يبدو مزارعو القمح السوريون آخر المستفيدين من التنافس الحاد القائم بين نظام بشار الأسد وقوات سورية الديمقراطية "قسد" على شراء هذه المادة الحيوية، إذ إن الأسعار المعروضة من الطرفين لا تلبي مصالح الفلاحين بأي حال، وفقاً لتأكيد خبراء لـ"العربي الجديد".
في السياق، أوضح الخبير الاقتصادي يونس عبد الكريم لـ"العربي الجديد" أن السعر الذي طرحته" الإدارة الذاتية" لشراء القمح من الفلاحين (1150 ليرة) لا يغطي تكاليف زراعة القمح وسوء الموسم"، مشيراً إلى أنّ السعر "لا يعتبر عامل جذب للمزارعين الذين بدؤوا يتهربون من بيع محصولهم للإدارة الذاتية وحكومة النظام السوري، ويلجأون للتجار وأمراء الحرب الذين يقومون بعمليات التسويق والشراء بأسعار أعلى".
وأضاف أن موسم القمح سيئ هذا العام’، وعندما أعلنت حكومة النظام قبل أشهر عن استجرار مليون طن من دول خارجية كانت تدرك أن احتمالية الحصول على القمح من مناطق الإدارة الذاتية "ضعيف ولن يغطي حاجاته".
من جهته، أوضح أحد مزارعي مدينة القامشلي لـ"العربي الجديد" أن أسعار شراء القمح والشعير المطروحة من قبل النظام أو الإدارة الذاتية لا تحقق المطلوب بالنسبة للفلاح، سواء من ناحية تكاليف الزراعة وحتى الحراثة وجني المحصول، خاصة في ظل الواقع الاقتصادي المتقلب.
وأشار إلى أن الفلاح يدفع التكاليف بالقياس مع الدولار الأميركي ويحاسب على محصوله بالليرة السورية، وهذا يشكّل فارقاً كبيراً، ويجعل الفلاح دائماً في موقف حرج لتحقيق أدنى مكاسب ممكنة له.
وقد دعا اللواء في حكومة النظام غسان خليل محافظ الحسكة السورية، الفلاحين والمزارعين لتسليم إنتاجهم من القمح لحكومة النظام، بهدف دعم الاقتصاد الوطني بالمحصول الاستراتيجي، وذلك لضمان مصلحة المنتج وتأمين رغيف الخبز.
جاء ذلك في اجتماع اللجنة الزراعية الفرعية بمحافظة الحسكة، التي تسيطر قوات سورية الديمقراطية "قسد" على أجزاء واسعة منها.
وفي تصريحات نقلتها صحيفة الوطن التابعة للنظام اليوم الجمعة، أشار خليل إلى أن حكومة النظام تعمل على تأمين الحراسة الجيدة لمخازن محصولي القمح والشعير ومعالجة واقع قواعد الأكداس بالشكل الجيد والآمن وتلافي الأخطاء السابقة التي طرأت على الأكداس المخزنة في المراكز، نتيجة للإهمال وعدم الأخذ بأسباب التخزين بشكل جيد.
وأكد على ضرورة الشراء ضمن المراكز والتخزين ضمنها لا في مستودعات خارج حرمها، والعمل على شراء كامل الكميات المسوّقة ومنع التجاوزات والالتزام بعمليات الدور، والإبلاغ عن أية تجاوزات إن حصلت، وحصر هذه المسألة بالوحدات الشرطية.
بدوره، مدير زراعة الحسكة التابعة للنظام السوري رجب سلامة، أوضح لصحيفة الوطن أن حجم المساحات المزروعة بالقمح المروي تقدم بحوالي 125 ألف هكتار، بينما يقدر إنتاجها بنحو 300 ألف طنّ، أما مساحة الشعير المروي القابل للحصاد فتقدر بنحو 20 ألف هكتار، يقترب إنتاجها من 41 طناً. وأيضا دعا الفلاحين لبيع محاصيلهم لمراكز تابعة للنظام، لتأمين الاعتمادات المالية لدفع قيم الحبوب بالسرعة الممكنة.
وتأتي هذه التصريحات في ظل منافسة بين النظام والإدارة الذاتية على شراء محاصيل القمح والشعير من المواطنين في المنطقة، حيث حددت حكومة النظام سعر الكيلو غرام الواحد من القمح بمبلغ 800 ليرة سورية (0.24 دولار)، مع مكافأة تشجيعية بزيادة عن مبلغ بقيمة 100 ليرة سورية لكل كيلوغرام.
وحددت الإدارة الذاتية سعر شراء القمح من الفلاح بمبلغ 1150 ليرة (0.35 دولار) للكيلو غرام الواحد، أما الشعير فقد حددت سعر الكيلوغرام بمبلغ 850 ليرة (0.26 دولار). وجاء إعلان الإدارة الذاتية عن الأسعار الجديدة للقمح والشعير، بعد اجتماع عقده المجلس التنفيذي التابع له يوم الأربعاء 19 مايو/أيار.
وتوضح أرقام وزارتي الزراعة والتجارة في حكومة النظام أن إنتاج سورية من القمح بلغ 3 ملايين و900 ألف طن قبل عام 2011، إذ كانت سورية تعتبر من البلدان المكتفية، إلا أن الإنتاج تراجع عام 2012 إلى مليون و600 ألف طن، بينما بلغ قرابة 425 ألف طن في عام 2015، و420 ألف طن في عام 2016، ثم تدهور الإنتاج بشكل أكبر وتراجع في عام 2018 إلى أدنى مستوى له ليسجل 1.2 مليون طن.