أعلن محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، اليوم الجمعة، إمكان توصل بلاده إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تعاون مالي جديد قبل نهاية الربع الأول من سنة 2022، مؤكدا أن "تونس لا تزال قادرة على سداد ديونها الخارجية".
وأكد محافظ البنك المركزي، في مؤتمر أيام المؤسسة، أن السلطات المالية تعمل على التوصل إلى اتفاق "مقبول وقابل للتنفيذ ومستدام مع صندوق النقد الدولي سيتم إبرامه خلال الربع الأول من عام 2022".
وأضاف العباسي أن "الاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولي سيعطي إشارة إيجابية للمانحين والمستثمرين الدوليين". وقال إن تونس لن تتوجه إلى الاستدانة من "نادي باريس"، مشيرا إلى أن "هوامش المناورة لا تزال موجودة لتجنب مثل هذه الحلول، رغم التصنيفات السيادية السلبية لاقتصاد البلاد".
و"نادي باريس" مجموعة غير رسمية مكونة من مسؤولين ماليين مموّلين من 20 دولة تعدّ من أكبر الاقتصادات في العالم، وهي مجموعة تقدم خدمات مالية، مثل إعادة جدولة الديون للدول المدينة.
لكن خبراء الاقتصاد قالوا إن تونس باتت على قاب قوسين من الذهاب إلى نادي باريس، بسبب تواصل شح التمويلات الخارجية وتأخر الحلول الاقتصادية والمالية لسلطات ما بعد 25 يوليو/تموز، وعدم كشف حكومة نجلاء بودن عن ملامح قانون المالية لعام 2022 إلى حد الآن.
ويقدر إجمالي الدين التونسي بأكثر من 90% من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزا 30 مليار دولار، 60% منها ديون خارجية.
وأخيرا، بدأت تونس مفاوضات تقنية مع صندوق النقد الدولي من أجل برنامج تعاون مالي جديد لم تحدد قيمته بعد، مقابل إصلاحات اقتصادية ستنفذها حكومة نجلاء بودن.
ويواجه الاقتصاد التونسي صعوبات منذ عام 2011، حيث لم يتجاوز معدّل النمو 0.6% خلال السنوات العشر الأخيرة. كما ارتفعت نسبة التضخم إلى 6%، وزادت الأزمة الصحية تفاقم الوضع في البلاد، وحرمتها من إيراداتها السياحية.
وكشف قانون الموازنة التعديلي، الذي نشرته الحكومة أخيرا بالجريدة الرسمية، عن مراجعة شاملة لكافة المؤشرات الاقتصادية للعام الحالي، حيث توسع العجز في موازنة العام الحالي ليبلغ 9.7 مليارات دينار مقابل عجز متوقع بـ7 مليارات دينار في المشروع الرئيسي، الذي أقره البرلمان المجمدة أعماله في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. (الدولار=2.8830 دينار).
كما رفعت الحكومة مبلغ اعتمادات التعهد لنفقات الميزانية من 43.9 مليار دينار إلى 48.4 مليارا، فيما زادت موارد الاقتراض الداخلي من 5.5 مليارات دينار إلى 8.1 مليارات دينار.
تضيق تدريجيا مصادر التمويل الخارجي بالنسبة للسلطات التونسية، فيما ترتفع المطالب الاجتماعية من قبل العاطلين عن العمل والمواطنين الرافضين لظروف عيشهم الصعبة نتيجة تراجع كل الخدمات العامة.
كذلك، حذّرت تقارير دولية من أزمات تحدق بالقطاع المصرفي في تونس مع استمرار المشاكل الاقتصادية، منبهة إلى مخاطر لجوء الحكومة إلى الإصدار المكثف لأذون الخزينة ومواصلة إقراض المؤسسات الحكومية التي تزيد ديونها غير المستخلصة لدى البنوك عن 10 مليارات دولار.
وأخيراً، نشر موقع "ذي بانكر الدولي"، وهو موقع دولي متخصص في الشؤون المالية والتحاليل الاقتصادية، تقريراً حول وضعية البنوك التونسية، كشف عن أن المقرضين المحليين، ولا سيما مصارف القطاع العام، يواجهون مخاطر عالية مع وجود ما يصل إلى 15% من إجمالي أصول القطاع البنكي في أذون الخزانة والودائع لدى البنك المركزي التونسي.