتركيا، يليها العاصمة البريطانية لندن، ومصر، وتايلاند، وبعض الدول الأوروبية، وبالتحديد سويسرا وألمانيا.
ووفق صلاح الدين، فإنه خلال الشهر الماضي كانت هناك حجوزات كبيرة من قبل القطريين للبوسنة والهرسك وسويسرا، موضحاً أن أفضل أسعار تذاكر طيران متاحة في الفترة الأخيرة كانت من نصيب مصر وتركيا. وأشار أيضاً إلى أن أهم وجهات القطريين هي تايلاند، ولندن، والأردن، ومصر، خاصة الراغبين في الحصول على السياحة العلاجية.
ولفت صلاح الدين إلى قوة الجواز القطري، وتسهيل الدخول لحامليه في العديد من الدول، وتقديم بطاقات خصم للعاملين في الجهات الحكومية المختلفة تشجعهم على السفر.
وبالنسبة للندن، وهي من الوجهات المهمة للقطريين، وباتت تقدم نظام الإعفاء الإلكتروني من التأشيرة (EVW) شرط التقديم قبلها بـ 48 ساعة، تبدأ الحجوزات فيها من 3700 إلى 5000 ريال، للدرجة السياحية، ومن 16 إلى 20 ألف ريال لدرجة رجال الأعمال. وتتراوح أسعار السفر إلى سويسرا بين 3500 إلى 5000 ريال، بجانب جزر المالديف، وجزيرة بالي، وطوكيو من 4000- 5000 ريال للدرجة السياحية، ولدرجة رجال الأعمال من 20 - 22 ألف ريال.
وبحسب موظف شركة أمازون، فإن هناك عوامل عدة مختلفة لسفر القطريين، منها التنزه والتسوق، والابتعاد عن الطقس الحار خلال فترة الصيف، والفضول، والتجديد، والمغامرة، والبحث عن أجواء باردة، مشيراً إلى أن الدول التي تنجح في إبراز مقوماتها المختلفة هي التي تستقطب السياح إليها من مختلف الدول، بجانب أهمية السياحة العلاجية.
ويتيح الجواز القطري لحامله دخول 99 دولة بدون تأشيرة، و29 دولة بتأشيرة عند الوصول، وتصريح سفر إلكتروني لـ 5 دول هي: المملكة المتحدة، باكستان، سريلانكا، كوريا الجنوبية، نيوزيلاندا، وتأشيرة إلكترونية مسبقة لـ25 دولة، وترتيبه عالمياً 57 وفقاً لمؤشر جايد لترتيب جوازات السفر 2023.
فيما يؤكد محمد سيد، موظف حجوزات بمكتب جولدن ستارز للسفر بالدوحة، أن حجوزات القطريين هذا الصيف تتجه لمطار هيثرو في لندن، ثم فيينا بالنمسا، ثم طرابزون في الشمال التركي، ومطار بانكوك بتايلاند، ودول منطقة الشنغن المختلفة لسهولة التنقل بينها، بالإضافة إلى مصر، مقدراً نسبة الحجوزات بأنها ما بين 60% عائلات، و40% من فئة الشباب.
وأشار إلى أن الإقبال الكبير هذا العام له أسباب كثيرة، منها انتهاء الجائحة، وإزالة القيود التي كانت مصاحبة لها، والرغبة لدى القطريين في تجربة أماكن جديدة، والاستمتاع بالأجواء الشتوية والمناظر الطبيعية، في ظل ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف، موضحاً أن بعض الحجوزات ربما تشمل أكثر من وجهة للشخص نفسه أو المجموعة أو العائلة.
وبغض النظر عن رغبة العديد من القطريين في السفر للخارج خلال فترة الصيف للتنزه، فإن هناك عوامل أخرى تدفع نحو التوسع في تلك الرحلات وزيادة حجم الانفاق، مقارنة بنفقات السياح الآخرين، وهي زيادة دخل المواطن القطري والذي يعد الأعلى في العالم.
وعن تلك النقطة، يقول يوسف أبو حليقة، الخبير الاقتصادي القطري لـ"العربي الجديد"، إن السياحة الخارجية للقطريين ستزداد الفترة القادمة، لأسباب أهمها قوة الاقتصاد القطري، ومستوى دخل الفرد العالي، وعدم جاذبية السياحة الداخلية، في ظل غلاء أسعار الفنادق في قطر، والازدحام في الإجازات عليها، ورغبة القطريين في السفر لقضاء أوقات ممتعة مع العائلة، واكتشاف وجهات جديدة.
وأضاف أبو حليقة: "أحياناً تتضمن هذه الزيارات بناء بعض العلاقات التجارية، واستلهام الأفكار أو التصاميم، والعودة لتطبيقها في قطر، وأحياناً جلب العمالة". وقال: "القطريون يبحثون عن الوجهات الأكثر أمناً لهم ولعائلتهم، ويفضلون الدول الأوروبية وجورجيا ودول شرق آسيا".