قال مرسوم رئاسي في الجريدة الرسمية إن تونس ستصدر اكتتاباً عاماً لتغطية جزء من حاجيات ميزانية 2022، دون ذكر تفاصيل عن المبلغ المتوقع جمعه من الاكتتاب.
والاكتتاب العام أحد الاقتراض من السوق المحلية، إذ تطرح الدولة سندات محلية لآجال زمنية محددة، ويمكن المؤسسات المالية والمستثمرين والمواطنين شراؤها مقابل الحصول على نسب فائدة متفق عليها.
وسبق أن أقدمت تونس على طرح اكتتاب عام خلال العام الماضي، إذ أعلنت وزارة المالية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن الحكومة جمعت 1.8 مليار دينار (630 مليون دولار) من اكتتاب وطني في 2021، وذلك في إطار سعيها لتمويل عجز الميزانية .
للعام السابع على التوالي، تطرح السلطات سندات محلية لمواجهة مشكلة العجز في الموازنة السنوية، بعد أن كانت آخر مرة يحصل فيها ذلك خلال عام 1986 وقبل ذلك في عام 1964.
أسوأ أزمة مالية
وتواجه تونس أسوأ أزمة مالية، بينما تأمل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في إبريل/نيسان المقبل للحصول على قرض لسد العجز المالي المتفاقم، ما يتيح لها الحصول على تمويلات خارجية من شركاء آخرين أيضاً.
وكشفت وثيقة حكومية صادرة أخيراً، عن حاجة تونس إلى قروض بقيمة 103 مليارات دينار (35.9 مليار دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يتجاوز إجمالي الديون التاريخية المستحقة على الدولة، التي قدّرها تقرير حديث صادر عن وزارة المالية بنحو 102.2 مليار دينار.
وامتنع حلفاء تونس الغربيون عن إقراضها منذ تفجر أزمة سياسية إثر استحواذ الرئيس قيس سعيّد على أغلب السلطات بمقتضى إجراءات استثنائية اتخذها منذ 25 يوليو/تموز الماضي، في خطوة وصفها خصومه بأنها انقلاب، بينما اعتبر سعيّد أنها خطوة ضرورية لإنقاذ البلاد من الانهيار.
وشكلت الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها سعيد، والتي تضمنت تجميد عمل البرلمان، نقطة تحول مفصلية لبلد يعاني بالأساس من أزمات متلاحقة منذ عشر سنوات، انعكست على معيشة التونسيين في شكل غلاء الأسعار والخدمات وتعثر العديد من القطاعات الإنتاجية.
وإثر هذه الخطوة، خفضت وكالة فيتش التصنيف السيادي لتونس من (B) إلى (B سالب)، وهو ما يعني أنها بلد غير جدير بالاستثمار.
وقالت الوكالة حينها إن "الإجراءات (الاستثنائية) قد تقلّل من استعداد الشركاء الغربيين لدعم تونس، وامتداد الأزمة السياسية من شأنه أن يزيد في إرباك المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج التمويل الجديد متعدد السنوات".
تحديات اقتصادية
وتعاني تونس أصلاً من تحديات اقتصادية أذكتها جائحة فيروس كورونا بسبب السياسات الحكومية المرتبكة، نجم عنها تراجع الإيرادات وارتفاع النفقات.
وأمس الجمعة، كشفت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، عن تراجع الاستثمارات الخارجية خلال 2021، بنسبة 0.5% لتبلغ 1.87 مليار دينار، مقابل 1.88 مليار خلال العام السابق.
وعبّرت السلطات النقدية التونسية، يوم الخميس الماضي، عن مخاوفها من تداعيات تضخمية كبيرة تحدق بالبلاد بسبب التقاء عوامل داخلية وأخرى خارجية تدفع بأسعار المواد الأساسية عالياً، منبهة إلى تواصل المخاطر في غياب توافق محلي يعيد الاقتصاد إلى سكة الإصلاحات.
وجاءت التحذيرات من المخاطر التضخمية العالية في بيان البنك المركزي التونسي، عقب الاجتماع الدوري لمجلس إدارته الذي أكد مواصلة التضخم مساره التصاعدي ليقفل سنة 2021 عند مستوى 6.6%، مقابل 6.4% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، و4.9% قبل سنة.
وقدرت السلطات الرسمية وصول التضخم إلى 7% عام 2022، ما يعني ضغطاً إضافياً على قدرات المواطنين على الإنفاق، ولا سيما الطبقات الضعيفة والمتوسطة التي سحقها الغلاء على امتداد السنوات الأخيرة.