توقعات بقفزة سعر النفط إلى 150 دولاراً للبرميل حال المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل
- دراسة مشتركة بين "بلومبيرغ إنتلجنس" و"بلومبيرغ إيكونوميكس" تنبأت بارتفاع سعر النفط إلى 150 دولارًا للبرميل في حالة تصاعد الصراع إلى حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران، مع تأثير محدود حاليًا على الاقتصاد العالمي.
- الدراسة توقعت سيناريوهات متفاوتة لتأثير الحرب على الاقتصاد العالمي وأسعار النفط، مشيرة إلى احتمالية ارتفاع كبير في أسعار النفط والغاز الطبيعي المسال بسبب الاضطرابات في إنتاج النفط بمنطقة الخليج.
استقرت أسعار الطاقة يوم الثلاثاء، رغم رفض دولة الاحتلال الإسرائيلي صفقة وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى المقدمة من قطر ومصر، ليدور خام برنت حول سعر 78 دولاراً للبرميل، بالتزامن مع نشر نتائج دراسة أجرتها "بلومبيرغ إنتلجنس" و"بلومبيرغ إيكونوميكس"، أكدتا فيها توقعهما أن يؤدي تصاعد الصراع في المنطقة وتحوله إلى حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران، إلى ارتفاع سعر النفط إلى 150 دولاراً للبرميل، مع خفض الناتج الإجمالي العالمي بمقدار تريليون دولار.
وأظهرت الدراسة أن تأثير الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في الاقتصاد العالمي لا يزال محدودًا حتى هذه اللحظة. ووضعت الدراسة، التي نشرت تحت اسم "سيناريوهات الطاقة في الشرق الأوسط"، أربعة سيناريوهات لتأثيرات تطور الحرب المحتملة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي والتضخم، شملت وقفًا مستمرًا لإطلاق النار، استمرار الصراع المحدود جغرافيًا، والحرب بالوكالة متعددة الجبهات، وصولًا إلى حرب أكبر تشهد اندلاع صراع مباشر بين إسرائيل وإيران.
سيناريو المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران
وقال زياد داود، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في "بلومبيرغ إيكونوميكس"، والذي شارك في إعداد الدراسة: "توقعنا الأساسي أنّ الحرب ستظل محصورة إلى حد كبير، كما كانت منذ أكتوبر، مع تأثير محدود في الاقتصاد العالمي. لكن هذا يمكن أن يتغير.
وقد يؤدي سيناريو المخاطر الذي يشتمل على صراع طويل الأمد إلى ركود عالمي يقتطع نحو تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع ارتفاع أسعار النفط وتراجع المعنويات، ما يؤدي إلى انخفاض النمو إلى 1.7%. وبعيداً عن الأزمة المالية (2008) والوباء (2020)، سيكون هذا أسوأ نمو للاقتصاد العالمي منذ عام 1982، عندما رفع بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة لاحتواء التضخم الناجم عن الصدمة النفطية في السبعينيات".
وأضاف: "لا يزال الاقتصاد العالمي يتعافى من الدورة التضخمية التي تفاقمت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، وقد يؤدي صراع آخر في منطقة بالغة الأهمية لإنتاج الطاقة إلى زيادة التضخم بشكل كبير لما يقرب من 7% هذا العام. سيكون هدف بنك الاحتياط الفيدرالي البالغ 2% بعيد المنال، وسيشكل الوقود الأكثر تكلفة عقبة أمام حملة إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن".
وقالت "بلومبيرغ إنتلجنس" إن "الاضطراب الكبير في الإنتاج في منطقة الخليج العربي، التي تنتج ما يقرب من 20% من النفط العالمي، أو في نقل النفط في الحالة القصوى المتمثلة بإغلاق محتمل لمضيق هرمز، يمكن أن يحوّل سياسة أوبك+ إلى الحد الأقصى من الإنتاج، وفي هذه الحالة، ستصبح الطاقة الإنتاجية الفائضة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت غير كافية إذا أُغلق المضيق".
وأضاف صالح يلماز، كبير محللي النفط في "بلومبيرغ إنتلجنس"، والذي شارك أيضاً في إعداد الدراسة: "سيستفيد أعضاء أوبك+ الذين لديهم طاقة فائضة، مثل روسيا وكازاخستان، حيث سيكون لديهم مجال لزيادة الإنتاج إلى أقصى حد بأسعار أعلى للتعويض عن انخفاض الإنتاج من النفط". وأضاف: "من المرجح أن تضطر الولايات المتحدة إلى الاستفادة من احتياطيها النفطي الاستراتيجي للتعويض عن بعض البراميل المفقودة والحد من التأثير في الأسعار".
