تتوسّم تونس خيرا في الموسم السياحي القادم هذا الصيف، بعدما استعادت نسق السياحة الأجنبية الوافدة، تدريجيا منذ عام 2022، في وقت تؤشر أرقام العام الجاري لدخول أكثر من 9 ملايين سائح، في تجاوز لأرقام 2019 التي سبقت إغلاقات جائحة كورونا.
يأتي ذلك، بينما تشير توقعات الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا"، إلى طلب غير مسبوق على السفر والرحلات الجوية خلال موسم الصيف، في مختلف دول العالم.
ويتوقع الخبير في السياحة فؤاد بوسلامة أن تتجاوز تونس هذا العام رقم 9 ملايين سائح الذي حققته البلاد عام 2019. وفي مقابلة مع "الأناضول"، يقول إن أرقام موسم السياحة للعام الجاري في تونس ستكون واعدة، بالنظر لاستعادة كامل طاقة المطارات والحدود، لأدائها، بعد إغلاقات جائحة كورونا.
مرافق سياحية مجهزة
وتملك تونس بنية تحتية للسياحة مجهزة وقادرة على استيعاب الرحلات المتوقعة خلال فصل الصيف، الذي يشكل ذروة الطلب على المرافق السياحية في البلاد، بحسب بوسلامة الذي أضاف: "نحن لدينا 840 نزلا و220 ألف سرير و1100 وكالة سفر، إلى جانب 357 مطعما مصنفا على أنها سياحية.. القطاع يشغل 600 ألف عامل ويعيش منه ما يقارب 2.800 مليون نسمة".
ويرى أن الحكومة التونسية مطالبة برفع ميزانيات الترويج للسياحة في تونس، حتى تكون قادرة على استقطاب مختلف القوالب السياحية، مثل المغامرات، وسياحة المعارض، والسياحة الشاطئية وغيرها.
وحول تجاوز قطاع السياحة لتداعيات عمليات إرهابية قوية عام 2015، وأزمة كورونا لسنوات 2020 و2021، قال بوسلامة: "تجاوزنا تداعيات العمليات الإرهابية، وكورونا، ونعتبرها من الماضي.. إنها عمليات معزولة".
وفي 9 مايو/أيار الماضي، نفذ عنصر أمن هجوما في جزيرة جربة (ولاية مدنين- جنوب شرق)، في آخر أيام الزيارة السنوية ليهود العالم إلى كنيس الغريبة، الذي يعود بناؤه إلى ما قبل 2500 سنة. وأسفر الهجوم عن 5 قتلى، بينهم 3 رجال أمن و5 جرحى بينهم مدنيان، بالإضافة إلى منفذ الهجوم.
القطاع السياحي التونسي يعاني
وفي الآونة الأخيرة، صرحت وزارة السياحة بأنها شرعت في مخطط عملي لاستعادة النشاط السياحي، لما قبل أزمة كورونا وتنويع المنتوج السياحي لاستقطاب أكثر من 9 ملايين سائح.
وعن هذا يقول بوسلامة: "نعم هذا موجود، ولكن لا ننسى أن القطاع فيه 840 نزلا يواجه مالكوها مديونية تثقل كاهلهم، وصلت إلى 4 مليارات دينار (1.29 مليار دولار) وهو رقم مفزع"، متابعا: "يجب أن نأخذ بيد هؤلاء ليواصلوا العمل، وحتى إعادة الجدولة لا تنفع، لا بد من النظر في المديونية لكل ملف على حدة".
وحول مساعدات الدولة للسياحة، قال بوسلامة: "صحيح أن الدولة تكفلت بكل شيء في بعض النزل، خلال العمليات الإرهابية وتكفلت بإعانة العمال خلال أزمة كورونا"، مضيفا: "لكن الدولة ربطت هذه المساعدات بالانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي (حكومي يتكفل بالمعاشات والمنح العائلية)، وصاحب المؤسسة غير قادر على الدفع، بما يعني أنهم لم يتمتعوا وبقوا يعانون الأمرّين".
مساهمة السياحة في ميزانية تونس
ولفت بوسلامة إلى أهمية مساهمة قطاع السياحة في الاقتصاد التونسي، وقال: "لا ننسى أن ثلث ميزانية الدولة كان يدخل بالعملة الصعبة من السياحة، ولو كنا اليوم في هذا الوضع، لما كنا بحاجة لقرض صندوق النقد الدولي، فنحن قادرون على العودة الى هذا الوضع.. لكن من المهم ضخ أموال في القطاع.. ثلث النزل مغلق وثلث آخر فتح بصعوبة".
وتطرق الخبير السياحي إلى تبعات الحرب الروسية الأوكرانية على سياحة البلدين إلى تونس، وقال: "الحرب أفقدتنا 650 ألف سائح روسي و100 ألف سائح أوكراني". إلا أنه اعتبر أن "السياح المغاربة (بلدان المغرب العربي وخاصة الجزائر وليبيا)، مضمون مجيئهم بحكم الجوار والقرب والعقلية.. ننتظر أن يأتي هذا العام مليونا سائح من الجزائر".
وأضاف بوسلامة: "لا بد من تسهيل عملية العبور.. فهم لا يأتون في إطار سياحة منظمة، ولا يجب أن نترك هذا السائح ينتظر في الحدود 5 أو 6 ساعات قبل الدخول إلى تونس"، متابعا أن "من المهم التشديد في المعابر على إدخال العملة الصعبة من قبل هؤلاء السياح، وهنا بإمكان محافظ البنك المركزي التونسي أن يشترط على كل سائح إدخال 200 يورو على الأقل قبل الدخول إلى تونس".
كما قال إن "السائح الجزائري ينفق 114 دينارا (36.7 دولارا) يوميا والليبي ينفق 96 دينارا (30.9 دولارا) وإذا شدّدنا على دخول العملة الصعبة في المعابر، ستكون هناك مداخيل هامة تقدر بـ 8.4 مليارات دينار (2.7 مليار دولار).. نتوقع دخول عملة صعبة هامة من السياحة الجزائرية، ووكالات السفر عليها إدخال عملة صعبة".
السياحة الداخلية في تونس
وأكد بوسلامة أهمية السياحة الداخلية في تونس، بالقول: "السائح الداخلي ينفق ما ينفقه 2.4 من السياح الأجانب وهذا رقم لا يستهان به، ولا يجب وضع حواجز أمام التونسي الذي يجب أن يكون موضع احترام في بلاده"، مضيفا "أن 14% من الليالي المحجوزة في النزل، هي للسياح المحليين، ولكن طبعا هذه النسبة لا تسمح باستمرار نزل في العمل كامل السنة، ولكن التونسي ينفق جيدا".
(الأناضول)