تتزايد في الأردن وتيرة الاعتراض على تجاوزات ترتكبها العديد من المدارس الخاصة بحق العاملين لديها، تحت عنوان سياسات تقشفية وما يصاحبها من ضعف رواتب وتعسف في زيادة الرسوم والمستلزمات الأخرى، وهو ما يُثقل أيضاً الأعباء على كاهل أولياء أمور الطلاب.
وتحاول معظم المدارس الخاصة التي تقدر بالآلاف بكل الطرق تخفيض النفقات على حساب العاملين والمرافق التي يفترض توفيرها للطلبة والعاملين فيها رغم ارتفاع العوائد المالية التي تحققها سنوياً.
وذكر أشخاص مطلعون، لـ"العربي الجديد"، أنّ المدارس الخاصة تتعاقد مع المعلمين برواتب لا تزيد عن 300 دينار (حوالي 420 دولاراً) على الورق، لكنها فعلياً لا تدفع لهم سوى مبلغ زهيد قد لا يزيد عن 150 ديناراً شهرياً، ويضطر المعلمون للعمل بسبب ارتفاع نسبة البطالة وتضاؤل فرص التشغيل في القطاع العام.
وشهدت السنوات القليلة الماضية انتقال عدد كبير من الطلبة من المدارس الخاصة إلى الحكومية بسبب الكلف المالية المرتفعة وعدم جودة التعليم في عدد منها.
وفي أغرب تصرفات تصدر عن قطاع المدارس الخاص، وجهت إحداها إلى المعلمات العاملات لديها تعميماً رسمياً يطالبهن ببرمجة الحمل لتكون الولادة في فترة العطلة الصيفية التي تمتد من يونيو/ حزيران إلى نهاية أغسطس/ آب من كل عام.
وقد أثار هذا التصرف اعتراضات واسعة وانتقادات للمدارس الخاصة، ومطالبة وزارة التربية بالتدخل لمحاسبة المدرسة، وفتح ملف هذه المدارس بشكل عام، ومعالجة التجاوزات التي ترتكبها، والمبالغة في الرسوم الدراسية والبدلات الأخرى.
المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم أحمد المساعفة قال، لـ"العربي الجديد"، إنّ التعميم الصادر عن المدرسة الخاصة "مرفوض إطلاقاً ولا نقبل به، حيث تم الإيعاز لمديرية التعليم الخاصة في الوزارة بزيارة المدرسة فوراً واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها، استناداً إلى أحكام القانون الذي يجرّم هذه الأفعال".
وأضاف أنّ "إجازة الأمومة حق للمعلمة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التدخل في هذه الأمور الخاصة والشخصية"، مشيراً إلى أنّ "هذه التصرفات مرفوضة، وهنالك متابعة لعمل المدارس الخاصة لضبط أي تجاوزات ومعالجتها".
وما زالت منصات التواصل الاجتماعي تضج بالاعتراضات والانتقادات لتصرف المدرسة الخاصة بانتظار ما ستتخذه الحكومة من إجراءات عقابية بحقها لحماية المجتمع والمحافظة على الحقوق الشخصية والخاصة في حياة المعلم والأفراد عموماً.
المدرسة المعنية حاولت الدفاع وتبرئه نفسها من التعميم والتنصل من مسؤوليته، من خلال الإلقاء باللائمة على العاملين لديها، لكن لم تستطع إقناع الرأي العام.
وقالت المدرسة، في بيان لها، أنها تعتزم فتح تحقيق موسع بخصوص التعميم الصادر ومحاسبة المسؤولين عنه، وذكرت أن التعميم "لا يعبر عن رأي إدارة المدارس، وإنما هو قرار شخصي من مصدره، ولا يعتد به من إدارة المدرسة".
منسقة الفريق الوطني "قم مع المعلم" ناريمان الشواهين قالت إنه "يجري يوميا رصد مخالفات وانتهاكات لحقوق المعلمين في المدارس الخاصة، وإن الرقابة من وزارتي العمل والتربية والتعليم ضرورية للحد من هذه الانتهاكات".
رئيس النقابة العامة للعاملين في التعليم الخاص ورئيس الاتحاد العام لنقابات العمال الأردني مازن المعايطة قال، في تصريحات صحافية، إن "هذا التصرف ينافي حقوق وحريات المرأة، خصوصا أن مؤسسة الضمان الاجتماعي تكفلت براتب الأمومة، ولذلك لا يوجد أي مبرر لهذا التصرف".
وأكد المعايطة أن "استخدام السلطة تعسفيا يعتبر انتهاكا واضحا لحق المرأة في الأمومة، وهذا الأمر يجب ألا يمر مرور الكرام"، مشيرا إلى ضرورة إصدار تحذير من الوزارتين المعنيتين (العمل والتربية والتعليم) للتأكيد على ضمان حقوق المرأة كاملة في سوق العمل لضمان حمايتها.