وبالإضافة إلى ذلك، أشارت الدراسة إلى احتمالية تسبب الحرب المباشرة في الشرق الأوسط في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال بنسبة 35% على الأقل، إذا أدّت الحرب في منطقة الخليج، حال نشوبها، إلى تعطيل التدفقات من قطر، التي ترسل أكثر من 10 مليارات قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال عبر مضيق هرمز كل يوم".
الحرب بالوكالة: قد تختصر الطريق إلى سعر 100 دولار للنفط
وجاءت الحرب بالوكالة كثاني سيناريوهات الدراسة المحتملة، حيث تتصادم إيران وإسرائيل من خلال وكلاء مثل لبنان وسورية. ورغم أنها ستكون أقل تدميرًا من الحرب المباشرة، وفقًا للدراسة، إلا أنها قد تكلف الاقتصاد العالمي ما يصل إلى 300 مليار دولار، مع ارتفاع الأسعار نحو 10 دولارات للبرميل وتراجع ثقة المستثمرين. وقد يسبب هذا تراجع النمو العالمي بنسبة 0.3% في عام 2024، وهو ما سيكون أضعف نموّ في ثلاثة عقود (مع حذف عامي 2008 و2020).
الحرب المحدودة: قيود مفروضة على الاقتصاد والنفط
ومن الممكن أن يكون لسيناريو الحرب المحدودة، الذي يتميز بغارات جوية إسرائيلية على غزة وهجمات حماس الصاروخية، تأثير ضعيف في الاقتصاد العالمي. وتجاهلت أسعار النفط الضربات التي شنتها إيران على إسرائيل في 13 إبريل/ نيسان، ما يشير إلى أن الأسواق ترى أن تمديد الحرب المحدودة هو السيناريو الأكثر ترجيحًا. ورأت "بلومبيرغ إنتلجنس" و"بلومبيرغ إيكونوميكس" أن المخاطر المهددة لأسعار النفط تميل نحو الاتجاه الصعودي، مع تعافي الطلب وإحكام قبضة أوبك+ على العرض.
وقف إطلاق النار: انخفاض محدود لأسعار النفط في سيناريو غير محتمل
ومن المرجَّح أن يظل تأثير وقف إطلاق النار المحتمل في أسعار النفط محدودًا، حيث تبدو علاوة المخاطر الجيوسياسية الحالية ضئيلة. وفي استطلاع حديث أجرته "بلومبيرغ إنتلجنس"، قال 92% من 143 مشاركًا إن هناك علاوة مخاطر جيوسياسية أقل من 5 دولارات للبرميل تظهر في أسعار السوق حاليًا، حيث كان لهجمات البحر الأحمر تأثير محدود في الأسعار حتى الآن، وتمتلك أوبك قدرًا كبيرًا من الطاقة الفائضة (حوالى 6.8 ملايين برميل يوميًا). علاوة على ذلك، رجحت الدراسة ألّا تتغير سياسة إنتاج أوبك+ في سيناريوهات وقف إطلاق النار إذا ظل التأثير في الأسعار محدودًا.
وخلص يلماز إلى أن "حرب إسرائيل على حماس أدت حتى الآن، بعيداً عن التكلفة البشرية الباهظة، إلى تأثير اقتصادي عالمي محدود، ولكنها تظل بمثابة برميل بارود جيوسياسي، مع استمرار التصعيد الحاد الذي يشكل خطراً حقيقيًا". وأكد يلماز أن "الآثار الثانوية للصراع المتفاقم، مع الاشتباك العسكري المباشر بين إسرائيل وإيران، ستكون مدمرة تمامًا لشعوب المنطقة، مع توقعات بضخامة التكلفة البشرية والاجتماعية".
وأضاف: "الحرب المباشرة ستكون أيضًا كارثية على الأسواق العالمية. وبينما نرى أن استمرار الحرب المحدودة هو السيناريو الأكثر ترجيحًا، فإن الاستقرار الهشّ يمكن أن يتحطم بسهولة، مع احتمال أن يؤدي أي تصعيد بسيط إلى صراع أوسع نطاقًا. إن الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل هو بمثابة تذكير صارخ بخطر التصعيد الدائم".