تسعيرة الإدارة الذاتية للقمح تخيب آمال المزارعين في شمال شرق سورية

27 مايو 2024
حصاد القمح في الرقة السورية / 22 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- خفضت الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية سعر شراء القمح لموسم 2024 إلى 31 سنتاً للكيلو، مما أثار استياء المزارعين والأحزاب السياسية بسبب انخفاضه عن أسعار العام السابق والسعر المحدد من قبل النظام السوري.
- وصف المزارعون السعر بأنه "مهزلة" و"استهتار" بجهودهم، مشيرين إلى تضاعف تكاليف الزراعة، بينما طالبت أحزاب سياسية بإعادة النظر في التسعيرة وتقديم دعم أكبر للقطاع الزراعي.
- تأتي هذه الأزمة في ظل تراجع إنتاج القمح في سورية منذ 2011، مما يهدد الأمن الغذائي، خاصة في محافظة الحسكة التي كانت تساهم بنحو 65% من الإنتاج الوطني، مما يبرز الحاجة لسياسات دعم فعالة للزراعة.

خيّبت الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية الأحد آمال المزارعين بالتسعيرة التي أصدرتها لشراء محصول القمح لهذا الموسم، والتي جاءت أقل من تسعيرة العام الفائت، ما أثار موجة سخط واستياء في المنطقة الأكثر إنتاجا للمحصول الأهم في البلاد. وحددت هيئة الزراعة والري لشمال وشرق سورية، التابعة للإدارة الذاتية، تسعيرة شراء الكيلوغرام الواحد من القمح من المزارعين بـ 31 سنتا أميركيا للكيلو الواحد للموسم الزراعي 2024، وهي أدنى من السعر الذي حدده النظام السوري، والذي بلغ 36 سنتا، أي ما يعادل 5500 ليرة سورية.

وجاء السعر الذي حددته الإدارة أدنى من تسعيرة الإدارة الذاتية نفسها للموسم الماضي، والتي بلغت 43 سنتا للكيلوغرام الواحد، ما شكل صدمة لدى سكان مناطق سيطرة الإدارة وأثار موجة من الاستياء والرفض الشعبي لما تشكله هذه التسعيرة من خسارة لعموم المزارعين. وقالت هيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية في قرارها، إن التسعيرة تخضع لنظام الدرجات العددية ما يعني إمكانية تخفيض السعر عند الشراء حسب نوعية ونظافة المحصول ونسبة الشوائب فيه. ووصف سيرا الدين يوسف، وهو مزارع من سكان ناحية القحطانية في محافظة الحسكة في حديث مع "العربي الجديد" السعر الذي حددته الإدارة بـ "المهزلة"، مضيفا: "فيه استهتار بحقوق وتعب الفلاحين طيلة عام". وأضاف: "جميع مصاريف الزراعة تضاعفت عن السنة السابقة، ومع ذلك تراجعت التسعيرة 12 سنتاً للكيلو الواحد".

وأشار إلى أنه على الإدارة ألا تضع العراقيل أمام الفلاحين لبيع محصولهم للنظام "في حال لم تكن قادرة على الشراء بالسعر المناسب الذي يترك هامش ربح للفلاحين"، داعيا الى التظاهر السلمي لدفع الإدارة الى تغيير هذا القرار الجائر. وحدّد مجلس الوزراء لدى النظام السوري في الشهر الفائت سعر شراء القمح من الفلاحين للموسم الزراعي 2023-2024 بمبلغ 5500 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، بزيادة طفيفة عن أسعار الموسم الفائت. (الدولار = 14700 ليرة سورية).

الى ذلك، أبدى محمد موسى سكرتير الحزب اليساري الكردي، أحد أحزاب مجلس سورية الديمقراطية، في حديث مع "العربي الجديد"، اسفه للسعر الذي صدر عن الإدارة الذاتية للقمح "بعد طول انتظار من الفلاحين"، مشيرا إلى أن "الإدارة كانت قد قدمت في الموسم الفائت محروقات تكفي لسقاية الأراضي لمرتين أو ثلاث مرات، وفي الموسم الحالي لمرة واحدة فقط، ما يعني أن التكاليف على الفلاح زادت، وهو ما يستدعي سعرا أعلى من سعر العام الفائت وليس العكس". وطالب الإدارة بـ "إعادة النظر بهذه التسعيرة"، معربا عن اعتقاده بان من وضعها "يريد إفشال الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية، خاصة وأن الزراعة هي عمود الاقتصاد في المنطقة وخاصة القمح".

إلى ذلك، اعتبر الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية قرار الإدارة بشراء القمح بهذا السعر المتدني "غير مبني على دراسة اقتصادية صحيحة"، مضيفا في بيان: "هو قرار مجحف بحق المزارعين بالدرجة الأولى، اذ إنه لم يأخذ بعين الاعتبار المصاريف التي يتكبدها المزارع منذ بداية موسم الزراعة لحين استلام الفواتير. وأشار الى ان الموسم شهد ارتفاعا بسعر مادة المازوت والبذار والأسمدة، مطالبا الإدارة الذاتية بـ "التراجع عن القرار، وإصدار تسعيرة تتناسب مع التكاليف والأعباء التي يتكبدها المزارعون في المنطقة، وتقديم الدعم والتسهيلات للقطاع الزراعي".

ومنذ عام 2011، دخلت زراعة القمح في سورية دائرة الخطر، بعد تراجع الإنتاج بشكل دراماتيكي، من أكثر من 4 ملايين طن في الموسم، وهو ما كان يكفي الاستهلاك المحلي ويفيض قسم منه للتصدير، إلى نحو مليون و200 ألف طن، في أكثر من موسم خلال السنوات الماضية. وكانت محافظة الحسكة وحدها تساهم بنحو 65% من إنتاج القمح في سورية قبل عام 2011، إلا أن هذا الرقم تراجع كثيراً بعد ذاك العام، حيث لم يعد يصل إنتاج هذه المحافظة إلى 500 ألف طن في كثير من المواسم. ويُزرع القمح في بعض مناطق سيطرة النظام، خاصة في جنوب البلاد، إلا أن الإنتاج لا يسد سوى جانب من حاجة نحو تسعة ملايين يعيشون تحت سيطرته، لذا يلجأ إلى تهريب كميات من منطقة شرق الفرات والاستيراد من الخارج.

المساهمون