أدى إغلاق قناة السويس المصرية أمام الملاحة الدولية إلى أزمة تجارية شغلت دول العالم منذ الأسبوع الماضي، مع تعطّل إمدادات بمليارات الدولارات، وتفاقم الخسائر على الشركات والمستوردين، إضافة إلى الجهات المشغلة للقناة في مصر.
وصباح الثلاثاء 23 مارس/ آذار، واجهت سفينة الحاويات "إيفرغيفن" طقساً عاصفاً في أثناء سفرها شمالاً في قناة السويس من الصين إلى مدينة روتردام الهولندية، ما أدى إلى جنوحها، وسدّ الممر المائي العالمي، وفقاً لتقرير نشرته وكالة الأناضول.
والاثنين، أعلن مستشار الرئيس المصري لشؤون مشروعات قناة السويس والموانئ، مهاب مميش، نجاح تعويم السفينة الجانحة في ممر قناة السويس، بـ"صورة كلية"، وتحركها صوب منطقة البحيرات الكبرى.
ويمرّ من قناة السويس 30 بالمئة من حاويات الشحن، ونحو 12 بالمئة من إجمالي التجارة العالمية لجميع السلع، وتربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، وتمثل شرياناً حيوياً لمرور التجارة العالمية بين آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.
خسائر عالمية
رجحت التقارير أن التجارة العالمية خسرت 400 مليون دولار في الساعة الواحدة، وقدرت الخسائر العالمية لإغلاق القناة ما بين 6 إلى 10 مليارات دولار أسبوعياً، حسب تقرير لشركة التأمين الألمانية "أليانز".
وذكرت الشركة في تقرير نُشر الأسبوع الماضي، أن التوقف يضاعف أسعار النقل والتأمين وتكاليف الإنتاج والوقود، مشيرة إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 6 بالمئة بعد يومين من الحادثة.
من جهتها، قالت وكالة "فيتش" المالية في مذكرة بحثية، الاثنين، إن إغلاق قناة السويس خسارة كبيرة حتى بالنسبة إلى شركات إعادة التأمين العالمية، وقُدِّرَت بأكثر من 3 مليارات دولار.
كذلك ستتعرض شركات النقل البحري لخسائر ضخمة بسبب رسوم مئات السفن، والتأخر في عمليات التسليم النهائية وتحمّل لغرامات تأخير، إضافة إلى التكاليف الإضافية لتعديل المسار وسلوك طريق رأس الرجاء الصالح الذي يضيف 10 آلاف كيلو متر للرحلة الواحدة.
و"رأس الرجاء الصالح" طريق بحري يقع جنوب غربيّ دولة جنوب إفريقيا، ويبعد 140 كيلومتراً عن مدينة كيب تاون و2.3 كيلومتر عن كيب بوينت.
تراجع الإيرادات
وتفقد قناة السويس ما بين 12 مليوناً إلى 14 مليون دولار يومياً في شكل إيرادات ورسوم عبور وفق حركة الملاحة البحرية، بحسب تصريحات، السبت، لرئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع.
ويعني هذا أن خسائر قناة السويس خلال الأسبوع قد تصل إلى نحو 100 مليون دولار، ما يؤثر في حصيلة القناة التي تعد أحد أهم روافد العملة الصعبة للاقتصاد المصري.
وخلال العام المالي 2019/ 2020، حققت القناة إيرادات بلغت نحو 5.6 مليارات دولار، وفق بيانات هيئة القناة، بانخفاض حوالى 5 بالمئة عن العام المالي 2019/2018.
تضرر إمدادات النفط
شهدت أسعار النفط تقلبات كبيرة خلال الأيام الماضية بسبب توقف الإمدادات المارة بالقناة، وتوقف مرور ما يراوح بين 1.5 مليون إلى مليوني برميل يومياً، أي أن أكثر من 10 ملايين برميل متوقفة بمنطقة القناة.
وظلت أكثر من 370 سفينة تنقل حاويات، أو سفن بضائع والناقلات المحملة بالنفط مكدسة على طرفي كلا الاتجاهين في القناة.
خسائر معنوية
ارتبطت الأزمة بالتشكيك في قدرة مصر على إدارة الأزمة بعد محاولة عدد من الدول التدخل وتقديم المساعدة في إعادة السفينة لمسارها. فيما بدأت الاقتراحات تتزايد لإيجاد بدائل للملاحة البحرية التجارية عن قناة السويس، ما يزيد الضغط على مصر في هذا الإطار، لكونها تعوِّل على القناة في ضخ العملة الصعبة في الاقتصاد.