أعلنت السلطات التونسية استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تعاون مالي جديد، وذلك عقب اجتماعات تمهيدية جمعت مسؤولين من الحكومة ووفد من صندوق النقد الدولي.
وجاء الإعلان الرسمي أمس السبت، في بيان للبنك المركزي التونسي، على موقعه الرسمي أكد فيه "استئناف المناقشات الفنية مع صندوق النقد الدولي"، وذلك بعد أن توقفت في الأشهر الأخيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي.
وذكر بيان للبنك أنّ "السلطات الاقتصادية والمالية التونسية ممثلة بمحافظ البنك المركزي، مروان العباسي، ووزير الاقتصاد والتخطيط، سمير سعيد، ووزيرة المالية، سهام نمصية، اجتمعوا، الخميس، عن بُعد مع وفد من صندوق النقد الدولي برئاسة جهاد أزعور، مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى".
وشارك في هذا الاجتماع، وفق البيان، كريس جيريغات، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في تونس، وجيروم فاشير، الممثل المقيم للصندوق في تونس، وحسين حسيني مدير تونس لدى صندوق النقد الدولي.
وأشار البيان إلى أنّ "هذا الاجتماع يأتي في إطار استمرار المناقشات الفنية بين ممثلي صندوق النقد الدولي والسلطات التونسية".
وتسعى تونس إلى التوصل لبرنامج جديد مع صندوق النقد، حيث بدأت محادثات منتصف مايو/أيار الماضي، بهدف الحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار، لكن المحادثات توقفت بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد.
وتناول الاجتماع، بحسب البيان، "التطورات الاقتصادية والنقدية في تونس، وكان التركيز على الإصلاحات الاقتصادية التي تتوخاها السلطات التونسية والتي يمكن أن تحظى بدعم الشركاء الدوليين، وعلى وجه الخصوص صندوق النقد الدولي".
وأضاف البيان أنّ الجانبين "اتفقا على أهمية التوجهات الاستراتيجية التي تتبناها الحكومة التونسية والتي ستتم ترجمتها جزئياً على مستوى قانون المالية لعام 2022، والقادرة على إعطاء إشارة قوية لكل من المانحين والمستثمرين التونسيين والأجانب".
وأجمع الجانبان على "أهمية إشراك جميع الأطراف الوطنية (التونسية) في تنفيذ هذه الإصلاحات".
وقبل إعلان الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز الماضي بتعليق أشغال البرلمان وإقالة الحكومة، كانت تونس قد بدأت في مايو/أيار السابق مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على تمويلات بقيمة 4 مليارات دولار، غير أن المفاوضات علّقت منذ ثلاثة أشهر قبل إعلان استئنافها رسمياً اليوم السبت.
وتحتاج تونس إلى تمويلات خارجية عاجلة من أجل سداد عجز موازنة العام الحالي وإعداد موازنة 2022، مع إقرار برنامج إصلاح اقتصادي لم تكشف حكومة نجلاء بودن بعد عن تفاصيله.
ولدى ترأسه مجلس الوزراء، طلب الرئيس سعيد من الحكومة التقشف في النفقات العامة، ودعا التونسيين إلى الانخراط في تعبئة الموارد من أجل إنقاذ البلاد من الوضع المالي الصعب .
والشهر الماضي أعلن البنك المركزي وجود نقاشات "متقدمة جداً" مع السعودية والإمارات، من أجل الحصول على موارد مالية.
جاء ذلك على لسان المدير العام للتمويل والدفوعات الخارجية في البنك، عبد الكريم لسود، الذي قال إن "التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي هو الحل الأول لإدخال إصلاحات مهمة على الاقتصاد التونسي".
لكن المسؤول في البنك المركزي التونسي لم يذكر أي تفاصيل عن المفاوضات الثنائية الجارية بين بلده والسعودية والإمارات من أجل تعبئة الموارد لفائدة ميزانية الدولة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعرب البنك المركزي عن قلقه إزاء نقص حاد في الموارد المالية الخارجية، بينما تعاني البلاد أسوأ أزمة مالية.
وعبّر البنك في بيان له عن "انشغاله بخصوص الشح الحاد في الموارد المالية الخارجية مقابل حاجات مهمة لاستكمال تمويل موازنة الدولة لسنة 2021، وهو ما يعكس تخوف المقرضين الدوليين، في ظل تراجع الترقيم (التصنيف) السيادي للبلاد".
ومنذ 25 يوليو/تموز الماضي، تعاني تونس أزمة سياسية حادة، حيث بدأ رئيس البلاد قيس سعيّد سلسلة قرارات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة نجلاء بودن.