لأول مرة تتأهب سورية لفتح معابر تجارية رسمية بين المناطق التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد وأخرى تديرها المعارضة في شمال غربي البلاد.
وبعد ممانعة شعبية واحتجاج السكان بالمناطق المحررة من سلطة النظام في شهر إبريل/ نيسان الماضي على اعتزام فتح معابر بين مناطقهم وبين التي يسيطر عليها الأسد، أعلنت بداية الأسبوع الجاري إدارة "معبر سراقب التجاري" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" عبر "تلغرام" أنه "سيتم فتح معبر تجاري بين مناطق المعارضة ومناطق قوات الأسد خلال الأيام القادمة بين مدينتي (سرمين – سراقب) شرق إدلب.
وبينت إدارة المعبر أن الهدف من فتح المعبر التجاري هو "زيادة النشاط الاقتصادي للمناطق الخارجة عن سيطرة الأسد في ظل تردي الأوضاع وتحسين الدخل المعيشي للعاملين، مضيفة أنه "على جميع التجار الذين يريدون إدخال البضائع التنسيق مع المكتب الاقتصادي التابع للمعبر والذي تديره الهيئة"، وجاء كل ذلك بعد التنسيق مع ممثلين لقوات الأسد وروسيا لفتح المعبر في القريب العاجل، مع العلم أن المعبر لا يسمح أبداً بمرور المدنيين من مناطق الأسد وإليها.
وأشارت إدارة المعبر إلى أن فتح المعبر "سيساهم في زيادة أرباح المزارعين للتمكن من زراعة أراضيهم في الموسم القادم، وإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية للمناطق المحررة من النظام لمساعدة المصابين، محرضة التجار وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة على زيادة نشاطهم التجاري واستيراد البضائع من الخارج، والحد من عمليات التهريب غير الشرعية ومنع انتشارها عن طريق الخونة والعملاء، حسب تعبير بيان "هيئة تحرير الشام".
وحول المسموح والممنوع بالتبادل عبر المعبر العتيد، حددت إدارة المعبر بعض المواد التي يُسمح بإدخالها من مناطق سيطرة المعارضة إلى الجانب الآخر وهي: "الخضار والفواكه، والزيتون وزيت الزيتون، والمواد التموينية، والألبسة والأقمشة، ومعدات صناعية، وقطع السيارات الأوروبية، والحديد وبعض المعادن، والحجر ومواد البناء"، فيما حظرت إدارة المعبر مواد أخرى كـ"الذهب والفضة، والعملة الأجنبية، والأدوية والمعدات الطبية، والدخان ومشتقاته، ومواد التجميل، والملابس التركية، والمواد التي تستعمل في الحرب مثل السلاح والمواد المتفجرة أو ما يساعد ذلك".
وفي هذا السياق، يؤكد العامل بالشؤون الإغاثية في سرمين، محمود التح، أن الاستعدادات مستمرة لافتتاح المعبر التجاري "الرسمي" شمال غربي سورية، بعد توقف التعامل والتبادل الرسمي، منذ سيطرة قوات الأسد وإيران، على مناطق شرق إدلب في آذار/مارس الماضي.
ويتوقع الإغاثي السوري، فتح أكثر من معبر رسمي، الأول في منطقة "الترنبة" والثاني في "مجارز" لتربط بين أول بلدة محررة "سرمين" وأول منطقة يسيطر عليها النظام "سراقب" وهما بلدتان متجاورتان شرقي إدلب شمال غربي سورية.
ويقدر الإغاثي السوري عدد سكان سرمين حالياً، بعد عمليات النزوح من المناطق التي سيطر عليها الأسد، بنحو 50 ألف نسمة، في حين لم يزد سكانها عام 2011 عن 20 ألف نسمة، كاشفاً لـ"العربي الجديد" أن العديد من مكاتب الشحن بسرمين، بدأت الاستعداد لتوريد السلع والمنتجات إلى المناطق الأخرى بحال تم فتح المعبر.
وعن أنواع المنتجات التي يمكن أن توردها مناطق سيطرة المعارضة لمناطق الأسد، يضيف الإغاثي التح، أنها تتمثل في المنتجات الزراعية بالدرجة الأولى ومن ثم مستلزمات الحياة اليومية من أغذية ودواء لأن "المناطق المحررة" مفتوحة على تركيا وتستورد جميع السلع والمواد الضرورية.
وحول ما إذا يمكن للتجار في ما يسمى "المناطق المحررة" توريد سلع تركية يلاحقها النظام بمناطقه، يكشف التح أنه يتم تغيير ملامح السلع وبلد المنشأ، لتوضع بعبوات مكتوب عليها صناعة سورية.
في المقابل، يقول عضو غرفة تجارة إدلب السابق، نبيه السيد علي، لـ"العربي الجديد" إنه لا بد من التذكير بأن "المناطق المحررة" في إدلب لديها منفذ "باب الهوى" الاستراتيجي الحدودي مع الجارة تركيا، ما يعني أنه لا حاجة على الإطلاق إلى أي نوع من التبادل التجاري مع المناطق المحتلة استيرادا أو تصديرا، وفائض الإنتاج الزراعي إن وجد (الخضار والفواكه، والزيتون وزيت الزيتون والمواد التموينية)، يمكن تسويقه إلى تركيا أو عبرها للدول العربية والأوروبية، فالسلع السورية وخاصة الزراعية مطلوبة وبشدة ويمكن أن تؤمن عائدات للمناطق المحررة فتنعش الحالة الاقتصادية فيها.
وأضاف: "لكن هذا "الالتفاف" سيؤدي لتفعيل باب الهوى مجددا لصالح النظام بطريقة غير مباشرة، وسينعكس سلبا وسيعود بالضرر المادي والمعنوي بالمجمل على الأهالي ووضعهم المعيشي وسيزيد معاناتهم".
وقال: "الفائدة إن وجدت ستنحصر بتجار الحروب والأزمات، وستُفتح أسواق لتسويق بضائع الاحتلال إيرانية المنشأ، التي لا يمكن ضمان صلاحيتها، وسيتسبب ذلك في نقص إضافي في المواد الأساسية بأسواق المناطق المحررة وارتفاع أسعارها".
وحول ما تقوله "هيئة تحرير الشام" من أسباب إنسانية تصب في صالح الشعب بالمناطق المحررة، أكد عضو غرفة التجارة السابق أن تلك الذرائع هي لكسب المال والعائدات فقط.